كان من المرتقب أن تكرس الإعلامية شميشة، حلقات برنامج الطبخ «شهيوات» خلال عيد الأضحى، لتقديم وصفات حول الوجبات التي يعتبر فيها اللحم، المادة الرئيسية، غير أن صاحبة الشهيوات التي تبث بالقناة الثانية للتلفزة المغربية، ارتأت أن تقدم وصفات خاصة بالحلويات. صحيح أنه خلال هذا العيد الكبير، يمكن لبعض التقاليد الأسرية أن تقوم بإعداد الحلوى، لكن اليوم كان يوم عيد الأضحى، أي أن الوجبات الأساسية هي مكونة بصفة خاصة من اللحم (الخروف، الماعز، البقر..)، ونحن نعلم أن هناك وصفات عديدة وكثيرة لصناعة وجبات من كل نوع من أنواع هذه اللحوم. ارتأت شميشة أن تقدم وصفة حول حلوى الأناناس. ما علاقة الأناناس بعيد الأضحى؟ سؤال يمكن لأي مشاهد بسيط أن يطرحه. لم تفسر لنا شميشة، هذه العلاقة، هي التي اعتادت أو عودت مشاهديها، على أن تثير انتباهنا إلى الجزئيات والتفاصيل الصغيرة، سواء ما تعلق الأمر بإنجاز الوجبة الغذائية، أو فوائدها الطبية، فضلا عن بعض الأمور التي لها صلة بتراثنا الشعبي، خصوصا عندما تنتقل إلى البوادي وإلى المناطق النائية من وطننا العزيز، لتكليف إحدى ربات البيوت بتقديم وصفات الطبخ بنفسها. يمكن لبعض الظرفاء أن يعلق على إصرار شميشة على تقديم وصفة حلوى الأناناس في يوم عيد الأضحى، في كونها، بكل بساطة، اشتهت هذا النوع من الوجبات، علما بأنه عند انتهاء التصوير، تقوم بتناول تلك الوجبة، بالصحة والراحة، طبعا برفقة الطاقم التقني للبرنامج؛ فقد اعترفت بذلك بنفسها، حين وجه إليها السؤال إن كانت تأكل وجباتها المصورة. ولكي لا يحسدها أحد على ذلك، بادرت إلى التوضيح أنها تقتسمها مع طاقم يتألف من عدد كبير من الأفراد. لقد عمر هذا البرنامج،وكان من المفروض أن يتجدد، وإلا فإن عمره الافتراضي سيحكم عليه بالنهاية. ألم ينتبه إلى ذلك المرحوم عبدالرحيم بركاش الذي تعتبره شميشة أستاذها ونموذجها المثالي، وعلى يديه تعلمت أسرار مهنة برامج الطبخ التلفزيونية، ألم ينتبه بركاش إلى خطورة الموت التي يمكن أن تهدد برنامجه التلفزيوني حول الطبخ، إن لم يجدده؛ فحرص بالفعل على أن يدخل عليه تعديلات بكيفية مستمرة، بل إنه غامر بتغيير عنوانه دفعة واحدة، رغم شهرة العنوان وحساسيته، بالنظر لاحتلاله موقعا في ذاكرة المتلقين، حيث استبدل «وليمة» ب»مائدة». غير أن هناك ما هو أغرب من إعداد حلوى الأناناس في عيد الأضحى، وقد سجله برنامج الشهيوات نفسه، حيث قررت صاحبته، للا شميشة، أمام استغراب المشاهدين، أن تستهل إحدى حلقاتها أو أكثر من حلقة، بشريط غنائي من نوع «فيديو كليب»، يمدحها ويمدح برنامجها الخالد، وهو من أداء فرقة شابة مختصة في أداء فن عبيدات الرمى. وبصرف النظر عن القيمة الفنية لهذا الشريط الغنائي المصور، هل كان يجب أن يفرض على المشاهد، هو الذي لم يكن يهمه غير متابعة وصفة الطبخ المقترحة، ولم يكن ينتظر غير ذلك، في وقته المحدد؟ هذه البرمجة لعبيدات الرمى وهي تتغزل في شميشة دون سابق إنذار، والتي تم إقحامها في برنامج الشهيوات، بل تم استهلاله بها، كان من المفروض أن يخصص لها، حيز ضمن خريطة برامج التلفزة، بكيفية مستقلة عن برنامج شميشة، مع تحديد توقيت بثه، لكن أن يتم استغفال المشاهد وفرضها عليه، دون تقدير لوقته الثمين؛ فهذا أمر لا يقبله الذوق. نستعمل «الذوق» هنا، ما دام الأمر يتعلق دائما، ببرنامج يعتمد بصفة أساسية على حاسة الذوق، وإن كانت تأكل قبل الفم.