من المعروف والمتعارف عليه، في كل أرجاء المعمور، أن المدن والحواضر تفتخر وتزهو بمعالمها ومآثرها وثراتها، وبما تكتنزه في ساحاتها ومواقعها وبناياتها من تراث ورموز تعرف بها وتدل عليها. وبخلاف هذه القاعدة، وعلى النقيض منها تماما، نجد حالة العاصمة الاقتصادية للمغرب لا تلقى من القائمين على شؤونها أية بادرة أو التفاتة لما تستحقه في هذا المجال كما في مجالات أخرى. وباعتبار الدارالبيضاء من المدن الحديثة، نسبيا، فإن مواقعها الأثرية ومعالمها الحضرية محدودة جدا. ومع ذلك فهي تفضح واقع اللامسؤولية واللامبالاة، والإهمال والتسيب، السائد بها. ولا نقصد هنا حالة البنايات المصنفة كتراث ثقافي، ولا حي الأحباس، ولا السوق المركزي، ولا فندق أنفا التاريخي، ولا أسوار المدينة القديمة، ولا القصر الملكي، ولا الكاتدرائيات، لاشيء من ذلك. فقط نقصد حالة «ساعة الدارالبيضاء» التي تعلو صومعة الولاية. هذه الساعة، المعروفة عند البيضاويين ب»مكانة البلدية» علاوة على رمزيتها فهي تتوسط الميدان المركزي للمدينة الذي تتواجد به أهم السلطات والمصالح: سلطة المال (الخزينة، بنك المغرب)، السلطة الإدارية (الولاية)، السلطة القضائية (المحكمة)، السلطة المنتخبة (مجلس المدينة)، مصلحة الضرائب، إدارة الجمارك، الوكالة الحضرية، المحافظة العقارية، البريد المركزي، الحامية العسكرية، الوقاية المدنية. نعم، وسط هذا الكوكتيل من الإدارات والمصالح تنتصب الساعة البيضاوية فوق رؤوس المسؤولين وفي مقدمتهم حضرة العمدة ووالي الولاية، ومع كل ذلك فلا أحد التفت إلى وضعية ساعة الصومعة المبعثرة عقاربها والمعطلة دوما عن الدوران ومواكبة الزمن الفعلي، وكأنها بهذا الحال تريد أن تعبر عن واقع الحال في العاصمة الاقتصادية وعن ما فعله بها زمن التسيب والعبث بالشأن المحلي . ملحوظة وتدقيق: تفنيذا لكل تأويل مغرض أو سوء فهم، وجب التأكيد على أن طرق هذا الموضوع ليس بدافع حاجة أو ضرورة رمضانية.