الرجال معنيون تشرع وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن اليوم الخميس في إطلاق الحملة الوطنية الثامنة لمناهضة العنف ضد النساء ، وذلك تزامنا مع إحياء المجتمع الدولي لليوم العالمي لمناهضة الظاهرة والذي يصادف تاريخ 25 نونبر من كل عام، ويتمحور موضوع حملة هذه السنة حول «إشراك الرجال في مناهضة العنف الممارس في حق النساء»، على اعتبار أن الظاهرة تمس المجتمع بكل مكوناته ولا تخص المرأة فقط. ويبدو من خلال إطلاق هذه الحملة في طبعتها الثامنة، والتي تتم بتشارك بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني، أن المغرب تمكن من تحطيم جدار الصمت الذي كان يلف ظاهرة العنف المسلط على النساء خاصة داخل البيوت، والعمل من أجل إقرار مخطط عمل لمواجهة الظاهرة التي ترتفع نسبة ضحاياها سنة بعد أخرى، توج بإعلان الحكومة قبل سنة على لسان نزهة الصقلي وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن عن الإرادة السياسية لمحاربة العنف المسلط على النساء باعتباره ظاهرة اجتماعية تشكل انتهاكا للحقوق الإنسانية للنساء والحريات الأساسية، والتي لها عواقب وآثار وخيمة على السلامة الجسدية والنفسية النساء والفتيات بل وعلى المجتمع برمته. وسبق لنزهة الصقلي أن أكدت أن وزارتها أعدت مشروع قانون لمحاربة العنف الزوجي يوجد اليوم لدى الأمانة العامة للحكومة، كما تم إطلاق أول بحث وطني حول العنف ضد النساء والفتيات بشراكة بين المندوبية السامية للتخطيط ووزارة التمنية الاجتماعية والأسرة والتضامن، والذي سيعلن عن نتائجه خلال هذه الحملة. هذا فضلا عن بلورة استراتيجية وطنية لمواجهة العنف الممارس في حق النساء، والتي تم في إطارها إقرار برنامج «تمكين» لمكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي، وهو برنامج يهم عددا من القطاعات الحكومية. وأفادت فاطمة المغناوي عضو اتحاد العمل النسائي في تصريح لبيان اليوم، أن ظاهرة العنف ضد النساء ما فتئت تتوسع، مؤكدة على استعجالية إخراج قانون لمناهضة العنف ضد النساء وإخراجه إلى حيز الوجود، خاصة وأن القوانين المتوفرة سواء منها القانون الجنائي أومدونة الشغل أو مدونة الأسرة لم تتمكن مقتضياتها من توفير الحماية الكافية للنساء ضحايا هذه الظاهرة. وأبدت المتحدثة معارضتها للقانون الذي أعلنت عنه الوزارة لكونه يخص العنف الزوجي فقط، داعية إلى «ضرورة إقرار قانون يضمن الوقاية والحماية والعقاب، كما هو معمول به في عدد من التجارب المقارنة، كإسبانيا، مثلا، التي أقرت قانونا يخص جميع أشكال العنف الموجه ضد النساء».وأوضحت المغناوي أنه «في حالة إقرار مشروع القانون في صيغته الحالية، فإن جرائم التحرش الجنسي والطرد من بيت الزوجية والعنف الممارس على الخادمات في البيوت والأمهات العازبات ستبقى خارج أي عقاب»، مبرزة أن الآراء التي تقول أن العقاب سيثير العديد من المشاكل لا أساس لها من الصحة، فالعقاب يبقى غير كافٍ، لكن يجب أن يتم إنزاله على المعتدين أيا كانوا. وألحت على ضرورة تحمل الدولة وكذا الجماعات المحلية لمسؤوليتها في إيواء الضحايا من النساء والأطفال، وتقديم الدعم المالي الكافي لهيئات المجتمع المدني التي تتوفر على مراكز إيواء لهؤلاء الضحايا اللواتي يصبحن في الكثير من الأحيان عرضة للشارع في حالة عدم توفر هذه المراكز حيث أن أكثر من 70 في المائة من الضحايا التي استقبلها مركز النجدة على مستوى الدارالبيضاء يوجدون في هذه الوضعية. ومن جانبها اعتبرت فوزية العسولي رئيسة الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة في تصريح للجريدة، أن قانون مناهضة العنف ضد النساء الذي أعلنت عنه الوزارة تأخر كثيرا ليخرج إلى حيز الوجود، مؤكدة على ضرورة إقرار شامل لحماية النساء من العنف المبني على النوع الاجتماعي في الفضاء العام والخاص، ووضع مقتضيات زجرية تضمن الوقاية وعدم الإفلات من العقاب، على أن تخصص له ميزانية ويتم توفير آليات متعددة للتدخل لمواجهة الظاهرة. ودعت الحكومة إلى جعل الحملة الوطنية لمناهضة العنف ضد النساء هذه السنة مناسبة للإعلان عن حجم خطورة الظاهرة لكونها تمس المجتمع برمته وبالصحة الجسدية والنفسية للنساء والأطفال ضحايا الظاهرة. وشددت العسولي على ضرورة إقرار مقاربة جديدة تتأسس أعمدتها على التربية والقانون والإعلام، مشيرة في هذا الصدد إلى المتابعة الإعلامية لعدد من جرائم العنف التي تقترف في حق النساء والتي تقدم المرأة مذنبة وليس ضحية، وأشارت في هذا الصدد إلى التغطية الإعلامية لجريمة قتل فتاة بالقنيطرة والتي من خلال العناوين المستعملة تعد قتلا آخر للضحية وتبريرا لجرائم القتل. هذا وبمناسبة إطلاق الحملة الثامنة لمناهضة العنف ضد النساء ستعقد نزهة الصقلي، وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، بمعية أحمد لحليمي، المندوب السامي للتخطيط، لقاء تواصليا يومه الخميس بالرباط، ستعطى خلاله الانطلاقة الرسمية للحملة، وسيكون هذا اللقاء مناسبة لتقديم برنامج الأنشطة المنظمة وطنيا ومحليا في إطار هذه الحملة. كما ستقدم الوزيرة حصيلة البرامج والمنجزات الحكومية في مجال محاربة العنف ضد النساء. وستكون الندوة فرصة أيضا لعرض النتائج الأولية للدراسة التشخيصية حول ظاهرة العنف ضد النساء، والتي أعدتها المندوبية السامية للتخطيط في إطار برنامج «تمكين»، بتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن ومختلف شركاء البرنامج. وتتميز حملة هذه السنة بتنظيم العديد من الأنشطة التحسيسية بمختلف جهات المملكة، بشراكة مع مجموعة من الجمعيات العاملة في المجال، وهي أنشطة تستهدف بالأساس فتح لقاءات ونقاشات محلية وتوسيع برامج التحسيس حول الظاهرة، مع التركيز على حشد انضمام ومشاركة الرجال في برامج محاربة العنف ضد النساء.