تكشف الرسائل التي تبثها إذاعة قبرصية كل يوم مآسي ضحايا، وتنتقد بشدة مسؤولية الزبائن، في حملة تعبئة للتصدي للعبودية الجنسية التي لا تزال رائجة في قبرص رغم التدابير الخجولة التي تتخذها الحكومة. وتقول امرأة لإذاعة استرا «أتيت الى قبرص للعمل كنادلة. هذا ما قالوا لي حينها، والآن يرغمونني على ممارسة الجنس مع زبائن». وتحت شعار «استخدام خدمات الضحايا أو القبول بها يجعلنا شركاء»، تقول إذاعة «استرا» المرتبطة بحزب اكيل الشيوعي الحاكم «علينا مساعدة قبرص في استعادة كرامتها!». وفكرة «تثقيف القبارصة» نشأت في 2008 في حين ألغت الحكومة «تأشيرات الفنانين» التي كانت تسهل قدوم «الراقصات» خصوصا من دول أوروبا الشرقية للعمل في الملاهي الليلية التي يقدر عددها بنحو مئة. أما اليوم فلم يعد عددها يتجاوز ال44 ملهى بحسب السلطات. وقال نيوفيتوس نيوفيتو مساعد رئيس تحرير استرا أن «الحكومة شددت القواعد لاستقدام الفنانات وهذا أفضل». وأضاف «علينا التمييز بين الدعارة الطوعية والقصرية». ويعتبر عدد من الخبراء أن إلغاء تأشيرات الفنانات التي تم منح ثلاثة آلاف منها في 2007، إجراء غير مفيد لم يؤد الى تسوية المسألة بل أدى الى نقلها الى الحانات ومراكز التدليك. وقالت اندرولا هنريكيس نائبة مدير جمعية مكافحة العبودية والاستغلال الجنسي (سويسرا)، «قبل عامين كان يتم بيع الفتيات بتأشيرات فنانات واليوم بتأشيرات عمل». وفي تقريرها حول الاتجار بالبشر الذي نشر في يونيو، حذرت الخارجية الأميركية من تحويل التأشيرات الأخرى التي تمنح للنادلات أو الراقصات.وفي رسالة وجهت في يوليو الى وزير الداخلية القبرصي نيوكليس سيليكيوتيس، دعا المفوض المكلف حقوق الإنسان في مجلس أوروبا توماس هامبرغ السلطات القبرصية الى «الحرص على إلا تستخدم أي تأشيرة أو ترخيص عمل لأهداف غير مشروعة مثل الاتجار بالبشر». وذكرت وزارة الداخلية القبرصية أنها ترفض نصف الطلبات وتطالب بضمانات تؤكد صفات «الفنان». وتقول سوزانا بافلو من المعهد المتوسطي للدراسات حول الأجناس «غيرنا اسم التأشيرة لكن الوضع لم يتغير لان النساء موجودات ومخاطر الاتجار بهن قائمة». وعلى السلطات أن تواجه أيضا ظاهرة جديدة هي الدعارة في الشارع التي تمارسها فيليبينيات وصينيات وفيتناميات لتسديد مبالغ مالية للشبكات التي أمنت قدومهن الى قبرص بحسب منظمات غير حكومية. وفي شمال الجزيرة التي يحتلها الجيش التركي منذ 1974 الوضع مقلق للغاية والأسعار فيها مرتفعة جدا. ووصفت هنريكيس «الحياة المريعة التي تعيشها النساء المحرومات من الحرية» في الملاهي الليلية على الطريق بين نيقوسيا ومورفو (غرب). وأشارت وزارة الخارجية الأميركية الى وجود حوالي ألف «مضيفة» وأكثر من أربعين ملهى ليليا ناهيك عن الكازينوهات وصالات العاب الميسر. ومنذ يونيو، تبث إذاعة «ماييس» القبرصية التركية شعارات للتوعية بالتعاون مع إذاعة استرا.ويقول سنير الجيل أمين عام نقابة المعلمين القبارصة الأتراك صاحب الإذاعة، أن «المافيا هي التي تسيطر على شمال الجزيرة ولا تحرك الشرطة ساكنا. بل الأسوأ من ذلك أنها تحتفظ بجوازات سفر الفتيات».