شبهت بعض وسائل الإعلام المحلية بوجدة المشاهد المتكررة بجرادة بروايات إميل زولا التي تدور أحداثها في مناجم فرنسا في القرن التاسع عشر، وأساسا برواية جرمينال، مع فارق بسيط هو أن جرمينال جرادة لا يجد من ينقل صرخته إلى المجتمع المغربي. صبيحة يوم الثلاثاء 9 نوفمبر سقط ضحية جديد بمناجم الفحم بجرادة بعد سقوط البئر التي كان يعمل بها بمنطقة حاسي بلال، حوالي كلمتر عن مركز المدينة. وقد لقي المسمى احميداي لخضر البالغ من العمر زهاء 32 عاما حتفه على الفور فيما نقل اثنين من رفاقه إلى المستشفى الإقليمي بجرادة. وقال شهود عيان أن جثمان الضحية ظل تحت الأنقاض لساعات لأن مصالح الوقاية لم تستطع إخراجه متذرعة بغياب الإمكانات. وقد تعاون رفاقه فأخرجوه جثة هامدة، ثم حملوه على الأكتاف ليطوفوا به شوارع المدينة. ورغم محاولة قوات الأمن المستقدمة من وجدة محاصرتهم واصل المحتجون ترديد الشعارات المنددة بالاستغلال والقمع وغياب المسؤولية إلى أن وصلوا مستودع الأموات. وذكرت وسائل الإعلام المحلية أن الاحتجاجات والتظاهرات المساندة للمطالب العمالية والمنددة بتجاوزات مافيا الفحم بشوارع المدينة تواصلت، وانتقلت إلى المؤسسات التعليمية حيث شهدت بعض الثانويات تظاهرات سلمية. وكان عامل الإقليم قد التزم بوضع حد للاستغلال الذي يتعرض المنجميون له على يد ما يسمى هناك بالمنطقة بمافيا الفحم، لكن لم يظهر أي حل، حيث يستمر سقوط الضحايا. وتعزى حوادث الشغل المتكررة، التي خلفت مؤخرا ثلاثة ضحايا، إلى غياب وسائل السلامة الواجب توفيرها لتفادي الانهيارات الأرضية والاحتماء من آثار انبعاث الغازات بأغوار آبار الفحم الحجري العميقة. ويعتمد عمال الفحم على وسائل بدائية من أجل إسناد الطبقات الصخرية الثقيلة (كقطع أشجار الغابة المجاورة واستعمالها) أما الغازات الخانقة فتؤدي إما إلى الموت المستعجل أو الموت البطيء. وأجمعت وسائل إعلام محلية أن عمال الفحم لا يستفيدون لا من تغطية صحية ولا تعويض عن حوادث الشغل رغم الاستغلال البشع الذي يتعرضون إليه، وبفضله يجني تجار الفحم الحجري أرباحا خيالية نظرا لرواجه بكل أنحاء المغرب. ويتساءل المتتبعون عن دور والي الجهة الشرقية وعامل إقليم جرادة ومدير وكالة تنمية الأقاليم الشرقية ورئيس الجهة الشرقية، وعن باقي من يعنيهم فرض احترام مقتضيات القانون. من جهتهم يتطلع أبناء وأسر العمال في مدينة الفحم إنصاف الضحايا، وإلى حماية آبائهم و أبنائهم ، كما يحذرون من مخاطر آبار الموت التي تعرف تزايدا مضطردا، والأخطر هو أن عمقها يتجاوز 20 مترا في الأرض. وفي غياب وسائل السلامة تكون هذه الآبار في أي لحظة مهددة لسلامة العمال عن طريق الاختناق أو بسبب سقوط صخرة.