يستأثر ملف البناء العشوائي ببلدية عين حرودة التابعة لعمالة المحمدية، هذه الأيام، باهتمام الرأي العام المحلي، بعد أن أريد لهذا الملف طيلة سنوات عديدة، أن يظل طي الكتمان، وبعيدا عن كل مساءلة قضائية، لكونه ظل مصدر اغتناء عدة جهات، ضمنها مسؤولون في السلطة ومنتخبون وموظفون ومجموعة من السماسرة. وقد شارك هؤلاء على اختلاف مسؤولياتهم، بشكل مباشر أو غير مباشر في «تشجيع» البناء العشوائي، ضاربين بعرض الحائط، كل القوانين المعمول بها، وغير آبهين حتى بالخطابات الملكية في موضوع البناء العشوائي، الذي قال فيه جلالته في خطاب العرش 30 يوليوز 2003».. ومثل هذا البناء العشوائي لم ينزل من السماء ولم ينتشر في الأرض بين عشية وضحاها. بل إن الكل مسؤول عنه»، مضيفا جلالته في مقدمة نفس الخطاب: «لقد دق خطابنا لعشرين غشت 2001 ناقوس الخطر منبها إلى خطورة انتشار السكن الصفيحي والعشوائي لما له من أثر سلبي على كرامة المواطن وما يشكله من تهديد لتماسك النسيج الاجتماعي». ورغم ذلك، وعوض أن يتراجع البناء العشوائي بعد هذا الخطاب الملكي الذي كان واضحا، ازدادت وتيرته، وكأن المسؤولين فهموا الخطاب الملكي «بالمقلوب». وفي غياب أي رادع لهذه التجاوزات والخروقات، «وبعد أن بلغ السيل الزبى، وتحولت بلدية عين حرودة إلى «كعكة» يتم توزيعها بين «أصحاب الحال»، وأصبح البناء العشوائي يشكل خطرا على المواطنين، لتنامي مجموعة من الظواهر السلبية كالإجرام والدعارة والاتجار في المخدرات..، «انتفضت» مؤخرا بعض الجمعيات المدنية والمهنية ضد هذا الوضع، بتقديمها شكاية إلى الوكيل العام باستئنافية الدارالبيضاء ووزير الداخلية وجهات أخرى، للتحقيق في موضوع البناء العشوائي بالبلدية وخروقات أخرى، وهي الشكاية التي أحيلت على مصالح الدرك الملكي بالمحمدية، حيث تم الاستماع في بحر الأسبوع الماضي، إلى ممثلي هذه الجمعيات، لأكثر من خمس ساعات، أكدوا فيها بالإجماع مضمون شكايتهم السابقة، وحملوا فيها المسؤولية في تنامي البناء العشوائي، في العشر سنوات الأخيرة، إلى ممثلي السلطات المحلية، ورئيس وبعض أعضاء المجلس البلدي لعين حرودة ولأشخاص آخرين، ظلوا بعيدين عن أي مساءلة قضائية في الموضوع. هذا، وأشار ممثلو الجمعيات المذكورة، في تصريحاتهم لمصالح الدرك الملكي، إلى أن البناء العشوائي، يهم بالدرجة الأولى الأحياء الصفيحية والتجزئات السكنية، إضافة إلى استغلال الملك العمومي من طرف أصحاب المقاهي بتجزئة «الفتح»، بعد تحويل جزء من الحديقة إلى «ملحقات» لمقاهيهم وأصبح الراجلون يقتسمون الطريق مع السيارات والشاحنات، كما أشار بعضهم إلى مقهى» المسيرة الخضراء»، التابعة للبلدية، والتي «منحت» لأحد المقربين من رئيس البلدية، في ظروف مشبوهة، قبل أن يقوم صاحبها باجتثاث جزء كبير من الحديقة المجاورة للمقهى، وتحويلها إلى فضاءات تابعة للمقهى. كما تمت الإشارة في نفس التصريحات، إلى المعرض التجاري الذي أقيم مؤخرا،قرب باشوية عين حرودة، قبل أن تتم إزالته بعد أن تم فضح التلاعبات التي شابته، إضافة إلى محلات الإصطياف الذي يشهد تلاعبات واضحة، بنزع المحلات من أصحابها وتسليمها لآخرين بمبررات تبدو قانونية، لكن المتأمل بعمق في هذه التبريرات، تبدو له واهية ومحاولة لإضفاء صبغة قانونية على تجاوزات يجرمها القانون. تجدر الإشارة، أنه لأول مرة في تاريخ البلدية، تبادر جمعيات مدنية ومهنية، إلى إثارة موضوع البناء العشوائي بالمنطقة أمام القضاء، وهي المبادرة التي لقيت صدى طيبا من طرف فئات واسعة من السكان، باستثناء «أصحاب الحال»، وبعض «المهرولين» الذين لم يستسيغوا هذه المبادرة، وقاموا بكل المحاولات من أجل إجهاضها، سواء بالتهديد أو بالترغيب أو الطعن في قانونية الجمعيات، لكن باءت كل محاولاتهم بالفشل.وفي انتظار تطورات هذا الملف،، تبقى بلدية عين حرودة نموذجا صارخا للفوضى والتسيب، و»فضاء» لكل العابثين بالقانون.