المدونة جاءت لتحمي مستعملي الطريق من ممارسات تعسفية لرجال المراقبة * حقوق جديدة سيكفلها النظام الجديد لمستعملي الطريق منها حمايتهم من تعسفات رجال المراقبة * إنجاز برنامج إجمالي للتأهيل على مدى سنتي 2010-2011، ب4651 مليون درهم منها 168 مليون درهم للتشوير الطرقي * 920 مليون درهم لاقتناء وسائل وتجهيزات لنظام المراقبة الطرقية * لحكومة تلتزم بتحسين الأوضاع الاجتماعية للعاملين في قطاع النقل أكد وزير التجهيز والنقل، كريم غلاب، أن مدونة السير التي دخلت حيز التطبيق أمس الجمعة، تشكل ترسانة من الإجراءات الوقائية والزجرية الرامية إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من السلامة الطرقية، والتقليص من المآسي التي تخلفها حوادث السير بالمغرب. وأوضح كريم غلاب، في ندوة صحفية، عقدها أمس الجمعة بالدار البيضاء، أن التطبيق الميداني للمدونة لم تتحكم فيه أية رزنامة حكومية، بل جاء بعد الانتهاء من كل التدابير والترتيبات التي كان آخرها التمرينات الميدانية لشرطة المرور التي عاينها المواطنون بمختلف شوارع المدن المغربية. وأشار غلاب إلى أنه خلافا للشائعات والأقاويل التضليلية التي تم الترويج لها في الشارع العام، لم تأت المدونة للتضييق على المواطنين أو لتعزيز سلطة رجال الشرطة والدرك ضد مستعملي الطريق، أو للرفع من قيمة الجزاءات، بل على العكس من ذلك، جاءت لتخول حقوقا جديدة لمستعملي الطريق لا يتمتعون بها حاليا، مما يعرضهم أحيانا لممارسات تعسفية من لدن رجال المراقبة. وبعد أن استعرض مراحل شد الحبل مع مهنيي النقل الطرقي، والذي اتسمت بروح الحوار البناء والنقاش المعمق على مستوى قطاع النقل والبرلمان، أعرب الوزير عن تفاؤله بخصوص النتائج المستقبلية لتطبيق المدونة التي سترفع المغرب إلى مصاف البلدان التي تعرف حركة سير آمنة، عكس ما هو عليه الحال اليوم، حيث يسجل المغرب حصيلة مرعبة في ما يخص حوادث السير التي تحصد في المتوسط عشرة قتلى و120 جريحا في اليوم، وتكلف خزينة الدولة 11 مليار درهم في السنة، أي ما يعادل كلفة 20 وحدة صناعية تستطيع كل واحدة منها توظيف أزيد من 500 عامل. وفي معرض أجوبته على أسئلة الصحافة، التي ركزت على غياب بنيات تحتية وطرقية وعلى ملحاحية توفر المغرب على أرضية تقنية وإدارية في المستوى الذي يسمح بالمساهمة الفاعلة في إنجاح النظام الجديد، أوضح وزير النقل والتجهيز أنه، بعد الرفع من الاعتمادات المخصصة للتشوير الطرقي إلى 140 مليون درهم سنويا، عوض 60 مليون درهم سابقا، تم الشروع في إنجاز برنامج إجمالي للتأهيل على مدى سنتي 2010-2011، تقدر الاعتمادات المرصودة له ب`4651 مليون درهم, منها 168 مليون درهم للتشوير الطرقي. كما أشار، في السياق ذاته، إلى جاهزية 68 مسطرة تقنية وإدارية تم إعدادها لتنفيذ مقتضيات المدونة، من ضمنها مسطرة أداء الغرامات التصالحية والجزافية ومسطرة المنازعة والإيداع، بالإضافة إلى النصوص التطبيقية، والتي تتمثل في 10 مراسيم و29 قرارا, إضافة إلى 104 قرارات لوزير التجهيز والنقل، مشددا على أنه تم إيلاء عناية كبيرة لإرساء الأنظمة المعلوماتية الكفيلة بتبسيط المساطر الإدارية لصالح مستعملي الطريق، واعتماد التكنولوجيات الحديثة لتبادل المعلومات بين الإدارات وتحقيق النجاعة والسرعة والفعالية واحترام الآجال في تنفيذ المدونة. وفي إطار آخر الترتيبات التي سبقت التطبيق الفعلي للمدونة، أوضح وزير النقل أن فوجا جديدا من المكونين الذين أوكلت لهم مهمة التكوين المستمر لضباط الشرطة والأطر الأمنية في تقنيات التنشيط والتواصل، شرع بالفعل في ممارسة مهامه المتمثلة في المواكبة الميدانية اللصيقة وفي شرح مساطر تدبير المخالفات لفائدة أعوان المراقبة، حيث تم تأهيل 286 إطارا تابعين للدرك الملكي و341 إطارا من الأمن الوطني و200 من أطر ومراقبي الوزارة، على اعتبار أنهم سيعملون على تمكين أعوان المراقبة من مختلف مقتضيات المدونة الجديدة، بغية ضمان تطبيقها بالكيفية المناسبة. أما في مجال المراقبة الطرقية الميدانية، فأكد الوزير أنه سيتم العمل بنظام متكامل للمراقبة يتسم بالشفافية والنجاعة ويمكن من مواكبة الاستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية من خلال التطبيق الفعلي لمدونة السير على الطرق، موضحا أن وسائل وتجهيزات هذا النظام ستتطلب غلافا ماليا يقدر بحوالي 920 مليون درهم. وبخصوص مهنيي النقل الذين ساهموا في النقاش الطويل الذي ميز مدونة السير قبل تطبيقها الفعلي، قال كريم غلاب إن نجاح النظام الجديد رهين بالاستجابة للحاجات الحيوية للعاملين في قطاع النقل، مؤكدا التزام الحكومة، خلال اجتماعها يوم الخميس الماضي، بتحسين الأوضاع الاجتماعية لهذه الفئة، مثلما ستلتزم بمخطط تواصلي وتحسيسي واسع يهدف، من جهة، إلى تقريب المدونة من المواطن، وجعله يعتاد عليها تدريجيا كمنظومة تساهم في ترسيخ قيم مجتمعية حضارية نبيلة، والمساهمة في الحفاظ على هيبة القانون في التعامل مع المرفق العام الطرقي، ومن جهة أخرى، إلى حماية أرواح المواطنين والمواطنات والتقليص من تكلفة العلاج والإعاقات الناجمة عن حوادث السير والرفع من تنافسية وجودة النقل استجابة لمتطلبات العولمة.