لشهر رمضان الأبرك بسلا أوجه و أشكال أخرى تميزه، يمكن رصدها ليس فقط خلال فترة ما قبل الفطور و لا بعده ، فإضافة إلى الأجواء الروحانية و أجواء تسوق التمور و الشباكية و البغرير و غيرها، و تجزية الوقت في مشاهدة مباريات كرة القدم بملاعب الأحياء، والتي تكثر خلال هذا الشهر قبيل آذان المغرب هناك صور أخرى لعناوين رمضان السلاوي، منها تكاثر عدد المتسولين الذين يدقون يدقون أبواب المنازل قبيل سماع آذان المغرب طلبا لوجبة إفطار، و أيضا تهييء موائد للإفطار في الأزقة يجتمع فيها ولاد الحومة في أجواء حميمية لا ينطفأ غليان الحنين إليها بعد انتهاء شهر رمضان إلا بعد عودته. موائد أهل سلا الرمضانية لا تختلف مدينة سلا في عاداتها المتعلقة بمأكولات و مشروبات الإفطار عن الرباط أو عن مناطق كثيرة في الشيء الكثير، فمع سماع آذان صلاة المغرب أو سماع طلقة المدفعية التي تعلن عن موعد الأفطار، تبادر المرأة السلاوية كعادتها بتقديم مأكولات : البريوة، الشباكية، الحريرة، التمور، الرغايف، البغرير لأسرتها، و هي المأكولات التي لا يستثني وضع أطباقها داخل بيوت المدن المغربية الأخرى، غير أن المستوى الإجتماعي للعديد من الأسر السلاوية، قد لا يسمح لها باقتناء هذه المأكولات كما تقول بذلك التقاليد و العادات، فليس كل الأسر و الناس هنا تتناول وجبة الإفطار بمائدة متنوعة، فولوجنا إلى العديد من المناطق بسلا سوف يتأكد فيه أن هذه المأكولات ليست قاعدة للفطور في رمضان لكل الأسر نظرا لغلاء مصاريفها. دخولنا إلى السوق الكبير بالمدينة القديمة وقت آذان المغرب، سنصادف فيه مشاهد مثيرة حقا، الأمر يتعلق ب 6 نساء متسولات جالسات على الأرض أمام قيسارية بورمادا يفطرن بالخبز والحليب والشاي فقط! ، مشهد آخر بجوار المسجد الأعظم ، 4 شباب يتناولن في وجبة الإفطار سمكا مطهيا في فرن شعبي. مشاهد تتكرر بين السابعة و الربع و الثامنة مساء، بحيث تعرف الفرارين الشعبية ازدحاما كبيرا قبل ساعة و نصف من طلقة المدفعية بسبب اللاطات ديال لحوت كما يسمونها و التي يختارها العديد من السلاويين ولا سيما الشباب نظرا لقلة مصاريف تحضيرها للإفطار في رمضان، و الإفطار بالسمك في رمضان هو ليس عادة بالمدينة القديمة وحدها و إنما بجميع الأحياء الشعبية التي تشكل القاعدة بسلا، فبأحياء : الرحمة، سيدي موسى، الواد، السهب، السلام، تابريكت، يتجمع أبناء الحومة الواحدة وقت الفطور بالأزقة و يتناولون وجبتهم الإفطارية فوق طاولة يضعونها والتي غالبا ما تكون مؤتثة بالسمك إفطار بطعم الإجرام تكثر السرقة بالتهديد و بجميع أشكال التعنيف خلال شهر رمضان ببعض مناطق سلا وتحديدا قبيل آذان صلاة المغرب و توجه الناس لبيوتهم من أجل الإفطار بحيث يراها بعض المجرمين وقتا مناسبا لتصيد المتأخرين من المواطنين الذين فاجئهم آذان المغرب لتنفيد السرقة بالإعتداء إن تطلب الأمر ذلك بدون إزعاج، لأن الكل و قت الفطور يكون الجميع على مائة الإفطار و بذلك ستكون الشوارع و الأزقة فارغة عن آخرها، إنه وقت مناسب للمجرمين، يستغلونه بعض لصوص سلا للإعتراض و سرقة المحلات والسرقة بالخطف والتهديد بالأسلحة البيضاء ولنا من الحوادث التي وقعت خلال العشر الأوائل من هذا الشهر الفضيل خير دليل . قبيل ساعة الافطار في جولات استطلاعية لأهم أحياء مدينة سلا، قبل الفطور بساعة و نصف، بدت لنا مشاهد متعددة لها علاقة بشهر رمضان أو بالأحرى لها علاقة برمضان سلا، فقد تتنوع المشاهد بدلالاتها المختلفة لمساءات شهر رمضان المبارك بسلا، و ربما هي مشاهد قد تطالعنا مثيلاتها في مدن أخرى، وهي التي تتعلق بأمكنة تجزية الوقت قبل الفطور. بسلا يفضل بعض الشباب اليافع أن يقضي وقته في السباحة و الإستحمام في منطقة الطويبلة بسيدي موسى بجماليتها التي تستهوي العشرات من الشباب من المدينة في شهرنا المبارك الذين يأتون لها استثنائيا في شهر رمضان ابتداء من الساعة الثالثة زوالا و يسبحون و يستجمون فيها إلى حدود السادسة و النصف مساء ثم يرحلون قبل طلقة المدفعية بحوالي 45 دقيقة لمنازلهم . و هناك أيضا فئات واسعة من السلاويين تقضي أوقات ما قبل الإفطار كل مساء في مشاهدة مباريات كرة القدم بملاعب الأحياء الشعبية ، التي تنظم فيها بطولات بين أبناء الحي و بين أبناء المدينة كافة كبطولة لعتابي التي تقام بملعب خارج باب شعفة وهو المكان مثلا الذي يحجه السلاويون من كل مكان لمشاهدة المباريات أربع ساعات قبل وقت الإفطار. قبل آذان صلاة المغرب ب 10 دقائق يبدأ الناس في التوجه للمساجد، و كما العادة درس يلقيه الإمام و صلاة ثلاثة ركعات ، قبل أن يذهب كل واحد إلى حال سبيله لتناول الفطور. و بعد الإنتهاء من وجبة الفطور، يخرج الناس لصلاة التراويح ومنهم من يخرج للتنزه بجوار عمالة سلا حيث تتجمع الأمهات والأطفال و بائعي الحلويات ويجلس بعضهم على المقاهي فيما يتجولون آخرون بالملاح الجديد و لبرانس و المدينة القديمة وهناك من السلاويين من يفضل الذهاب إلى العاصمة حيث يقضي ليله الرمضاني هناك بالرباط مع أصدقائه. حشيش وشيشا بالمدينة تقدم مجموعة من المقاهي بأحياء سلا في رمضان ، الشيشا لزبنائها بعد الإفطار بمبالغ تبدأ من 20 درهم فما فوق ل التعميرة و التي يرتادها الشباب السلاوي بكثرة و المثير هو أن موائد الشيشة في رمضان لا توجد فقط في المقاهي المتحدث عنها و إنما أيضا يستنشق دخان الشيشة في الأزقة و الشوارع بحيث يجتمع تقريبا في كل حي شعبي 5 أفراد يتوسطون الشيشا و يمضون ليلهم الرمضاني في تدخين المعسل و السجائر والحشيش أحيانا كثيرة. وهي المناظر التي تشاهد أثناء آذان المغرب بكثرة بالمدينة القديمة و بالواد و تابريكت و سلاالجديدة. عموما يبقى شهر رمضان الأبرك بمدينة سلا له صور و أشكال تميزه عن أجواء رمضان في المدن الأخرى ،و رمضان بسلا شهر للتضامن و المغفرة والعبادة و ما إليه، و شهر أيضا للتسول تتوضح فيه الفوارق الإجتماعية الطاغية بالمدينة و كما الحال خارج رمضان ، و لعل الواقع بسلا أيام رمضان الذي يستحق البوح به ، هو أن مائدة رمضان التي يصرف فيها 200 درهم فما فوق، يقابلها ، عشرات من السلاويين يتسولون وجبة الفطور يوميا عبر الأزقة !