في كل المدن المغربية، وبشكل رسمي وقانوني، ستفتح، قبل أيام من تاريخ عيد الأضحى، الرحبان في وجه الفلاحين والكسابة والتجار في الأغنام. وعلى الرغم من وفرة عدد رؤوس الأغنام، حسب تصريحات وزارة الفلاحة والصيد البحري، وكذلك العديد من الفلاحين والكسابة المهتمين بتربية الأغنام، خاصة المتخصصين في إعداد أكباش الأضحية، مما يعني أن الأثمنة ستكون مناسبة، إلا أن المواطنين أصبحوا يتخوفون من ظاهرة غدت تقليدا راسخا، وهي ظاهرة «الشناقة» التي يتخذها العديد من الأشخاص كحرفة تدر عليهم أرباحا مهمة، في أوقات وجيزة. و»الشناقة» في الثقافة الشعبية هم أولائك الأشخاص الذين يقومون بشراء الأكباش من عند الكسابة بثمن مناسب، ثم يعمدون بعد ذلك إلى بيعها من جديد بأثمنة تفوق الثمن الأصلي، مما يؤدي إلى ارتفاع ثمن الأكباش بطريقة سريعة، إلى درجة أن الكسابة في كثير من الأحيان، يتعجبون لهؤلاء الشناقة وهم يتساءلون كيف يعقل أن يحصل الشناق على أرباح في وقت وجيز لم يحصل عليها الفلاح أو الكساب الذي سهر على تربية الأكباش. ويلاحظ الكسابة أن هؤلاء الشناقة يتفقون فيما بينهم على تخفيض الأثمنة لتكون في صالحهم، بل ذهب العديد من الفلاحين إلى حد القول إن هؤلاء الشناقة يشكلون نقابات على الكسابة للتأثير على الأثمنة وجعلها منخفض، يلجؤون إلى عدة طرق في الشراء من ذلك اجتماع اثنين أو ثلاثة على كساب أو فلاح واحد يريد بيع كبش مثلا، فيعطيه أحد هؤلاء الشناقة ثمنا ويطلب منه أن يبيع سلعته قبل أن ينخفض الثمن بدعوى أن العرض كثير، بمجرد أن يسكت، وأحيانا يقاطعه شناق آخر، هو في الأصل صديقه أو شريكه، فيعطي لنفس الكساب ثمنا أقل من صاحبه الشناق الأول في محاولة منهما للتأثير على هذا الكساب، إلى أن يشتري أحدهما الكبش بالثمن الذي حددوه لأن الكساب في مثل هذه الحالات ليس له خيار. والخطير في الأمر، هو أن هؤلاء الشناقة بمجرد أن يشتروا الأكباش من عند يعيدونها إلى نفس الرحبة، ويحددون لهل ثمنا أخرا مرتفعا عن الثمن الأصلي الأول، فهم الذين يتحكمون في الأثمنة. ولذلك تراهم يتسابقون في الساعات الأولى من افتتاح الرحبة للسيطرة على السوق وتحديد الأثمنة كما يريدونها، ولشراء الأكباش وإعدادها للمواطنين المتبضعين، الذين يدفعون الثمن غاليا، لكون أغلبهم يشترون الأكباش من عند الشناقة الذين لا يقتنعون بالأرباح القليلة والذين لا يرحمون المواطنين وخاصة الذين ليست لهم دراية بعملية بيع وشراء الأكباش، وهذا هو السبب الذي يجعل المواطن العادي يشتكي من ارتفاع أثمنة أكباش عيد الأضحى، حتى وإن كان العرض وفيرا وكل الظروف مناسبة لتكون الأثمنة مناسبة. والخطير في الأمر، أن الشناقة يعمدون إلى عدة حيل تضلل المواطن الذي يرغب في شراء الكبش، ومن تلك الخدع أن الشناقة يقومون بتزين الكبش عن طريق قص صوفه بواسطة المقص، فتراهم بسرعة فائقة، يقصون صوف الكبش وينظفونه حتى تتغير ملامحه، ويتحول من كبش عادي إلى كبش يثير انتباه المشتري الذي لا علم له بحرفة البيع والشراء عند الشناقة، وليس له دراية بعملية قياس جودة الكبش من قلتها. ومن الحيل الأخرى أن الشناقة يعمدون إلى ربط رجلا الكبش الأماميتان ووضعها فوق رجله وهو يمسك الكبش من تحت وجهه رافعا له رأسه إلى الأعلى، حتى يظهر هذا الكبش أنه كبير، وهو في الواقع صغير، هذا بالإضافة إلى لجوء الشناقة إلى خدع أخطر من ذلك، كإرغام الكبش أو الخروف على شرب بعض المواد التي تجعله كبشا منتفخا وسمينا مثل إرغامه على شرب الخميرة ممزوجة بقليل من الماء، وهي العملية التي تؤدي بالخروف أو الكبش إلى الموت بعد يومين من ذلك، وكم من مواطن عاش هذه الحالة. والأخطر من هذا كله، أن هؤلاء الشناقة يبيعون ويشترون كما يحلوا لهم دون رقيب ولا حسيب، بعيدين عن أعين المراقبة. كل هذا يطرح تساؤلات حول دور السلطات المحلية كل حسب اختصاصها، في تفعيل لجن المراقبة بالأسواق الأسبوعية التي تقام في البوادي، وأيضا في الرحبات التي تفتح بكل المدن المغربية والتي انطلقت اليوم.