كثيرة هي الأسباب التي تدفع الفتاة، وهي في سن المراهقة أو النضج، الى مغادرة بيت أسرتها. من هذه الأسباب ما هو مرتبط بالفقر والحاجة، حين تجد الفتاة نفسها في وسط لا يوفر لها ضروريات العيش فبالأحرى الكماليات، ومنها ما هو مرتبط بسوء معاملة الفتاة وممارسة الضغط عليها، أوحرمانها من ابسط أمور الترفيه والترويح عن النفس، فيؤدي هذا الضغط الى انفجار قد تترجم ذلك إلى تمرد على واقعها، ثم تختار الهروب من بيت أسرتها الى وجهة مجهولة وبعيدة، معتقدة أنها ستجد فيها استقرارها. وأول ما تبحث عنه هو السكن الذي قد تجده في كل الأحوال، وبعد ذلك تبدأ في البحث عن العمل ولما يستعصى عليها الأمر ولم تجد عملا مناسبا، تلجأ مضطرة الى الدعارة، كبديل لحل مشاكلها، في نظرها. قصة اليوم لفتاة عاشت ظروف الحرمان وسط أسرتها فهربت بعيدة للبحث عن ذاتها، فإذا بها تتغير حياتها من فتاة عفيفة الى عاهرة تحمل في أحشائها جنينا غير شرعي، وفي لحظة التخلص منه يفضح أمرها وسط أسرتها وجيرانها الذين أصبحوا ينظرون اليها نظرة دونية، لأن المجتمع لا يرحم حتى الضحايا مثل هذه الفتاة. أسباب هروب الضحية من بيت أسرتها كانت هذه الفتاة، التي تنتمي الى مدينة الجديدة تعيش وسط أسرتها في ظروف اقل من متوسطة، وكانت دائمة البحث عن ظروف أحسن مما هي عليه، خاصة وأنها حرمت من التعليم، كما كانت محرومة من كماليات الحياة ومن وسائل الترفيه. ولم تكن مرتاحة للعيش وسط أسرتها، وهي تشعر بأنها مجرد عالة. وأمام الضغط قررت الهروب من بيت أسرتها الى وجهة مجهولة بعيدة عسى أن تجد فيها راحتها النفسية واستقرارها المعنوي والمادي. ترددت كثيرا في البداية إلا أنها في الأخير نفذت قرارها وهربت من مدينة الجديدة الى مدينة اكادير. عدم وجود عمل دافع للدعارة بمجرد وصولها الى مدينة أكادير، استطاعت أن تحصل على سكن مؤقت ريثما ترتب أمورها. كانت أمنيتها الحصول على عمل شريف لكي تعيش كريمة ثم تعود الى أسرتها وتساعدها، لكن بحثها عن العمل لم يعطي نتائج. وخلال انتقالها بين المقاهي للبحث عن العمل تعرفت على فتيات لهن نفس الظروف، وقد التجأن الى الدعارة. حاولت أن لا تكون مثلهن لأنها خرجت للبحث عن عمل يساعدها وأسرتها، لكن صعوبة الحصول على عمل مناسب، وتعقد ظروف خاصة وأنها لم يكن معها المال الكافي لسد رمق جوعها، كانا سببا مباشرا دفع بها الى اللجوء الى ممارسة الدعارة. بدأت تصاحب كل من يرغب في ممارسة الجنس معها، دون أن تشترط عليه أدنى شرط، حيث وجدت في ممارسة الدعارة حلا مؤقتا. كانت تخرج للبحث عن عمل، وفي نفس الوقت لا تضيع أية فرصة في التعاطي للدعارة، واستمرت في ذلك إلى حين أن وجدت نفسها باغية تخرج للبحث عن راغب في ممارسة الجنس ونسيت البحث عن العمل. تحمل جنينا غير شرعي فتقرر التخلص منه خوفا من العار لم تجد خيارا عن ممارسة الدعارة، ولكونها كانت لا تزال مبتدئة في هذا العالم، لم تأخذ الاحتياطات الكافية، لكونها أيضا كانت متعطشة لجمع المال بأية طريقة. اصطبحت مدمنة على ممارسة الدعارة بشكل متكرر يوميا، فكانت هي الأخرى تصاحب أكثر من زبونين في اليوم، دون الانتباه الى وسائل الوقاية وأخذ الحيطة والحذر. مع الأيام وجدت نفسها قد سقطت في أكبر خطأ في حياتها، عندما تأكدت أن العادة الشهرية قد تأخرت كثيرا. شكت أنها حامل، وزال ظنها وتحول الى يقين عندما بدأت تحس بين لحظة وأخرى بتقيؤ، فالتجأت الى ممرضة بمستشفى عمومي وأخبرتها بحالتها فتأكدت من أنها تحمل جنينا لا تعرف والده البيولوجي الحقيقي من كثرة الرجال الذين كانت تمارس معهم الجنس بدون أية وسيلة للوقاية. بدأت تبحث عن الخلاص من الحمل لأنه يشكل لها وصمة عار، ولكنها لم تجد من يساعدها في مدينة غريبة عنها، فقررت العودة الى مدينة الجديدة. بمناسبة عيد الفطر الأخير، استغلت المناسبة لربط الصلة من جديد مع أسرتها، وأخبرت والدتها بالظروف التي عاشتها في اكادير، ووضعيتها الحالية وهي حامل بجنين غير شرعي. التعرف على امرأة متخصصة في إجهاض الفتيات في البحث عن التخلص من الجنين تعرفت على امرأة متخصصة في إجهاض الفتيات وأخبرت والدتها بذلك.ضربت موعدا مع المرأة التي ستتكلف بعملية التخلص من الجنين، وهي تسكن بحي السلام بالجديدة، وفي الموعد المحدد حضرت الفتاة الحامل رفقة والدتها، ولما تعرفتا عن المرأة المعروفة بإجهاض الفتيات أتفق الجميع على ثمن العملية المحدد في 3550 درهما، وبعد ذلك غادرت والدة الفتاة الحامل منزل المرأة التي شرعت على التو في مباشرة عملية إجهاض الفتاة. في أول خطوة قامت بإدخال مواد في فرج الفتاة الحامل، ولما بدأت هذه الأخيرة تصيح من شدة الألم توقفت المرأة المكلفة بالإجهاض عن العملية، واتصلت بوالدة الفتاة وطلبت منها الحضور بسرعة لكون ابنتها في وضعية صحية محرجة. ولما تعذر عن والدة الفتاة الحضور اتصلت بها مجددا وطلبت منها أن تبعت لها شقيقتها لتنوب عنها من أجل نقل الضحية الى المستشفى. شقيقة الضحية تتصل بالأمن الذي نصب كمينا للمرأة المتهمة بالإجهاض فضلت شقيقة الضحية الحامل التوجه الى الدائرة الأمنية الثانية لإخبار مسؤوليها بما يحصل لشقيقتها. وباتفاق مع معهم نصب رجال الأمن كمينا للمرأة المعروفة بالقيام بعمليات الإجهاض، حيث ادعت شقيقة الفتاة في اتصالها بالمرأة من مقر الدائرة الأمنية، أنها لا تعرف عنوان منزلها، وطلبت منها أن تلتقي بها أمام مقر مكتب البريد المركزي بالجديدة. وفي لحظة اللقاء حوالي السادسة صباحا، حضر رجال الأمن الوطني والقوا القبض على المتهمة بالإجهاض ورافقوها الى منزلها، حيث وجدوا الفتاة الحامل ملقاة على سرير وبه اثار الدم. على الفورعملوا على انتداب سيارة الإسعاف لنقل الضحية الى المستشفى، فيما نقلت المرأة المتهمة الى مخفر الشرطة. وعند الاستماع إليها اعترفت بالمنسوب اليها، كما اعترفت بأن لها سوابق عدلية بنفس التهمة. بعد ذلك تم الاستماع الى الضحية، لما مثلت للشفاء، وصرحت بتفاصيل قضيتها كما سردناها أعلاه. وبعد استكمال البحث أحيلت المتهمة على المحكمة الابتدائية بالجديدة التي أدانتها بستة أشهر حبسا موقوف التنفيذ، من أجل محاولة إجهاض فتاة حامل مع حالة العود.