إطلاق حملة وطنية من أجل إقرار قانون يجرم الظاهرة ومرتكبيها كشفت الدراسة الميدانية التي أجراها «الائتلاف من أجل حظر تشغيل الطفلات كخادمات في البيوت» حول ظاهرة تشغيل الطفلات أقل من 15 سنة، عن مظاهر مثيرة ومقلقة تتمثل في أن 79 في المائة من الطفلات الخادمات في البيوت دون سن 15 سنة تم حرمانهن من التمدرس، وأن 74 في المائة من المشغلين لتلك الطفلات يتمتعون بمستوى عيش مريح وبإمكانهم استخدام أشخاص تفوق أعمارهم 16 سنة، كما أظهرت أن 61 من هؤلاء المشغلين لهم مستوى تعليم عالي والمعرفة الكاملة بحقوق الطفل. وقالت ثريا بوعبيد منسقة برنامج التربية والتوعية بحقوق الإنسان بمنظمة العفو الدولية فرع المغرب، خلال ندوة صحفية نظمها الائتلاف صباح أول أمس الأربعاء بالرباط، والتي تم خلالها تقديم محاور هذا البحث الذي أجري ما بين 5 و26 مارس الماضي وشمل مدن الدارالبيضاء ،الرباط، مراكش، مكناسشيشاوة وورزازات، «بالرغم من أن المغرب وقع وصادق على مجمل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بحماية الطفولة، لكن ملاءمة التشريع الوطني مع هذه الالتزامات يعرف ضعفا، ولاسيما على مستوى حماية الطفلات دون سن 15 سنة من التشغيل في البيوت. وأضافت أن النتائج التي أسفرت عنها الدراسة الميدانية للائتلاف، كشفت بأن 75 في المائة من المشغلين لهم دراية بالسن القانوني الخاص بإلزامية التعليم، ونسبة 67 في المائة منهم تعرف الأحكام القانونية التي تحظر تشغيل الأطفال دون سن 15 سنة، وبالرغم من ذلك فإن 100 في المائة من المشغلين يوظفون طفلات تتراوح أعمارهن بين 8 و15 سنة. وحوالي 88 في المائة من تلك الأسر تشغل طفلة، فيما 11 في المائة تشغل طفلتين دون سن 15 سنة، هذا في حين أن 98.6 من الأسر التي تنتهك حقوق الأطفال بتشغيلهم في سن مبكرة ترفض تعرض أطفالها للتشغيل والحرمان من المدرسة. وأكدت عضوة الائتلاف الذي تأسس في فبراير 2009، ويضم في عضويته حاليا أكثر من 29 جمعية وهيئة مدنية موزعة على مجموع تراب المغرب، خطورة الظاهرة قائلة «إن عشرات الآلاف من الطفلات دون سن 15 سنة تعشن وراء الأبواب المغلقة تحت سيطرة المشغلين، وتخضعن لعنف جسدي ونفسي والحرمان من الرعاية الأسرية وعدد من الحقوق كالحق في التعليم والصحة..». وأضافت «إن ارتفاع نسبة الأسر المشغلة التي أفصحت عن معرفتها بالمقتضيات القانونية ذات الصلة بحظر تشغيل الأطفال يبرز عجز الدولة ومسؤوليتها في ضرورة التعجيل بإقرار قانون خاص يجرم تشغيل الطفلات في البيوت، على أن يتضمن عقوبات زجرية في حق المسؤولين عن الظاهرة بما فيهم أسر الضحايا أو الأسر المستقبلة، وكذا السماسرة والوسطاء. هذا وبخصوص الأسر التي تنحدر منها الطفلات الخادمات، أظهرت الدراسة أن 83 في المائة من تلك الأسر أمية وتجهل تماما حقوق أطفالها، وأن 75 في المائة من تلك الأسر فقيرة أو جد فقيرة، وهو ما يدفعهن إلى الزج بطفلاتهم إلى البيوت للعمل كخادمات. فيما أبرزت الدراسة أن 68 في المائة من الأسر التي تنحدر منها تلك الطفلات تجهل القوانين الخاصة بإجبارية تعليم الأطفال حتى سن 15، فيما تجهل 76 في المائة الأحكام القانونية المتعلقة بحظر تشغيل الأطفال أقل من 15 سنة، كما أن 14 في المائة منها لا علم لها بالمساعدة العمومية الخاصة بالتعليم، لكن 2 في المائة فقط يطلبون هذه المساعدة التي تتراوح بين 500 و1000 درهم لكل طفل كما أظهرت أن نسبة 79 من الطفلات اللواتي تم استبعادهن من متابعة التعليم، يبقى الفقر الذي تعاني منه العائلة السبب الرئيسي وراء عدم تمدرس نسبة 43 في المائة من الطفلات، و طول مسافة الوصول إلى المدرسة بالنسبة ل 25 في المائة منهن، فيما نسبة 32 في المائة منهن يعود استبعادها من نظام التعليم اعتبارا لثقل التقاليد. ومن جانبها أعلنت خديجة الرياضي رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، عن إطلاق الائتلاف لحملة وطنية من أجل حظر تشغيل الطفلات أقل من 15 سنة، عبر رفع مذكرة في البداية إلى رؤساء الفرق البرلمانية، من أجل تعبئتهم لإقرار قانون يستجيب لانتظارات الائتلاف الذي يطالب بتحديد عقوبات خاصة بتشغيل الطفلات في حق جميع الأطراف، كما سيتم الترافع بهذا الشأن أمام القطاعات الوزارية المعنية بما فيها وزارة العدل ووزارة التشغيل ووزارة التنمية الاجتماعية. أما محمد الغطاس عن منتدى بدائل المغرب، فقد شدد على أن أحد المطالب الأساسية التي سيرفعها الائتلاف إلى الحكومة تتمحور حول تبني المقاربة التشاركية مع المجتمع المدني، والأخذ بمقترحاته فيما يتعلق بحظر تشغيل الطفلات، مبرزا أن القانون يعد مسألة في غاية الأهمية، لكن يجب أن يتم في ذات الوقت العمل على مواكبة وإدماج الطفلات الخادمات اللواتي تم تخليصهن من العمل في البيوت.