خلال حفل استقبال رئيس الجمهورية القبرصية للوفود الأجنبية المشاركة في هذا المؤتمر سلمه أناس الدكالي رسالة خطية موجهة من الأمين العام للحزب محمد نبيل بنعبد الله هذا نصها: إلىالسيد رئيس جمهورية قبرص الرفيق ديميتري كريستوفياس يشرفني باسمي الخاص ونيابة عن الديوان السياسي واللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية أن أتقدم لكم بخالص الشكر والاعتبار على دعوتكم الكريمة لحضور انعقاد المؤتمر الواحد والعشرين لحزب العمال التقدمي القبرصي الشقيق. وبهذه المناسبة نتقدم لكم من خلال ممثلنا الرفيق أناس الدكالي عضو الديوان السياسي للحزب والرفيقة رجاء حباد عضوة اللجنة المركزية، بأصدق متمنياتنا لكم بالنجاح والتوفيق في أشغال مؤتمركم بما سيعزز الصف التقدمي العالمي ويقوي جبهة اليسار في مواجهة كل أشكال الهيمنة الامبريالية والليبرالية الجديدة في أفق بناء مجتمع التقدم والعدالة الاجتماعية، واستشراف نظام عالمي جديد قوامه التضامن بين الشعوب من منطلق التعاون والتكامل الاقتصادي، السياسي، الثقافي والبيئي، وبالتالي التهيئ لبناء المجتمع الاشتراكي المتجدد. السيد الرئيس المحترم، اسمحوا لي بالمناسبة ذاتها إن أطلعكم ومن خلالكم قيادة حزب العمال التقدمي القبرصي الشقيق بأن المؤتمر الوطني الثامن لحزب التقدم والاشتراكية المنعقد في أواخر شهر ماي 2010 تحت شعار «جيل جديد من الإصلاحات لمغرب الديمقراطية» قد التأم في أجواء نضالية رائعة على المستويات السياسية والتنظيمية والفكرية والتواصلية، مسجلا بذلك لحظة متميزة في الزمن السياسي المغربي عموما وفي مسار قوى اليسار عل وجه التحديد. كما أن نتائج أشغاله قد عكست بشكل كبير تطلعات المناضلات والمناضلين في التجديد والوحدة والتحديث والانفتاح على المستقبل بكل ثقة واطمئنان. كل ذلك قد بوأته القيمة الفكرية والرؤية السياسية الضرورية والمنهجية التنظيمية والنضالية التحديثية، نبراسا لنا جميعا في القادم من أعمالنا التنظيمية ومعاركنا السياسية، إلى غاية المؤتمر الوطني التاسع، مرورا بالانتخابات العامة لسنة 2012. وقد تمكن المؤتمر الوطني من تحقيق إجماع فعلي على التوجهات العامة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنظيمية، وانتخب اللجنة المركزية للحزب التي انتخبت بدورها أمينا عاما جديدا وديوانا سياسيا. الرفيق الرئيس المحترم، إن قرار مشاركة حزب التقدم والاشتراكية في تدبير الشأن العمومي تبلور منذ بداية التسعينيات، باعتباره شكل دوما قوة دفع إيجابي من أجل التغيير ومستوعبا لتطلعات الشعب المغربي ومؤطرا لنضالاته الجماهيرية وعلى رأسها الشغيلة المغربية بكل مكوناتها القطاعية والسوسيو اقتصادية. وقد ظل الحزب مساهما فعالا متحملا لمسؤولياته، خلال مختلف محطات تجربة التناوب التوافقي التي انطلقت منذ سنة 1998، إلى جانب حلفائه في الصف اليساري والديمقراطي والوطني، في تعزيز المسار الإصلاحي للبلاد. إن تجربة رفاقنا في تسيير الشأن العمومي، بما عهد في مناضلي حزب التقدم والاشتراكية من جدية ونزاهة واستقامة، قد أثمرت على العموم نتائج إيجابية، ورصيدا مشرفا، في مختلف القطاعات التي أسندت مهمة تدبيرها إليهم. وهي ذات التجربة السياسية التي حقق المغرب خلالها تقدما مهما في تدبير ملف قضية وحدتنا الترابية، وفي الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإن كانت لا تزال هناك نقائص ينبغي تجاوزها، ومتطلبات أساسية ينبغي مباشرتها بنفس القوة والروح التوافقية التي نقلت المغرب من عهد إلى عهد ومن زمن سياسي متأخر إلى مرحلة التناوب والتحول الديمقراطي متعدد الأوجه. مما مكن المغرب، في هذه المرحلة التاريخية الدقيقة، من ضمان استقرار المؤسسات السياسية والدستورية، والمضي قدما في اتجاه إصلاحات تحديثية. وإذا كان طموحكم النبيل والمشروع منذ وصول حزب العمال القبرصي الشقيق إلى سدة الحكم متمثلا في توحيد شقي القطر القبرصي العزيز، فإن قضية الصحراء المغربية بالنسبة لحزبنا ومعه كل القوى السياسية المغربية بمختلف أطيافها السياسية، قضية مركزية وفي مقدمة أولويات البلاد . لقد ناضل المغاربة عبر سنوات وأجيال في سبيل مقاومة الاستعمار وصيانة الوحدة الترابية للوطن، وقد بذلوا في ذالك شأنهم شأن كل المجتمعات الحرة الغالي والنفيس. وبعد استرجاع أقاليمه الجنوبية سلميا عبر تنظيم المسيرة الخضراء سنة 1975، ومواصلة العمل السياسي والدبلوماسي الشجاع والرصين على الساحة الدولية، تمكن المغرب من كسب التجاوب والتفهم الواسعين من لدن المجتمع الدولي وكل القوي المنادية بالشرعية الدولية، بشأن إيجاد تسوية سليمة عقلانية ونهائية للنزاع المفتعل إبان الحرب الباردة حول الصحراء الغربية المغربية، وذلك عبر مقترحه الشجاع، القاضي بتخويل أقاليمنا الجنوبية الغربية حكما ذاتيا موسعا، في إطار السيادة المغربية، وهو الشيء الذي مأزق أطروحة الانفصال وخلق تصدعات بينة في صفوف دعاته ومؤازريه في الجوار المغربي. ولقد تأكد المجتمع الدولي من استحالة إجراء الاستفتاء، انطلاقا من اقتناع راسخ بأن الحل السياسي العقلاني والديمقراطي هو الوحيد القابل للإنجاز، والكفيل بتأمين مخرج مشرف لجميع الأطراف، وبالتالي خلق الشروط الموضوعية للتكامل والاندماج الاقتصادي بين بلدان المغرب الكبير، وفي تجاوب وتبادل حضاري بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط بما يعزز التنمية المستدامة والرفاه لشعوبها صونا للمستقبل وتجنيبا لبلدان المنطقة المغاربية من مخاطر الاضطرابات وزعزعة الاستقرار. لكن خصوم وحدتنا الترابية، وعوض الانخراط في دينامية هذه المبادرة، بحسن نية، نحو حل سياسي قابل للتطبيق، وفقا لقرارات مجلس الأمن التابع لهيئة الأممالمتحدة وتطلعات المنتظم الدولي، فإنهم يصرون على معاكسة هذا المسعى محاولين استغلال حالات مزعومة لحقوق الإنسان في الأقاليم الجنوبية الغربية للمغرب، من أجل عرقلة مفاوضات التسوية. السيد الرئيس المحترم، إننا في حزب التقدم والاشتراكية إذ نتطلع لآفاق أوسع للتعاون والتشاور والعمل المشترك معكم ومع حزبكم المناضل والعتيد، الحزب العمالي التقدمي، في كل المجالات ذات الاهتمام المشترك بما يعزز قيم الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية في بعدها الأممي والوطني، نجدد لكم أصدق عبارات التقدير والاعتبار، ومتمنين لأشغال مؤتمركم الحادي والعشرين موصول التقدم وكامل التوفيق والنجاح.