فضلت البقاء بفريق سانتوس رغم إغراءات الأندية الأوروبية مهاجم سانتوس الموهوب نيمار، أصبح يعي جيداً مخاطر الرد على أي سؤال بتلقائية وبدون تروٍّ وتفكير، وأصبح يدرك عواقب ما يقوله أياً كان. لقد تغيّر عالمه تماماً بكل ما فيه بعد هذه الأشهر القليلة. فالفرق شاسع بين صباه الذي عاشه لاعباً صاعداً يثير الحماس في البرازيل وخارجها، وبين حاضره الذي يعيشه كأفضل هداف لناديه، يبهر العيون في طول البلاد وعرضها متوجاً بلقبين برازيليين عزيزين، وينظر إليه البرازيليون باعتباره أملهم الجديد في كأس العالم 2014، وتبدي أندية مثل تشيلسي استعدادها لدفع عشرات الملايين في سبيل الانتفاع بخدماته، بل ويلفت الانتباه أيضاً بشهرته واسمه ذائع الصيت حتى قبل الالتفات لأدائه كرياضي. فمهاراته التي تخطف الأبصار وأهدافه الثلاثة والأربعون التي سجلها في ثلاث وخمسين مباراة منحته شهرة ونجاحاً لا حدود لهما، ولكن مع الشهرة والنجاح جاءت أيضاً قائمة طويلة من المشكلات والمعضلات التي أثارت جدلاً واسعاً، وعلى رأسها استقالة المدرب دوريفال جونيور في أعقاب خلاف بينه وبين اللاعب. كل هذا عاشه نيمار في عام 2010. هذا العام الذي يصفه هو نفسه بأنه عام «لا ينسى»، ويحاول أن يفسر لنا ما خفي علينا فيه في حديث حصري أجراه معه موقع «فيفا.كوم عربي» * هل تعتبر هذه السنة سنة فاصلة في مسيرتك الكروية؟ - أعتقد ذلك. كانت سنة عشت فيها أفراحاً كثيرة، ولم أعد بعدها نيمار الذي عرفه الناس في الموسم السابق، والذي كان مجرد لاعب صاعد واعد ينتظر فرصته، بل تحول هذا الوعد إلى حقيقة. * ما هو التطور الأساسي الذي طرأ على أدائك داخل أرض الملعب في عام 2010؟ - أعتقد أنني تطورت على كافة المستويات: من حيث أسلوب اللعب، والقوة، لقد استطعت في عام 2010 أن أنمي الإمكانيات التي كنت أتمتع بها في 2009، وقد انعكس ذلك في عدد الأهداف التي سجلتها على سبيل المثال. * وخارج أرض الملعب؟ - لقد مررت هذا العام بتجارب عديدة ساعدتني كثيراً، ليس فقط على أرض الملعب، بل خارجها أيضاً. ولذلك أعتقد أنه كان عاماً غير عادي في حياتي، لن أنساه أبداً. تعلمت الكثير واستطعت أن أجعل من نفسي نيمار الذي ترونه الآن. * ما هي التجارب التي ساعدتك أكثر؟ - لقد عشت لحظات عسيرة، وهي لحظات تساعدنا دائماً أكثر مما تفعل لحظات النصر والفرحة. وأذكر واقعة دوريفال، على سبيل المثال: كانت تجربة انتهت نهاية رائعة، وتعلمت منها كثيراً، وآمل ألا تتكرر مطلقاً. * هل تعتقد أنك أصبحت شخصاً أفضل بعد ذلك؟ - لا أعتقد أنني شخص أفضل، لا أعتقد أنني تغيرت، ما زلت كما أنا، كل ما حدث هو أنني تعلمت المزيد من الأشياء. وقد جعلني هذا الآن أكثر استعداداً، لا لمواجهة مثل هذه المواقف فحسب، بل أيضاً لمواجهة كل ما في الحياة. * وماذا عن ترددك بين قبول عرض اللعب مع تشيلسي ورفضه؟ - كانت تلك أيضاً تجربة طيبة بالنسبة لي، أن أقول لا لأوروبا وأختار البقاء مع سانتوس. لا أعتقد أنه قرار سهل. كان صعباً. كان من الصعب اتخاذه، ولكني لست نادماً. أعتقد أنني اتخذت القرار الصحيح، فأنا الآن مع أسرتي، وأنا سعيد جداً بذلك. * هل تعتقد أن قرارك هذا يمكن أن يكون مثالاً يقتدي به لاعبون شباب آخرون ممن يجدون أنفسهم في موقف مماثل؟ - أعتقد ذلك. ربما يكون مثالاً يقتدي به الصغار، ويشعرون بقيمة البقاء لوقت أطول في أحد الأندية البرازيلية. * لقد أشرت لتطورك بدنياً هذا العام، فما هو نوع العمل الذي قمت به؟ - لقد كنا نؤدي تمارين العضلات بالفعل منذ فترة من الوقت، في الأكاديمية، هنا في سانتوس. وهكذا اكتسبت مزيداً من القوة ونمت بنيتي الجسدية بمرور الوقت، وزاد وزني أيضاً هذا العام مقارنة بالعام الماضي. ومن الضروري أن نؤدي هذا العمل بحرص، لكي لا نفقد السرعة، وإن كنت لا أعتقد أن ذلك يحدث، لأن بنيتي الجسدية نحيلة بشيء من الاعتدال. * كان روبينيو -الذي يشبه أسلوبه أسلوبك- مثلاً يحتذى عندما كنت أنت في صفوف الناشئين وكان هو في يلعب في الفريق الأول لنادي سانتوس، فهل يمكننا الآن أن نقول بأنك تحتل نفس المكانة في نظر الناشئين؟ - (يضحك) هذا شيء رائع، أليس كذلك؟ لقد تغيّر دوري تماماً: كان روبينيو هو مثلي الأعلى، والآن أعتقد أنني أنا المثل الأعلى في نظر لاعبي الفئات العمرية الصغرى. يسعدني كثيراً أن يكون هناك من يتابعني، وأن يكون هناك من يعاملني باعتباري مثلاً أعلى، هذا يشعرني بالنشوة ويملؤني فخراً. إنه حلم كنت أتمنى أن يتحقق، وبفضل الله نجحت بكثير من العمل. * ولكنك ما زلت تتوقع أن تحقق المزيد لتكبر كلاعب؟ - بالتأكيد، خاصة نظراً لسني الصغيرة. إن المرء يتعلم أكثر كل يوم، كلاعب كرة قدم وكإنسان. * إذن والحال كذلك، كيف تلقيت تصريح موريسي راماليو -وهو مدرب معروف بأنه يطالب لاعبيه بالكثير دائماً- الذي قال فيه إنك لاعب يستحيل إخضاعه للرقابة، وإنك أفضل لاعب في البرازيل؟ - يا إلهي! إنني لا أستطيع حتى أن أعبر عما أشعر به لدى سماعي شيئاً مماثلاً من شخص مثل موريسي، هذا المدرب العظيم صاحب الإنجازات والذي لعب مع كل هؤلاء اللاعبين العظام. لا أعرف حتى ماذا أقول عن ذلك. إنه حلم كنت أتمناه، وأشعر بالسعادة لسماع أشخاص مثله يقولون كل ذلك عني. * كان سانتوس في النصف الأول من الموسم يلعب بطريقة هجومية جداً، حيث كنت أنت وروبينيو وأندريه تلعبون في المقدمة. ولذلك كنت تساعد أنت في وسط الملعب عندما يفقد الفريق الكرة، وهو شيء من النادر أن نرى مهاجماً صغيراً في السن يفعله. أين تعلمت أهمية ذلك؟ - حسناً، الأمر هو أن تلك الخطة التي كنا نلعب بها كانت تحتاج إلى ذلك، وكنت أنا وروبينيو أيضاً سعيدين باللعب في المقدمة والتراجع إلى وسط الملعب لمساعدة المدافعين، كما يحدث الآن مع المنتخب. كنا كلنا ندافع، وعند الهجوم -وبفضل سرعة فريقنا الكبيرة- كنا نتمكن من تجاوز لاعبي الفريق المنافس وصناعة فرص التهديف. * لقد دخلت في حسابات مانو مينيزيس فيما يتعلق بالمنتخب الأول، ولكنك الآن تواجه تحدياً آخر مع منتخب تحت 20 سنة، في بطولة أمريكا الجنوبية تحت 20 سنة. فماذا يدفعك للعب بطولة خاصة بالفئات العمرية الصغرى بعد أن حققت كل هذا النجاح في عالم الاحتراف؟ - الدافع يجب أن يكون نفس الدافع دائماً، فنحن في النهاية نتحدث عن اللعب بقميص المنتخب البرازيلي، وهكذا لا يهم مع أي فريق «تحت 15 سنة أو تحت 17 سنة أو تحت 20 سنة» فكلها منتخبات البرازيل، وعندما يرتدي اللاعب ذلك القميص يجب أن يحترمه ويشعر بفخر تمثيل بلاده. إنني أرغب حقاً في اللعب مع منتخب تحت 20 سنة. * هل السبب في ذلك أيضاً هو أن البطولة ستكون هي بوابة التأهل للألعاب الأوليمبية؟ - بالتأكيد، هذا سبب آخر. ما زلت أتذكر عندما كنت أشاهد الألعاب الأوليمبية عبر شاشة التلفاز منذ عهد ليس ببعيد، والآن سيكون من الرائع أن أحظى بفرصة قيادة البرازيل إلى إحدى البطولات الأوليمبية. سيكون شيئاً رائعاً أن أبدأ مسيرتي بميدالية. * كان نيمار مثار كثير من الأحاديث في البرازيل هذا العام، وذلك يتسبب في ضغط هائل. هل تشعر بأن كثيراً من الناس أحياناً، عندما يحكمون على أدائك في كرة القدم وعلى ردود أفعالك، ينسون أنك لم تتجاوز بعد الثامنة عشرة من العمر؟ - لا، لا.. لا أعتقد. إن الأمور تسير على ما يرام، وأنا أتعايش جيداً، إنني أتعايش جيداً مع كل ما يحدث. لقد تعودت رغم صغر سني. هذه هي طبيعة كرة القدم، وليس بيدنا شيء حيال ذلك، إن كرة القدم والضغط لا يفترقان. يجب على كل لاعب أن يواجه الأمر، وأنا لا أمثل استثناء لذلك. إنني أتدبر أمري جيداً. * شهد عام 2010 أيضاً هدفاً سجلته أنت ودخل ضمن الأهداف المرشحة لجائزة بوشكاش التي يقدمها لأجمل هدف في السنة. هل تعتقد أن هذا الهدف كان أجمل أهدافك هذا العام؟ - هناك أيضاً ذلك الهدف الذي سجلته في مرمى نافيراينسي، ولكني أعتقد -بحكم طبيعة تلك المباراة- أن هدفي في مرمى سانتو أندريه هو حقاً أجمل هدف سجلته هذا العام. ويسعدني كثيراً أن يكون هدفي ضمن الأهداف المرشحة. وأنتهز الفرصة أيضاً لأشكر من قرروا اختياره. فأنا أعتقد أنه من أجمل الأهداف التي سجلتها على الإطلاق.