كان مركز الاهتمام سابقا ينصب على الرياضة المدرسية باعتبارها النواة والمدرسة التي تنتج على الدوام وفي شتى الأنواع الرياضية، لكن ملفها ومنذ سنوات أصبح ساخنا، فبمجرد الغوص فيه، معناه إدرام النار في كومة تبن. فالمدرسة بصفة عامة، معقل لتكوين الطفل رياضيا، وهي المساحة الحقيقية التي يتعرف خلالها الناشئ على أصول بعض الرياضات، المدرسة مخول لها صلاحيات كبيرة، ولماذا زاغت عن الرسالة المرسومة لها؟ من المسؤول عن الحالة المزرية التي تعاني منها الرياضة بصفة شاملة؟ مجموعة تساؤلات تطرح منذ مدة، وكل الاقتراحات والآراء والأفكار تصب في كون المدرسة ظلت خلال عقود تنتج الخلف وتعطي أبطالا بزغ نجمهم من جل الرياضات، إلى أن تخلت عن وظيفتها خلال العقدين الأخيرين. ومن الأسباب التي أدت إلى تراجعها نذكر ما يلي: - انعدام العديد من الرياضات. إذا ما تطرقنا إلى نوعية التربية البدنية، فإننا نأسف جدا أن نجد بعض الرياضات منعدمة داخل المدارس كالريگبي والتنس والسباحة وكرة القدم، كما أن بعض الرياضات تشق طريقها نحو التلاشي والضياع ككرة اليد وكرة السلة وبعض أنواع ألعاب القوى وكذا الجمباز، وهي رياضات عشنا معها لحظات إمتاع وشهرة خلال زمن سالف، حيث ظلت تعطي الخلف للأبطال موسما بعد آخر واللائحة يطول ذكرها، ففي الحقيقة هناك أسئلة عديدة تطرح نفسها في كل تظاهرة ومناسبة اعتمادا على الحصيلة الرقمية في الدورات الرياضية ولاسيما حين تطلعنا أقطار أخرى حتى بعض الجيران أن أبطالها تكونوا في مدارس. فقد أصبحت الرياضة المدرسية في حالة صحية متدهورة، واستئصال دائها أصبح مع الأسف مستعصيا، ولعل تراجع عدد كبير من الرياضات وطنيا وعلى صعيد المنتخبات والنوادي سببه الرئيسي عدم الاعتناء بالمزرعة وعدم فتح المجال أمام الموهوبين الصغار المتواجدين في جل المدارس وبأعداد هائلة ذكورا وإناثا وحتى لايتهم البعض تحمل المسؤولية بكل موضوعية لوزارتي الشبيبة والرياضة والتربية الوطنية التي غيبت الاهتمام بهذا الجانب الحيوي لعودة رياضتنا إلى توهجها المفقود. - هزالة التجهيز. معظم المؤسسات التربوية المدارس والثانويات الاعدادية والتأهيلية، وحتى المشيدة حديثا لاتتمتع بوجود ملاعب لمزاولة الرياضة، وحتى وإن وجدت فإنها غير متوفرة على التجهيزات الأساسية من أرضية صالحة لمزاولة الرياضات، ومستودعات لتغيير الملابس، وأنابيب ماء، وقس على ذلك ماشئت، وغياب التجهيز يشكل القشة التي قصمت ظهر البعير، فكيف يعقل أن نشجع الصغار والصغيرات والفتيان والفتيات على ممارسة الرياضة، ولانهيئ لهم الظروف الملائمة والمواتية؟ لقد أصبحنا نلاحظ وللأسف الشديد أن هناك تلاميذ وتلميذات يزاولون مادة التربية البدنية في الساعة الأولى من الثامنة إلى التاسعة صباحا وينصرفون إلى قاعة الدرس دون أن يغسلوا أطرافهم ويغيروا بدلهم الرياضية. إن المصلحة العامة تقتضي حضور التنسيق بين وزارة الشبيبة والرياضة والتربية الوطنية وغياب التنسيق بين الوزارتين نقرأه في غياب التنظيمات الهادفة التي من شأنها أن يفسح المجال للطاقات الواعدة، فتنظيم التظاهرات الموسمية والسنوية المعروفة بالألعاب المدرسية غير كافية، لأن الرياضة استمرارية، غياب يحول دون فسح المجال للبراعم الناشئة التي تعج بها المؤسسات التعليمية على امتداد ربوع الوطن والسبب واضح هو أن أغلب مناديب هتين الوزارتين الوصيتين لايهتمون بقطاع الرياضة. ختاما ندرك بأن الرياضة المدرسية مهددة بأخطار عدة، وتداركها الآن وقبل أي وقت مضى من شأنه أن يفسح المجال للوجوه المغلوبة على أمرها، والتي بإمكانها أن تزرع دما جديدا داخل الأندية الوطنية من جهة، وفي صفوف المنتخبات الوطنية التي دبت إليها الشيخوخة وعششت بداخلها المحسوبية، وكذا التسيير المهترئ. نتمنى أن يستفيق المسؤولون من سباتهم العميق ويدركوا أن ازدهار وتطور الرياضة يكمن في الاهتمام بالرياضة المدرسية.