يسير المغرب نحو استعادة دينامية علاقاته مع البلدان الخليجية، خاصة على صعيد الاستثمارات وتمويل المخططات التنموية في المملكة، بعد أن كان مراقبون قد سجلوا في السنوات القليلة الماضية نوعا من الفتور مع بعض هذه الدول. إن زيارة أمير دولة الكويت يمكن أن تمثل العنوان الأبرز لهذه الدينامية حاليا، وذلك من خلال الاستقبال الملكي الكبير الذي خصص له، وأيضا من خلال حجم وطبيعة الوفد المرافق له، علاوة على الاتفاقيات التي جرى التوقيع عليها خلال الزيارة. ومعلوم أن علاقات المغرب بالكويت تميزت دائما بالتفاهم الكبير، وذلك منذ الزيارة التي قام بها المغفور له محمد الخامس إلى الإمارة الخليجية سنة 1960، كما أن الموقف الكويتي الداعم باستمرار للوحدة الترابية للمغرب، وأيضا موقف المغرب المساند للكويت إثر الغزو العراقي عام 1990، جعلا العلاقات بين البلدين تكتسي دائما طبيعة التفاهم وتطابق الرؤى. من جهة ثانية، فإن العلاقات المشار إليها، أسست، طيلة عقود، لانخراط هام للكويت في دعم المشاريع التنموية ضمن المخططات الاقتصادية الإستراتيجية للمغرب، فضلا عن وقوف صناديق التمويل الكويتية إلى جانب المملكة أمام تحدياتها التنموية، وهنا يمكن التذكير بأن الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية قدم للمغرب منذ 1966، ما مجموعه 31 قرضا بقيمة إجمالية تقدر بحوالي مليار و48 مليون دولار، في حين بلغت القيمة الإجمالية للاستثمارات الكويتية في المملكة ثمانية مليارات درهم، ويعول اليوم على الاتفاقيات التي وقعت في الرباط لتقوية التعاون الاقتصادي بين البلدين، وتسريع وتيرة سعيهما المشترك نحو بلورة شراكة إستراتيجية ثنائية. وتأسيسا على ما سبق، فإن البلدين يعولان على القطاع الخاص كذلك لتمتين التعاون الاقتصادي بينهما، خصوصا ما يتعلق بتنمية المبادلات التجارية، ومن دون شك، فإن قطاعات النقل والطاقة والسياحة والفلاحة التي انصبت عليها الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، تحمل مؤشرا واضحا نحو توجيه المشاريع الاستثمارية والتمويلية الكويتية في المغرب في اتجاه الخطط التنموية الإستراتيجية للمملكة، وأيضا بما يجذب الفاعلين الاقتصاديين الكويتيين الخواص نحو بلد يتميز باستقراره السياسي، وبموقعه الجغرافي الاستراتيجي. لقد جاءت زيارة أمير دولة الكويت للمغرب، متزامنة مع الجولة الخليجية لوزير السياحة، ومع توافد مسؤولين خليجيين آخرين على بلادنا، ما يفيد أن المغرب شرع في تكثيف حضوره الديبلوماسي في بلدان مجلس التعاون الخليجي، وذلك بما يضمن له تنويع علاقاته ووجهات تعاونه الاقتصادي والتجاري، وأيضا بما يقوي إمكانياته وموارده لتمويل مخططاته التنموية الكبرى.