الحركة كثيفة في الدارالبيضاء هذه الأيام، والناس بمختلف مجالس السمر الرمضاني لا تتحدث سوى عن تواجد جلالة الملك بينهم، والكل يتمنى أن يطول المقام الملكي كي تتحسن أحوال المدينة وأهلها... جلالة الملك يتجول في شوارع المدينة قبيل موعد الإفطار، تماما كما يفعل في المدن الأخرى التي يزورها، الملك يسوق سياراته ويتوقف عند إشارات المرور، ويبادل أفراد شعبه التحايا، وبعد أن يمر من شارع، يستغرب السكان كيف أن عمليات الترميم تتحرك مباشرة بعد ذلك... هذه الأيام، يمكن للمرء أن يشاهد العمال بصدد إصلاح الإنارة العمومية في عدد من الشوارع، وحتى بعض الأشجار يتم غرسها على عجل، وتجري عمليات تبييض الجدران والأرصفة وتنظيف الشوارع، كما أن مصالح الأمن والقوات المساعدة تعود لأساليبها المعروفة من خلال مطاردة الباعة المتجولين وأيضا المشردين والمتسولين، ويصير كل هم السلطات «تنظيف» كل شارع مر منه جلالة الملك أو من المحتمل أن يمر منه... وحيث أن الدارالبيضاء لها أكثر من لغة وأسلوب للتعبير عن ذاتها وعن المعاناة، فإن سكان أحياء الصفيح، في باشكو وفي باقي الكريانات وقفوا أمام براريكهم للرد على منع السلطات لهم من الاحتجاج أمام مقر الولاية، وحملوا لافتات وكتبوا على الجدران، وصرخوا أما الكل: «أنقذنا ياجلالة الملك»... إنها عبارة طافحة بالغضب والحنق و...اليأس من منتخبي المدينة ومسؤوليها. السكن والتعمير اليوم هو أبرز عنوان للفساد في الدارالبيضاء، وأيضا أهم مداخل الجواب على انتظارات الساكنة ومطالبها. واقع الشوارع والأزقة بمختلف مقاطعات العاصمة الاقتصادية، والعدد المخيف من الحفر المنتشرة بها، ضعف الإنارة العمومية بما في ذلك في الشوارع الرئيسية، غياب النظافة وتراكم الأزبال في جنبات الطرق، مشاكل النقل الحضري...، إنها بدورها عناوين لواقع يفضح تسيير منتخبي المدينة وأغلبياتها... كل هذه القضايا تستدعي انكبابا جديا على معالجتها، وتتطلب أساسا المصداقية من المنتخبين، والإخلاص لقضايا البيضاويين وللوعود التي قدمت لهم خلال الحملات الانتخابية. عندما نجد العاصمة الاقتصادية للمملكة لا زالت تعاني من مثل هذه الاختلالات، وفي نفس الوقت لا زالت ملايين السنتيمات تصرف على البنزين والهاتف والسفريات لفائدة المستشارين، ولازالت شركة النظافة تجني الملايير، فهنا الأمر يصير مدعاة للتحقيق فعلا، ول «إنقاذ الدارالبيضاء كلها» من الفساد ومن المفسدين... الدارالبيضاء هي وجه المغرب الحداثي، وعيب أن يكون هكذا وجه البلاد كما تجسده اليوم شوارع المدينة وأزقتها...