شوهد الملك محمد السادس يتجول، مساء الأحد الماضي، في شوارع مدينة الدارالبيضاء قبيل موعد الإفطار، وقد كان الملك يسوق سيارة رياضية سوداء اللون بنفسه، فيما تتعقبه سيارة أخرى كانت تقلحراسه الشخصيين . بعض السائقين، ممن كانوا يعبرون شارع إبراهيم الروداني، شاهدوا الملك يتوقف بسيارته في إشارة المرور، ويرد على تحيات مواطنين فاجأهم وجود الملك بينهم متحررا من البرتوكول الرسمي. وحسب مصادرنا، فإن الملك توقف في إشارة المرور بشارع الروداني، وقد كان يضع حزام السلامة وهو يسوق سيارته الرياضية ويرد على تحيات المواطنين بالتلويح بيده اليمنى. خبر وجود الملك بالمدينة سرعان ما تناقله السكان، وأصبح، بعد الإفطار، حديث مجالس المقاهي، بينما انهمك عمال الإنارة العمومية في تركيب مصابيح جديدة لإضاءة شوارع معتمة بعمالة آنفا، حيث شوهد الملك يقود سيارته قبل ساعات. زيارة الملك للمدينة جعلت المسؤولين يشتغلون على مدار الأربع والعشرين ساعة، من خلال السهر على طلاء الجدران وغرس الأشجار وتعليق اللافتات المرحبة بقدوم الملك ومطاردة الباعة المتجولين وجمع المشردين من الشوارع لنقلهم إلى مركز تيط مليل. هذه "المبادرات" الموسمية للسلطات يلمس فيها المواطنون الكثير من التصنع، ويتمنون أن يقيم الملك بالمدينة أشهرا حتى تستقيم أحوال ساكنتها. وردا على محاولات السلطات تزيين وجه المدينة الذميم بالمساحيق والتشجير، ابتدعت النساء القاطنات بأحياء الصفيح بمدينة الدارالبيضاء طريقة جديدة للاحتجاج على تلكؤ المسؤولين في معالجة مشاكلهن، وأصبحت النساء ينظمن وقفات جماعية يومية أمام التجمعات الصفيحية التي يقطن بها، ويرفعن شعارات تطالب بإيجاد حلول لهن ولأطفالهن. وجاءت موجة الاحتجاجات النسائية قرب الأكواخ القصديرية كرد فعل على منع سلطات ولاية المدينة الاحتجاج أمام مبنى الولاية، المكان الذي دأب المتضررون على التوجه إليه للمطالبة بحقوقهم. فمساء الأحد الماضي، وقفت أزيد من 100 امرأة قبالة حي "باشكو" الصفيحي حاملات لافتات تطالب بتدخل ملكي لإنقاذهن من التشرد والتفكك العائلي ويرددن شعارات من قبيل:"هذا مغرب التقشف، شي ساكن وشي كيشوف" و"حقوقي حقوقي دم في عروقي. لن أنساها ولو أعدموني". اختارت النسوة الوقوف جنب نصف حائط كتب عليه باللون الأحمر استعطاف: "أنقذنا يا جلالة الملك من بطش المسؤولين"، قبل أن تتدخل قيادة "باشكو" لطلاء الحائط بمادة الجير بعد معاينة الشرطة العلمية لواقعة الخربشة الحائطية. وحسب حنان نجية، المرأة التي تقطن بالحي منذ بداية أربعينات القرن الماضي، فإن المسؤولين أخبروها وجيرانها بضرورة الانتقال إلى شقة سكنية صغيرة بحي "الرحمة" بعمالة النواصر، وهي الأم لخمسة أبناء أحدهم متزوج ويقطن في غرفة لوحده داخل المنزل القصديري المكون من 6 غرف. وتروي هذه السيدة كيف أن المسؤولين الذين تعاقبوا على تدبير ملف كاريان "باشكو" قاموا بترحيل أشخاص جيء بهم ليقطنوا في الحي لمدة معينة، قبل أن يستفيدوا من شقق سكنية بعد دفع رشاوى لرجال السلطة المحلية، فيما ظلت هي وجيرانها المعمرون بالحي في مكانهم منذ أزيد من نصف قرن. وبدورها، طالبت "فتيحة. ك" بإيفاد لجنة لتقصي الحقائق وإجراء بحث بشأن قائمة المستفيدين من شقق السكن الاجتماعي، مشيرة إلى أن أسرتها مسجلة في قوائم الإحصاء الذي سبق أن أجرته السلطات سنة 1997، لكنها لم تستفد مثل الكثيرين من أي شقة بعد أن دخل المضاربون العقاريون على الخط.