علا يوم الأربعاء في أوروبا صوت الغضب الاجتماعي على الإجراءات التقشفية الآخذة في الاتساع وتظاهر عشرات الآلاف في شوارع بروكسل بينما شهدت اسبانيا إضرابا عاما في موازاة حركات احتجاجية في دول أوروبية أخرى. وفي عاصمة الاتحاد الأوروبي، تظاهر عشرات آلاف الأشخاص بعد الظهر احتجاجا على برامج التقشف في أوروبا، في تحرك عمدت الشرطة خلاله إلى تنفيذ اعتقالات وقائية. ولن يتسنى للشرطة تقدير عدد المتظاهرين بدقة قبل المساء بحسب المتحدث باسمها كريستيان دو كونينك لكن بعض ممثلي النقابات على الأرض تحدثوا عن مشاركة عشرات آلاف الأشخاص. وكان من المرتقب مشاركة 80 إلى 100 ألف شخص في التظاهرة التي نظمها الاتحاد الأوروبي للنقابات في إطار تحرك في دول عدة ما يجعلها أهم تظاهرة من هذا النوع في بروكسل منذ ديسمبر 2001. واعتقلت الشرطة في بروكسل الأربعاء 148 شخصا كإجراء وقائي على هامش تظاهرات أوروبية ضد التقشف في العاصمة الأوروبية بحسب المتحدث باسمها. وقال المتحدث «نفذنا 148 اعتقالا إداريا بالتعاون مع المنظمين» مشيرا إلى أن «مشاغبين كانوا يحملون أغراضا لا مكان لها في تظاهرة». وقال جون مونكس الامين العام للاتحاد الأوروبي للنقابات «نزل العمال إلى الشارع اليوم مع رسالة واضحة إلى قادة أوروبا: ما زال الوقت سانحا لتفادي التقشف وتغيير الاتجاه». وحذر من أن تطبيق تدابير التقشف التي اتخذتها معظم الدول الأوروبية لخفض العجز «سيكون له آثار كارثية على الأفراد والاقتصاد». وقال ماركوس ماشميك (45 عاما) الذي أتى من ألمانيا مع نحو مئة من رفاقه العاملين في المناجم وهم يرتدون ثياب العمل، لوكالة فرانس برس «نحن هنا لنقول للعالم إن عليه أن يبطئ وتيرة خططه التقشفية». من جهته، قال الأمين العام لاتحاد العمال الفرنسيين برنار تيبو «نحن هنا لنرفض الخطط التقشفية، سواء اتخذت بضغط من الدول أو المؤسسات الأوروبية». وأضاف «كل شخص يتحرك على الصعيد الوطني، لكن الرسالة مشتركة: عدم إضافة أزمة اجتماعية غير مسبوقة إلى الأزمة المالية يدفع الموظفون ثمنها». وتأمل النقابات بتوجيه رسالة إلى المفوضية الأوروبية التي عرض يوم الأربعاء إجراءات تهدف إلى فرض غرامات على دول منطقة اليورو التي لا تخفض ديونها في شكل سريع أو تبالغ في إنفاقها. وستقدم هذه التدابير أيضا إلى وزراء مال الاتحاد الأوروبي الذين سيجتمعون الخميس في بروكسل. وتزامنت تظاهرة بروكسل مع تحركات في العديد من الدول الأوروبية، وخصوصا في اسبانيا التي شهدت إضرابا عاما هو الأول في ولاية رئيس الوزراء خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو وتظاهرات في مدن عدة وخصوصا في مدريد وبرشلونة. وتحدث ممثلو النقابات الاسبانية عن «نجاح في المشاركة ونجاح ديمقراطي»، معتبرين أن هذا الإضراب سيؤدي إلى «تصحيح في العمق لسياسة الحكومة». وأكدوا أن نسبة الالتزام بالإضراب «تجاوزت سبعين في المائة» وشملت أكثر من عشرة ملايين موظف في كل أنحاء البلاد. وعمت التحركات الاحتجاجية دولا أوروبية أخرى مثل البرتغال وبولندا وايرلندا وايطاليا وصربا ولاتفيا. وفي فرنسا التي قدمت حكومتها الأربعاء مشروع موازنة يهدف إلى تقليص العجز العام غير المسبوق، دعت النقابات مجددا إلى التظاهر يوم السبت ضد مشروع اصلاح نظام التقاعد. وفي قبرص، تظاهر مئات من العمال أمام مبنى وزارة المال احتجاجا على تدابير التقشف الحكومية.