استعراض وبحث وتحليل مختلف سياسات التنمية البشرية عبرالعالم اختتمت مساء أول أمس الثلاثاء بأكادير، أشغال منتدى التنمية البشرية، الذي نظم تحت رئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، على مدى يومين، واستعرض حصيلة تجربة خمس سنوات من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إلى جانب تجارب عدد من البلدان في المجال. وهكذا، سلطت أشغال المنتدى، الذي جمع أزيد من ألف و700 شخصية من إفريقيا وأمريكا وآسيا وأوروبا، خلال اليوم الأول، الضوء على حصيلة تجربة خمس سنوات من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. وكانت الجلسة الافتتاحية لهذا المنتدى، التي حضرها عدد من أعضاء الحكومة، قد تميزت بتلاوة رسالة سامية وجهها جلالة الملك للمشاركين في هذا المنتدى، تلاها وزير الداخلية الطيب الشرقاوي. وقال جلالة الملك في هذه الرسالة إن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية «تجربة مغربية من صنع المغاربة، ومن أجل المغاربة». وأضاف جلالته أن هذه المبادرة «التي حرصنا على أن نضفي عليها روح المواطنة المغربية المسؤولة، سواء في مقوماتها، أو في تصورها الأصيل، لتعد تجسيدا للنموذج التنموي المغربي المتميز، ودليلا قاطعا على قدرة بلادنا على الإبداع، والعمل على تدارك العجز الاجتماعي، وتشجيع الأنشطة المدرة للدخل، وتقديم المساعدة للأشخاص في وضعية صعبة». وأوضح جلالته أن هذه المبادرة التي تستمد جذورها من الثقافة المغربية الأصيلة، قوامها التكافل والتضامن، ترتكز على نهج استراتيجي متكامل، من شأنه أن يمكننا من رفع التحديات الكبرى، التي تواجه البلاد في الميدان الاجتماعي. وقد انكب المشاركون في هذا المنتدى، طيلة يومين على بحث حصيلة خمس سنوات (2010-2005) من إنجازات القرب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والرياضية، والتي كلفت غلافا ماليا إجماليا يتجاوز 10 مليارات درهم. وتضمن اليوم الأول من أشغال هذا المنتدى، جلسة علمية بحث خلالها المشاركون ثلاثة محاور موضوعاتية تهم التنمية البشرية، والأثر الإيجابي لسياسات التنمية البشرية على مسلسل توزيع الثروات، والعلاقة الجدلية بين برامج التنمية البشرية والحفاظ على البيئة في إطار سياسات للتنمية المستدامة، والأدوار التي يمكن أن تضطلع بها الجهات في القضاء على الفقر والهشاشة. وظهر من خلال المناقشات التي تخللت هذه المحاور أن القضايا التي تناولتها هذه الجلسة العلمية تكتسي أهمية متزايدة بالنسبة لمختلف الفاعلين في مجال سياسات التنمية البشرية، سواء على مستوى الحكومات أو الجمعيات والفاعلين المحليين أو لدى السكان المعنيين. وتميز اليوم الثاني من هذا المنتدى الدولي بتنظيم خمس ورشات عمل شارك فيها مسؤولون حكوميون ومفكرون وباحثون وخبراء بارزون على الصعيد الدولي والنسيج الجمعوي الوطني والعالمي، وتمحورت حول إشكاليات التنمية البشرية، وحول المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أطلقها جلالة الملك سنة 2005 من خلال الإنجازات التي تحققت في إطارها ومنهجية المقاربة المعتمدة فيها. وبحثت الورشة الأولى طريقتين لتنفيذ سياسات التنمية البشرية، هي البرامج الهادفة والسياسات الشاملة، بينما تناولت الورشة الثانية موضوع المقاربة التشاركية، التي تعد أساس المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، باعتبارها عاملا للنهوض بالتنمية البشرية، وبحثت الورشة الثالثة مؤشرات قياس التنمية البشرية. أما الورشة الرابعة، فخصصت أشغالها لبحث أهمية الشراكات في مجال سياسة التنمية البشرية من خلال استعراض تجارب العديد من الدول على غرار أندونيسيا ومصر وفرنسا وجمهورية إفريقيا الوسطى والكونغو برازافيل. واستعرضت الورشة الخامسة الأنشطة المحدثة للشغل ودورها كقاطرة لتنمية الأفراد والمجتمعات. وقد مكنت هذه التجارب العالمية، من استعراض وبحث وتحليل مختلف سياسات التنمية البشرية حيث كانت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي استفاد منها خمسة ملايين شخص وتم في إطارها تعبئة 11 ألف فاعل، وبمشاريعها ال22 ألف، حاضرة طوال المناقشات التي عرفتها هذه الورشات. ففضلا عن شقه العلمي، فإن منتدى التنمية البشرية شكل ملتقى لتبادل واقتسام مختلف التجارب في هذا المجال، حيث تم لهذا الغرض إعداد فضاء فاقت مساحته الإجمالية 8200 متر مربع تضمن على الخصوص «قرية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية» التي احتضنت أروقة مثلت الجهات ال16 للمملكة و83 إقليما وعمالة، وأبرزت أفضل المشاريع الاجتماعية للقرب وأحسن الأنشطة المدرة للدخل.