تعيش العديد من الأندية الوطنية حالة استنفار قصوى من خلال انتهاء عقود أبرز لاعبيها مع نهاية الدوري المحلي، وذلك على اعتبار القانون الجديد لجامعة كرة القدم الذي تمنح الحرية لهؤلاء اللاعبين واختيار الفرق التي يودون التعاقد معها بعد 20 من الشهر المقبل. ومنذ صدور هذا القانون الجديد الذي يدخل ضمن الأوراش الكبرى التي فتحتها جامعة الفهري تمهيدا للإنتقال إلى العصبة الإحترافية، قامت بعض الاندية بالجلوس على طاولة الحوار مع أبرز لاعبيها لتجديد عقودهم في ظل الإغراءات المادية التي أصبحت تعرفه بورصة اللاعبين، وكذا المبالغ والرواتب الشهرية التي باتت تسيل لعاب هؤلاء. وستكون الأندية الفقيرة هي الخاسر الأكبر داخل هذه العملية لكونها تفتقر إلى الدعم المالي من أجل إرضاء لاعبيها وحثها على البقاء، وبالتالي التجديد بمبالغ لاتسمن ولا تغني من جوع مقارنة مع ما تقدمه الأندية الكبيرة على مستوى الإنتدابات المحلية أو الخارجية. وكما يقولون، فالمال وحده لايمكن أن يخلق السعادة، إذ لابد من أشياء اخرى لايعرفها إلا أصحاب الرياضة، ذلك أن بعض الفرق عانت الكثير من المشاكل المادية، بالرغم من كونها صرفت الملايين في سوق الإنتدابات ولكونها في نهاية المطاف استعصى عليها أن توفر للاعبيها منح المباريات والرواتب الشهرية فوجدت نفسها في موقف يصعب الخروج منه بسبب تهديدات اللاعبين وإضرابهم عن التداريب وكذا اللعب. ولعل ما يقع في العديد من فرق النخبة الوطنية لعدم توصل لاعبيها بمستحقاتهم المادية دليل على وجود خلل داخل المنظومة الكروية ككل، وبالتالي لايمكن لنا أن نعبر إلى الإحتراف ومازال المسؤولون لا يوفرون أذنى ظروف العيش الكريم للاعب الذي يعتبر العنصر المهم داخل هذه الحلقة. بالأمس سمعنا أن بعض لاعبي الكوكب أصبحوا مهددين بإفراغ شققهم نتيجة تأخرهم في أداء سومة الكراء، وذلك بسبب عدم صرف المكتب المسير للنادي لمستحقاتهم، ما يؤثر على أداء اللاعب وبالتالي يصبح ذهنه مشتتا بين وضعه الإجتماعي وبين تعرضه للإنتقاد من طرف مكونات الفريق. وهذا غيض من فيض لأن الشأن الكروي ببلادنا يعيش مشاكل كبيرة في ما يخص التعاقد بين اللاعب والنادي والذي هو في حقيقة الامر أخلاقي قبل أن يكون ماديا، ذلك أن اللاعب له مصاريف عائلية، ولايمكنه أن يستمر في ظل هذا الوضع مادامت معظم الفرق تتلقى الدعم من جهات مختلفة. إذا فالأندية أمام هذا القانون الجديد للجامعة مطالبة بتوفير الشروط الضرورية إن هي أرادت الإحتفاظ بلاعبيها، لأنه في حالة العكس ستكون ملزمة بفقدان أبرز عناصرها، وبالتالي البحث عن لاعبي فئة الشبان، أو اللجوء إلى أقسام الهواة باعتباره ملاذ أغلب فرق النخبة. وخلاصة القول، أن التدبير الذي تسير به أغلب فرق البطولة الوطنية لايشجع اللاعبين على مواصلة المشوار، لذا نجد من حين لآخر هروب مجموعة من النجوم إلى عالم الإحتراف دون ترخيص من مسؤوليها، وذلك في ظل الغموض الذي تشهده العقود التي تربط بين الطرفين. ذلك نتساءل، كيف يمكن لهذه الاندية أن تنتقل على عالم الإحتراف وهي ما زالت تتعامل مع اللاعب كمجرد مملوك يباع ويشترى في سوق النخاسة، ذلك أن مجموعة من اللاعبين قضوا عقدا من الزمن دون أن ينالوا حريتهم، وبالتالي نجدهم اليوم يعيشون أوضاعا مزرية رغم ما قدموا من تضحيات للفرق التي لعبوا بين صفوفها؟. وفي انتظار يوم 20 يونيو المقبل، تستعد مجموعة من اللاعبين التي هي في نهاية عقودها توديع الأندية التي يلعبون لها بعد موسم شاق عرف العديد من المشاكل المتنوعة، في حين سيكون الله في عون العناصر التي مازالت في أول الطريق.