أثار النائب البرلماني عبد الواحد بناني عضو فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، حفيظة العديد من البرلمانيين والبرلمانيات، أعضاء لجنة القطاعات الاجتماعية، عندما عارض بشكل فج مشروع القانون المتعلق بحظر تشغيل الطفلات القاصرات في البيوت الذي أعدته وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن. فأثناء تدخله في مناقشة الميزانية الفرعية لوزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن أمام لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب أول أمس الخميس، فضل نائب العدالة والتنمية عبد الواحد بناني، الدفاع عن استغلال واستعباد الطفلات القاصرات في العمل كخادمات بالبيوت، بدل الدفاع من موقع المعارضة المسؤولة التي يدعيها، عن حق هؤلاء الطفلات في التمدرس وفي توفير الحد الأدنى من الكرامة التي تفرضها المصلحة الفضلى للطفولة، والتي تنص عليها المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب. وانبرى في مداخلته لتعليل هذه الظاهرة المشينة في سرد مبررات واهية كالفقر والخوف من الارتماء في أحضان الدعارة. وتناسى هذا البرلماني أن أغلب الأمهات العازبات هن من الطفلات خادمات البيوت، كما أن نسبة مهمة من الطفلات المعنفات هن أيضا خادمات بيوت، دون الحديث عن حرمانهن من التعليم ومن الحق في اللعب والترفيه على غرار أترابهن من بنات وأطفال الأسرة المشغلة والمستغلة لهن. فقد ساق برلماني العدالة والتنمية، مثالا حاول أن يبرر من خلاله رأيه، وقال إن والدته قامت بتزويج ثلات فتيات كن يشتغلن في منزل العائلة، وهذا دليل في نظره على أن كل الأسرة المشغلة هي أسر حنونة كما قال، لكنه نسي أن يسوق في نفس المثال، كم من مرة تمكنت تلك الفتيات قبل تزويجهن من الذهاب إلى المخيمات الصيفية مثلا، وكم من مرة تمكن من اللعب مع أخوته بنفس اللعبة دون أن يشعرن أنهن خادمات، وكم واحدة من تلك الخادمات تمكن من متابعة تعليمهن واستطعن الحصول على شهادة تعليمية على غرار أبناء الأسر المشغلة لهن. فتحت يافطة الفقر يدافع نائب العدالة والتنمية على خرق القانون الذي يمنع بموجبه تشغيل الأطفال أقل من 15 سنة، كما يحرض الدولة على عدم الإيفاء بالتزامها المتمثلة في إجبارية التعليم إلى حدود 15 سنة وتعميمه، اللهم إذا كان يعتقد أن هذه الشريحة من الطفلات لا حق لهن لا في التعليم ولا في الترفيه ولا في كل ما يتمتع به أقرانهن من باقي الأطفال من حقوق، تحت ذريعة الفقر مادام يفكر بمنطق «الضرورات تبيح المحظورات». فوفق منطق تفكيره التبسيطي لظواهر خطيرة، فإن مشروع القانون المتعلق بحظر تشغيل الطفلات القاصرات كخادمات في البيوت، مرادف للدعارة والفساد، وأن البيوت بمثابة حضن دافئ لهن، أو كما قال مخاطبا الوزيرة نزهة الصقلي «إنك لن تكوني أحن عليهن من أبائهن» على اعتبار أن الأباء أدرى بمصلحة هؤلاء الطفلات اللائي يزج بهن للعمل ويتعرضن لأبشع صور الاستغلال، تحت مبرر الفقر والحاجة. ونسي البرلماني الذي يدعي المرجعية الإسلامية، أن الله حرم تلك الممارسات المشينة التي كانت تقترف في عهد الجاهلية كوأد البنات وقتلهن خشية إملاق أي تحت مبرر الخوف من الفقر والحاجة، وأنزل عز وجل الآية الكريمة: «وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ» ثم الآية الكريمة «ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم» دون أن يعي السيد النائب المحترم، أن حرمان الطفلات الصغيرات من أبسط حقوقهن، وحشرهن في بيوت غريبة للعمل بمنطق الصخرة، هو قتل لهن وإهدار لكرامتهن، وحرمان لهن من العيش في حضن أمهاتهن اللاواتي ربما دفعن بهن إلى العمل عن جهل وعدم تقدير لعواقب الأمور في ما قد يأتي به المستقبل، وفي جهل تام من كون هذه الظاهرة تساهم في إعادة إنتاج لنفس البنيات والعقليات الموجودة حاليا، وفي استدامة الجهل والأمية وتوريتها للأجيال المقبلة.