يتسابق الناس بمختلف ألوانهم و أشكالهم و مشاربهم عبر العالم، في شهر رمضان لتعليق الزينات، وتخصيص الرسومات وإنارة الفوانيس، وتبادل التهاني، والمبالغة في إظهار الفرح بقدوم رمضان بإذاعة المسلسلات الفكاهية، والأعمال الدرامية، فيما تتسابق فئة أخرى إلى الدعاء والقيام وقراءة القرآن، والتنافس في الطاعات. وتختلف مظاهر استقبال الشهر الكريم من بيت لبيت، ومن ثقافة إلى ثقافة، كما تختلف من بلد لآخر، فبينما تحتفل بعض الأسر بشراء مستلزمات رمضان قبل شهر كامل تحتفل أسر أخرى بتعليق الزينة، وشراء بعض المأكولات الخاصة بهذه المناسبة. إن المسلمين في كل مكان فوق سطح هذه البسيطة، يتطلعون الى هلال شهر رمضان، يفرحون بمقدمه، لأن الشهر يحمل في طياته ذكريات، ومعاني، ومناسبات لها ارتباط وثيق بحياة كل مسلم . ففيه مشاعر غريبه يحملها كل مسلم لأخيه المسلم، نرى الغني يعطف على الفقير، القوي يرحم الضعيف. شهر يشعر المسلمون جماله وبهاءه، تغمرهم الفرحة بالصيام و القيام و لكل شأن يغنيه. رمضان حول العالم، سلسلة تنشرها بيان اليوم عبر حلقات طيلة الشهر الفضيل للسفر بقرائها إلى مختلف بلدان العالم، والإبحار في تاريخ الأمم، من أجل لاقتراب أكثر من تقاليدهم و ثقافاتهم و عاداتهم في استقبال رمضان و طقوس قضاءه. مساجد ألمانيا تتحول إلى خلية نحل متحركة في رمضان يعيش في ألمانيا حوالي أربعة مليون مسلم ينحدرون من معظم الدول الإسلامية وفي مقدمتها تركيا. ويتمتع المسلمون في ألمانيا بحرية العقيدة وحق ممارسة الشعائر الدينية مثلهم مثل غيرهم من أتباع الديانات الأخرى. وكما هو الحال بالنسبة لجميع المسلمين يعتبر شهر رمضان بالنسبة لمسلمي ألمانيا مناسبة دينية يلتقون فيها لإقامة الصلوات الجماعية وحلقات الدروس الليلية وحفلات الإفطار المشتركة. كما إنه يعتبر أيضاً مناسبة اجتماعية تتمثل في التقاء المسلمين لخلق أجواء رمضانية تخفف عنهم العناء في بلاد الغربة. ويدعو المسلمون بعضهم البعض لتناول وجبات الإفطار الرمضانية، كما تقوم الأسر المسلمة بتجهيز الوجبات الرمضانية الخاصة بهذا الشهر. وبينما يذهب البعض إلى المسجد للالتقاء بالمسلمين هناك لأداء صلاة التراويح وقراءة القرآن يفضل البعض الأخر اللقاء بالأصدقاء والمعارف في البيت أو في القهوة لتبادل الأحاديث والسهر معاً. وقد يتخلل هذه اللقاءات الليلية تدخين النرجيلة وشرب الشاي العربي والاستماع إلى الموسيقى الشرقية لاسيما في أوساط الشباب. في هذا السياق يقول هشام، الطالب في جامعة بون:» أفتقد الأجواء العائلية في هذا الشهر بصورة أكبر وكذلك لوجبات والدتي الشهية ويعتريني بالتالي حنين جامح إلى الوطن». لذلك يحاول هشام، كما يقول، الالتقاء بالأصدقاء المسلمين للتغلب على معاناة الغربة ولمحاولة إضفاء بعض الأجواء الرمضانية على حياته. طقوس رمضان وفي حوار مع موقع الألمانية يقول أبو سعيد العمراني، خطيب مسجد المهاجرين في مدينة بون، أن «المسجد يتحول في رمضان الى خلية نحل، حيث يؤمه الكثير من المسلمين والمسلمات ولاسيما الطلاب والذين ليس لديهم أُسر هنا.» ويضيف العمراني أنه «يوجد مطبخ خاص تابع للمسجد ويقوم طباخون متطوعون بتجهيز وجبات الإفطار يوميا.» وفي تصريح خص به موقعنا يقول خطيب مسجد المهاجرين أن «هناك خطة لفتح مركز إسلامي قادر على استيعاب الأعداد المتزايدة من المسلمين وكذلك لتلبية احتياجات الجالية المسلمة.» وحول ما إذا كانت هناك مشكلات تواجه المسلمين في ألمانيا وبالذات في شهر رمضان يقول العمراني: «من حيث الحرية الدينية فأنها مكفولة للجميع والمسلمون يمارسون شعائرهم بكل حرية. فقط هناك إشكالية بسيطة تتمثل في شكوى بعض جيران المسجد للسلطات بسبب الازدحام الذي يسببه المسلمون عند خروجهم من المسجد بشكل جماعي بعد الصلوات وما ينتج عن ذلك من ضجة تزعج الجيران.» «نكهة خاصة لرمضان رغم الغربة» و نقلا عن موقع قناة الألمانية، التي تحدثت مع سميرة، صاحبة محل تجاري صغير في مدينة بون، انطباعاتها عن الحياة الرمضانية في ألمانيا قائلة: «زوجي وابنتي فرحون بقدوم الشهر الكريم، لاسيما وإنه سيكون مناسبة لقضاء أوقات ممتعة وجميلة مع بعضنا البعض «حيث يلتئم شمل الأسرة في رمضان أكثر من الأشهر العادية». وتغلق سميرة، السورية الأصل، محلها في رمضان في وقت مبكر وتذهب إلى البيت لتحضير الوجبات الشامية الرمضانية الشهيرة. وتضيف سميرة بشيء من الحسرة «يجب ان أعترف بأن المرء يفتقد في هذا الشهر للأجواء الرمضانية التي تعود عليها في بلده الأصلي»، حيث يتحول الشهر الكريم هناك إلى مناسبة استثنائية للقاءات والسهر والشراء والزينات وما إلى ذلك من تبادل التهاني بين المعارف والأصدقاء وغير ذلك. ومع ذلك، تستدرك السيدة السورية، بالقول: «لكن لرمضان في ألمانيا أيضاً نكهته الخاصة، حيث نلتقي هنا مع أصدقاء مسلمين ونقيم مآدب إفطار مشتركة». وهذه اللقاءات توفر في رأي سميرة فرصة للتعرف على فنون الطبخ المختلفة وعلى الأطباق والوجبات الوطنية للبلدان الأخرى مثل الأطباق المغربية والجزائرية والتركية وغيرها. «الجيران الألمان يشاركوننا تقاليدنا الرمضانية» أما خلود، التي تقيم في ألمانيا منذ حوالي 23 عاما، فتمتدح الأجواء الرمضانية في هذا البلد، الذي يبدو أنها تعودت على العيش فيه مع مرور الزمن. ورغم وجودها في مجتمع غير مسلم فإنها لا تشعر بالغربة عن دينها حيث ربت بناتها تربية إسلامية ملتزمة. «فهن رغم صغر سنهن يواظبن على الصيام في هذا الشهر الكريم»، حسب قولها. وتضيف خلود قائلة أن بناتها «يحضرن معهن زملاء وزميلات من المدرسة لمشاركة الأسرة في وجبة الإفطار.» وتتابع خلود: «إنهم متحمسون كثيراً لمعرفة تقاليدنا الرمضانية الإسلامية ويأتون بكل سرور لزيارتنا». ونسجت خلود علاقات جيدة مع محيطها بحيث أن بعض جيرانها الألمان صاروا يشاركونها في إحياء ليالي الشهر الكريم وصاروا أيضا متحمسين لفكرة الصيام إلى حد أن إحدى جاراتها جربت الصيام معها لمدة أسبوع لكنها، كما تقول خلود، لم تستطع الصمود أكثر من ذلك. ولاية «شليسفج هولشتين» في أقصى الشمال تتركز أغلبية من الأتراك المسلمين،ويرجع سبب وجود عدد كبير من الأتراك إلى «الاتحاد الإسلامي التركي للشئون الإسلامية» (دي.آي.تي.بي) وهو واحد من أكبر المنظمات الإسلامية في ألمانيا تأسس عام 1984 ومقره الرئيسي يقع في مدينة كولون، ومن ثم انتشر الأئمة والدعاة الأتراك في هذه المدن التي يتواجد بها الأتراك، وفي تلك المدن سترى بريقاً في أعين الصائمين عندما تقع أعينهم على صور ينقلها التليفزيون التركي لآلاف من الصائمين ينهون صيام ذلك اليوم من أيام رمضان. ومن الأمور المعهودة والمتعارف عليها بين مسلمي ألمانيا، اجتماعهم في أول أيام عيد الفطر بعد أداء صلاة العيد، وتناول طعام الإفطار معًا، ثم الخروج في جماعات للتنزه والاستمتاع والالتقاء على حفلة غداء يكون اللحم والشواء فيها مادتها الأساس. ويحافظ المسلمون المقيمون في ألمانيا على سنة السحور، إذ هو بمثابة وجبة الفطور عندهم، ويتناولون على السحور عادة البيض واللبنة والجبن، وبعض المشروبات التي تساعدهم على ممارسة عملهم اليومي. وجبات الإفطار في رمضان ليس فيها ما يميزها عن غيرها من وجبات الغداء في الأيام المعتادة، لكن يضاف إليها شراب اللبن وبعض أنواع العصير والمرطبات، كما تحرص كل جالية من الجاليات الإسلامية هناك على صنع ما اعتادته من الطعام في بلادها، إحياء لذكرى تلك البلاد، وتذكيرًا بالأهل والأحباب. يضاف إلى ما تقدم صنع بعض أنواع الحلوى التي يرغب الناس في تناولها في أيام الصيام، ك(القطايف)، و(الكنافة). ألمانيا في سطور جمهورية ألمانيا الاتحادية أو ألمانيا جمهورية اتحادية ديموقراطية، عضو في الإتحاد الأوروبي. العاصمة و مقر السلطة في برلين. النظام السياسي اتحادي، ويتخذ شكلاً برلمانياً ديموقراطياً. تنقسم ألمانيا إلى ستة عشر 16 إقليماً اتحادياً يتمتع كل منها بسيادته الخاصة. تقع ألمانيا في وسط أوروبا وتشترك في حدودها مع كل من الدنمارك، بولندة، تشيكيا، النمسا، سويسرا، فرنسا، اللكسمبورغ، بلجيكا، هولندا. في الشمال يشكل كل من بحر الشمال والبحر الشرقي الحدود الطبيعية للبلاد.