أخنوش يتباحث بباريس مع الوزير الأول الفرنسي    القبض على شخص استغل حريق سوق بني مكادة لسرقة بضائع التجار    توقعات أحوال الطقس ليوم الاحد    الأمن يوقف فرنسيا من أصل جزائري    البطولة: المغرب التطواني يواصل إهدار النقاط بهزيمة أمام الدفاع الجديدي تقربه من مغادرة قسم الصفوة    المغرب بين تحد التحالفات المعادية و التوازنات الاستراتيجية في إفريقيا    رئيس الحكومة يتباحث مع الوزير الأول الفرنسي    فرنسا.. قتيل وجريحين في حادث طعن بمولهاوس (فيديو)    السينما المغربية تتألق في مهرجان دبلن السينمائي الدولي 2025    في تنسيق بين ولايتي أمن البيضاء وأسفي.. توقيف شخص متورط في النصب والاحتيال على الراغبين في الهجرة    الوداد الرياضي يتعادل مع ضيفه النادي المكناسي (0-0)    الصويرة تحتضن النسخة الأولى من "يوم إدماج طلبة جنوب الصحراء"    غرق ثلاثة قوارب للصيد التقليدي بميناء الحسيمة    البطلة المغربية نورلين الطيبي تفوز بمباراتها للكايوان بالعاصمة بروكسيل …    الركراكي: اللاعب أهم من "التكتيك"    مبادرة "الحوت بثمن معقول".. أزيد من 4000 طن من الأسماك عبر حوالي 1000 نقطة بيع    الرئيس الفرنسي يعرب عن "بالغ سعادته وفخره" باستضافة المغرب كضيف شرف في معرض الفلاحة بباريس    عجز الميزانية قارب 7 ملايير درهم خلال يناير 2025    تشبثا بأرضهم داخل فلسطين.. أسرى فلسطينيون يرفضون الإبعاد للخارج ويمكثون في السجون الإسرائلية    نهضة بركان تسير نحو لقب تاريخي    "البيجيدي" مستاء من قرار الباشا بمنع لقاء تواصلي للحزب بالرشيدية    الملك يبارك يوم التأسيس السعودي    دنيا بطمة تلفت أنظار السوشل ميديا    التخلص من الذباب بالكافيين يجذب اهتمام باحثين يابانيين    مشروع قرار أمريكي من 65 كلمة فقط في الأمم المتحدة يدعو لإنهاء الحرب في أوكرانيا دون الإشارة لوحدة أراضيها    مساءلة رئيس الحكومة أمام البرلمان حول الارتفاع الكبير للأسعار وتدهور الوضع المعيشي    "الصاكات" تقرر وقف بيع منتجات الشركة المغربية للتبغ لمدة 15 يوما    رئيسة المؤسسة البرازيلية للبحث الزراعي: تعاون المغرب والبرازيل "واعد" لتعزيز الأمن الغذائي    لاعب الرجاء بوكرين يغيب عن "الكلاسيكو" أمام الجيش الملكي بسبب الإصابة    رفض استئناف ريال مدريد ضد عقوبة بيلينغهام    في حضور أخنوش والرئيس الفرنسي.. المغرب ضيف شرف في المعرض الدولي للفلاحة بباريس    الكوكب المراكشي يبحث عن تعزيز موقعه في الصدارة عبر بوابة خريبكة ورجاء بني ملال يتربص به    بين العربية والأمازيغية: سعيدة شرف تقدم 'الواد الواد' بحلة جديدة    إحباط محاولة تهريب مفرقعات وشهب نارية بميناء طنجة المتوسط    "العدل والإحسان" تدعو لوقفة بفاس احتجاجا على استمرار تشميع بيت أحد أعضاءها منذ 6 سنوات    السحب تحبط تعامد أشعة الشمس على وجه رمسيس الثاني    متابعة الرابور "حليوة" في حالة سراح    استثمار "بوينغ" يتسع في المغرب    تحقيق في رومانيا بعد اعتداء عنيف على طالب مغربي وصديقته    فيديو عن وصول الملك محمد السادس إلى مدينة المضيق    الصحراء المغربية.. منتدى "الفوبريل" بالهندوراس يؤكد دعمه لحل سلمي ونهائي يحترم سيادة المغرب ووحدته الترابية    الصين تطلق أول نموذج كبير للذكاء الاصطناعي مخصص للأمراض النادرة    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    دراسة: هذه أفضل 4 أطعمة لأمعائك ودماغك    رفع الستار عن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان روح الثقافات بالصويرة    تقدم في التحقيقات: اكتشاف المخرج الرئيسي لنفق التهريب بين المغرب وسبتة    حوار مع "شات جيبيتي".. هل الأندلس الحقيقية موجودة في أمريكا؟    "ميزانية المواطن".. مبادرة تروم تقريب وتبسيط مالية جهة طنجة للساكنة    لجنة تتفقد المناخ المدرسي ببني ملال    المؤتمر الوطني للعربية ينتقد "الجائحة اللغوية" ويتشبث ب"اللسانَين الأم"    الحصبة.. مراقبة أكثر من 9 ملايين دفتر صحي وتخوفات من ارتفاع الحالات    من العاصمة .. الإعلام ومسؤوليته في مواجهة الإرهاب    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    6 وفيات وأكثر من 3000 إصابة بسبب بوحمرون خلال أسبوع بالمغرب    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خبايا أسفار الملك محمد السادس
نشر في المساء يوم 06 - 07 - 2008

لم تقطع أحداث سيدي إفني زيارة الملك الخاصة لفرنسا، وظل يتابع تطوراتها من باريس، ويجتمع بالمسؤولين المغاربة الذين تنقلوا إلى مقر إقامته بمدينة برج إيفل للتباحث معه في آخر التطورات.. فكما يقول محمد السادس بنفسه: «ليس لدي لا توقيت ولا يوم محدد للراحة.. وهنا تكمن خصوصية مهنة الملك».
وبعد نهاية عطلته التي امتدت طيلة خمسة أسابيع وشملت جولة خاصة بين دول آسيوية وفرنسا، تناقلت وسائل الإعلام صور زيارة الود والمجاملة التي قام بها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بصحبه السيدة الأولى لفرنسا للملك داخل إقامته الخاصة..
عاد محمد السادس إلى المملكة ليضع حدا للتساؤلات التي تناسلت حول غيابه المطول.. ومباشرة بعد وصوله إلى المغرب، تم الشروع في تشكيل لجنة لتقصي الحقائق بمجلس النواب.
وشرع المقربون منه في إعداد أجندته الخاصة بالزيارات التي من المقرر أن ينظمها لعدد من المدن المغربية تسبقها دائما اجتماعات مع سلطات الوصاية والدرك الملكي والأمن بتلك المدن مع التشديد على كل التفاصيل المحيطة بالزيارة لضمان مرورها في أحسن الظروف.
خلال أسبوع واحد، زار العاهل المغربي مدينة طنجة التي تحولت، في ظرف يومين، إلى عاصمة للمملكة بعد أن اختار الملك توقيع برنامج الطرق السيارة بقصر مرشان وإعطاء التعليمات الخاصة بتدشين محطة جوية جديدة بمطار ابن بطوطة. انتقل بعدها شرقا إلى مدينة وجدة لتدشين ساحة 16 غشت بها، قبل أن يتحرر من البروتوكول ويتخلص من حراسه لكي يتجول في أزقة وشوارع المدينة العتيقة مشيا على الأقدام، ويلتقي مع التجار والحرفيين الذين احتشدوا عبر أزقة المزوزي وسوق الحبوس.
فبعد كل سفر وتنقل، هناك أجندة مشابهة.. تجعل الملك دائم القرب من شعبه.. لكن ماهي خبايا أسفاره خارج المملكة؟ وكيف يزاوج بين زياراته الخاصة وبين مقتضيات مهنته كملك؟
لم يتردد محمد السادس طويلا حين سأله صحفي فرنسي: «هل تسأل والدك عن سير المملكة؟»، ليجيبه قائلا: «نعم، في بعض الأحيان أسأله عما يفعله في المكتب».
قدم هذا الجواب وعمره 13 سنة.. وكان تعليق والده الملك الحسن الثاني: «هذا جواب يمكن أن يعطيه أي ولد في مثل عمره له أب يعمل في مكتب».
سيكبر محمد السادس ويرث عن والده مهنة «الملكية»، ورغم أن الملك الراحل قد أوضح قائلا: «لقد عانينا كثيرا من البيروقراطية الموروثة من زمن الحماية، وكل من يحيطون بي يعرفون أني أنظر إلى البيروقراطية كشر من أسوأ الشرور التي يمكن أن تكبل دولة عصرية.. ثم يعود ويضيف: «ولكن علي أنا كذلك أن أذهب إلى المكتب».
مهنة الملكية
الملك محمد السادس بدوره يمارس مهنته من «المكتب»، لكنه مكتب متحرك، وحتى مكتب «طائر» في كثير من الأحيان..
«دوري في النهاية هو أن أقرر ما هو حسن وما هو سيئ، وما هو صالح وما هو غير صالح، وأن أتثبت مما إذا كانت وعودنا قد نفذت، لكي أخفف الألم عن مواطني.. إنها مهنة كما سنرى، ليست دائما من غير أخطار..»، كان يقول الحسن الثاني. إلا أن خلفه ينظر إلى الأمور بشكل مغاير، فرغم أنه يقول دائما، كما صرح للشرق الأوسط فيما قبل: «إن جدي ووالدي رحمهم الله لم يتركا لنا شيئا، فهما اللذان فعلا كل شيء.. فالأول حرر المغرب والثاني بنى المؤسسات»، وهو يدرك جيدا أن الأولويات تتغير. «الأولويات اليوم بالنسبة إلي هي اقتصادية واجتماعية..»، يوضح الملك محمد السادس، فهو يعي أن الصراع الذي كان دائرا حول السلطة في العهد السابق لم يعد قائما، وبالتالي فإن ظروف قيامه بمهنته أصبحت مختلفة...
وكما كان يردد والده أن «عرش العلويين على صهوات جيادهم»، فإن ملك البلاد الحالي ظل منذ الشهور الأولى لاعتلائه العرش يرتب السفر تلو الآخر، سواء داخل المغرب أو خارجه.
فبالنسبة إليه، لا يمكن للملك أن يكون قريبا من شعبه إذا لم يكن ينهج سياسة القرب عبر جولات ميدانية بربوع المملكة. «لا يمكننا أن نلم بالمشاكل الحقيقية للسكان الذين نود مساعدتهم دون الاقتراب منهم، وثقافة القرب أساسية لنجاح المشاريع. إنه يتعين على المؤسسة (مؤسسة محمد الخامس للتضامن) أن تستهدف الحاجيات الحقيقية، وتحدد القطاعات الجمعوية والعمومية والخاصة التي يمكن أن تشترك معها في مجال التصور والتأطير والتدبير ومتابعة البرامج، وهكذا فإنني لا أتردد أبدا في التوجه شخصيا إلى الأماكن المعنية مصطحبا معي أعضاء المجلس الإداري للوقوف على المشكل والتأكد من البرامج وتوفر ظروف نجاحها»، يصرح لمجلة «لامدينا».
بروتوكول محمد السادس
إنه أسلوب محمد السادس الخاص به في طريقة تدبيره لمهنته، فكما يقر بأنه ليس في ملك نفسه، وإنما هو موجود لكي يضطلع بمهمة، تتلخص في أن يكون في خدمة المغاربة.
فإنه يعبر عن عدم رغبته في أن تكون شخصية ولي عهده مطابقة لشخصيته، ولكن أن تكون له شخصيته الخاصة، «فالأسلوب هو الرجل»..
وهنا يوضح محمد السادس أن البروتوكول الملكي سيظل هو نفسه، فالبروتوكول المغربي له خصوصيته، و«أنا حريص على المحافظة على دقته وعلى كل قواعده. إنه إرث ثمين من الماضي» يؤكد، «غير أنه يجب على البروتوكول أن يتماشى مع أسلوبي»، يقول. فهو لا ينكر أنه لا يوجد أي اختلاف في الالتزامات والواجبات والقناعات. «أنا أشبه والدي، وهو كان يعرف أن لي وجهات نظر أخرى، لكنه عودنا دائما على احترام اختلافات الأجيال»، يشرح خلف الحسن الثاني.
لا يوم محدد للراحة
فخلاصة أسلوب محمد السادس كما لخصه أحد أقرب أصدقائه هو مقولة «تازة قبل غزة»، أي إعطاء الأولية للملفات الداخلية. وأمام وعيه بالتحديات المطروحة على المملكة، فإن جميع أسفاره قد تتحول إلى ورشات عمل في كثير من الأحيان، لهذا لم يعد مفاجئا أن يعقد الملك لقاءاته الرسمية بأي مدينة كان متواجدا بها، سواء أكان في مهمة رسمية أو فترة استراحة، ولا حتى استقبال ضيوفه من خارج المملكة.
«أعتقد أن عدم الاكتراث، سواء كان المرء ملكا أم لا، يختفي مع بلوغ سن معينة، وتحل محله الرصانة التي تجعلك قويا في وجه الأحداث، تلك الرصانة التي تقودك إلى عدم نسيان مسؤولياتك المهنية أبدا، ولتفكر فيها طوال الوقت. فليس لدي لا توقيت ولا يوم محدد للراحة، ولا حتى عطل مخطط لها منذ وقت طويل بشكل مسبق. وهنا تكمن خصوصية مهنة الملك»، يشرح.
وقد سبق أن صرح أحد الصحفيين، الذين رافقوا الملك خلال سنوات حكمه الأولى، أنه كان يفضل أن يكون بحارا، أشهرا بعد توليه الحكم. وردد البعض أنه ينام في ورزازات ليستيقظ في طنجة، حيث زار العديد من المدن المغربية، وهو ما علقت عليه الصحافة الدولية بأن عاصمة المغرب توجد حيثما حل الملك.
لكنه رغم كل شيء يحتاج إلى قسط من الراحةّ، وإلى عطلة تمنحه حيوية جديدة لمواصلة مهمته.
فبعد عودته من سفره الأخير، صرح أحد رجال الأعمال بالدار البيضاء: «لقد أمضى الملك وقتا ممتعا بفرنسا وأفادته تلك الزيارة كثيرا».
أمام جميع الالتزامات، فإن محمد السادس يعشق السفر بشكل كبير، يقابله تكتم حول أسفاره المرتبطة بالعطلة، إذ لا يفصح البروتوكول الملكي عن الأسفار الخاصة التي يقوم بها الملك، إلا أنه تم خرق هذا النظام عندما استدعى الأمر ذلك في فبراير 2008، بعدما أنهى محمد السادس زيارة خاصة لفرنسا استغرقت 30 يوما، وذلك ردا على ما نشره موقع إلكتروني إسباني بخصوص خضوع الملك لعملية جراحية دقيقة وقضائه لفترة نقاهة، ليرد وزير الاتصال في سابقة من نوعها وينفي الخبر.
وحتى قبل أن يعود محمد السادس من زيارته الخاصة لآسيا وفرنسا الأسبوع الماضي، كان هناك سؤال واحد يؤرق بال الإعلام المغربي: «ألم يعد الملك بعد من جولته خارج البلاد؟»، فلا يمكن لأي كان أن يستخف بتفاصيل الحياة الخاصة للملك بحكم ارتباطها، كما يصرح هو بنفسه، بتدبير الشأن العام. وقد أكد البعض أنهم قد شاهدوا محمد السادس وهو يتجول بشارع «مونتين» الباريسي رفقة عدد قليل من حراسه الشخصيين، فيما يقسم آخرون على أن فؤاد عالي الهمة يرافق الملك في نصف رحلاته، مفندين بذلك الادعاءات التي تقول إن منير الماجدي لم يفارق الملك لحظة واحدة منذ أن سافر إلى الخارج قبل أسابيع. وإذا كانت شخصية الملك تجذب إليها الانتباه، فإن أسفاره شكلت موضوعا يجذب فضول شريحة واسعة من المغاربة.
فما إن تم الإعلان رسميا عن خبر سفر الملك، بدأ المبحرون في شبكة الأنترنت بتتبع أخبار رحلته الأسيوية والتي شملت الفيتنام والصين، وقامت الصحافة الصينية الفرانكفونية بتغطيتها. وعندما استقبل الملك في إقامته الخاصة بباريس الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وزوجته كارلا بروني، تناقلت الصحف المغربية الصورة التي جمعت الأسرة الملكية الصغيرة، وانضافت إلى الصور الرسمية الخاصة بالملك.
حراس الملك
وسواء كان سفره داخل المملكة أو خارجها، فإن حراسه الخاصين يرافقونه باستمرار.. ثلاثة منهم فقط هم الذين يستأثرون بعطف خاص من طرف الملك محمد السادس أثناء أسفاره، وهم ينحدرون من مدن فاس والرباط والدار البيضاء، وجميعهم يرافقونه في الخرجات الرسمية.
أهم حراس الملك خالد فكري، وهو من مواليد الرباط ومن أقرب المقربين إلى الملك، تعرض لإصابة بكسر في يده في أحد التداريب، بينما الحارس الثاني هو محمد مارسوهو من أبناء الدار البيضاء، وينحدر من درب السلطان، وكان هو الآخر من مرافقي الملك حين كان وليا للعهد.
ثالث الحراس الشخصيين هو عزيز الجعايدي، وهو من أبناء فاس، انتقل إلى مراكش وأقام في منزل خالته، حيث بدأ يمارس كرة السلة بالكوكب المراكشي ليعينه محمد المديوري مفتشا بالأمن الوطني، ثم نقله في ما بعد إلى الأمن الملكي، واستفاد من دورات تدريبية بالداخل والخارج، إلى أن أصبح حارسا لإحدى الأميرات، ثم حارسا لولي العهد، ثم بعد ذلك حارسا للملك بعد وفاة الملك الحسن الثاني.
ويعمل إلى جانب هؤلاء 26 حارسا آخرين، مدربين على الرماية والمناورة والسياقة وإصابة الهدف بسرعة وتضليل العدو والتغطية الأمنية. لكن حضور هؤلاء لا يمنع محمد السادس من التخلص من قيود الإجراءات الأمنية في العديد من المناسبات، حيث يفضل التجول بمفرده داخل شوارع مدينة معينة، أما بخصوص كثرة تنقلاته، فقد اعترف أحد الوزراء بأن نمط الملك الشاب لم يتغير بشكل كبير، إذ يتحرك كثيرا داخل المغرب إلى درجة تجعل من الصعب تحديد مكان وجوده، فقد سبق أن عقد محمد السادس العديد من اجتماعات العمل والمجالس الوزارية في مختلف المدن المغربية بعيدا عن الرباط: من مراكش إلى الدار البيضاء مرورا بتطوان أو أكادير...
وقبل تنقل الملك إلى أية مدينة، يسبقه مدير الأمن الملكي لمراقبة الإقامة الملكية ومحيطها والاجتماع بالأفراد العاملين بها والتنسيق مع والي الجهة ووالي الأمن وقائد الدرك الملكي بالمنطقة المعنية دون أن يكشف لهم التفاصيل.
يخصص الملك قصر الحبوس بالدار البيضاء للأنشطة الرسمية، ويفضل الإقامة بفيلته بآنفا وتلك المطلة على الكورنيش. أما في الشمال، يقيم الملك بالمضيق في فيلا مطلة على البحر، لتتحول بعدها قرية الصيادين من الوجهات المفضلة للمحيط الملكي، ويفضل الاشتغال بمكتبه بقصر مرشان بطنجة. لكن الأسفار لا تعني دائما الاسترخاء في القاموس الملكي، وعندما يقرر الملك زيارة مدينة ما فهو لا يقوم فقط بإطلاق المشاريع، بل ينقل معه كذلك محيط العمل الخاص به، ويوضح مسؤول بوزارة الداخلية أن الداخلية بهذا الشكل تحافظ على تقاليدها في الحكم بسلاسة بغض النظر عن تغيير المكان.
حسب المقربين منه، يبتدئ يوم محمد السادس بحصة من الرياضة أو حمام من المياه المعدنية. وتتوفر الإقامات الملكية بأكادير وتطوان على صالات رياضية كاملة التجهيز يستعملها بشكل منتظم، خاصة عندما يطول مقامه بتلك المدن، وهو يفضل، حسب المقربين منه، مزاولة كرة السلة مع مرافقيه.
أما في فصل الشتاء، فيفضل محمد السادس قضاء عطلته بكورشوفيل أشهر محطات التزلج بفرنسا، هناك قد تشاء الصدف أن يقابل الأمير السعودي الوليد بن طلال أو أحد نجوم الارنبي (أحد الأنماط الموسيقية التي يفضلها الملك)، حيث تمكن المصورون من التقاط صور للأميرة للاسلمى وهي تمارس رياضة التزلج.
في أقل من ستة أشهر، زار الملك باريس حيث تقطن والدته الأميرة للالطيفة، وتستمتع الأسرة الملكية بممارسة عاداتها في التسوق.. وقد سافر الملك أشهرا بعد وفاة الحسن الثاني إلى فرنسا للتخلص من الضغوط التي تعرض لها أثناء إعداده للمرحلة الانتقالية التي عرفها المغرب في تلك الفترة، عندها التقطت الصحافة الفرنسية صورا لملك شاب متحرر بسروال جينز وسترة جلدية وهو يهم بمغادرة فندق باريسي رفقة منير الماجدي وعدد من حرسه الخاص، بعد أن تعود، عندما كان وليا للعهد، على الظهور ليلا بباريس في أماكن اللهو والسمر. الوجهة الثانية المفضلة لمحمد السادس هي آسيا، حيث أمضى رحلة شهر العسل بجزيرة بوكيت بالتايلاند، وعاد ليزور إمبراطورية الشمس المشرقة في زيارة رسمية استقبله فيها إمبراطور اليابان. يرى المتتبعون أن ما يميز محمد السادس عن والده هو صعوبة التمييز بين زياراته الخاصة والرسمية، كما أنه يقرر في بعض الأحيان تمديد إقامته أياما قد تمتد لتصبح أسابيع.. تكرر هذا الأمر عندما حل بالجزائر سنة 2005 لحضور أشغال القمة العربية، حيث مدد في آخر لحظة إقامته لمدة خمسة أيام واستقبل في إقامته الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة. قبلها بأشهر، قام الملك بزيارة رسمية إلى أمريكا اللاتينية، رافقه خلالها مجموعة من الوزراء ورجال الأعمال الذين أمضوا أوقاتا ممتعة حسب ما أكده أحد الحاضرين الذي أضاف:«قرر الملك تمديد فترة إقامته دون أن يخبر أحدا، واعتقد بعض رجال الأعمال أنه يتعين عليهم الانتظار بدورهم، واضطروا مقابل ذلك أن يدفعوا من جيوبهم مصاريف تلك الأيام الإضافية». عند العودة إلى المغرب، كانت هناك مفاجأة في انتظارهم بعد أن خصص لهم محمد السادس منحة خاصة.
وجهات افريقية
جدد محمد السادس، خلال السنوات الأخيرة، علاقاته مع عدد من الدول الإفريقية، وهو ما أبرزته الزيارة الأخيرة للسنغال لحضور أشغال منظمة المؤتمر الإسلامي والتي تم تمديدها لأسبوع إضافي بعد أن طلب حضور الممون الملكي «رحال». وقد شوهد الملك يتجول رفقة كريم واد نجل الرئيس السنغالي الذي يعد صديقا مقربا إليه ويتقاسم معه هواية الجيت سكي والشطرنج بعد أن تعرف عليه في غشت 2004 أثناء زيارته للمغرب.
على متن الطائرة الملكية
لا يترك أي مجال للصدفة في ما يخص أي تنقل ملكي داخل أو خارج المغرب، سواء فيما يخص الطاقم المرافق أو الخدمات الخاصة بإجراءات الأمن. يسافر الملك دائما وبشكل حصري على متن رحلات طائرات الخطوط الملكية المغربية. وما إن يتم الإعلان عن رحلة ملكية، حتى تستعد طائرة بوينغ 747 للإقلاع في أية لحظة، لأن الملك هو الوحيد الذي يعلم بموعد السفر والوجهة التي يريدها إلى جانب دائرة ضيقة من المحيطين به تكون على دراية بتفاصيل الرحلة. يتم إغلاق المطار في الإقلاع والهبوط، ولا يتم السماح لأي جسم طائر بالتحليق في محيطه، إلى جانب ذلك، تتهيأ طائرتان احتياطيتان للتدخل في حالات الإنقاذ. ترتكز القواعد على إقلاع طائرة تجريبية رقم رحلتها 001 من أجل التعرف على التصحيحات التقنية الخاصة بالطائرة التي ستنقل الملك.
يتم اختيار طاقم الرحلة سواء التجاري أو الموجود في قاعدة القيادة أو المسؤولين التقنيين بعناية شديدة بعد نجاحهم في العديد من الاختبارات. من بين أعضاء الطاقم المرافق يتناسل الحديث عن «مضيفة ملكية»، وهي مستخدمة ترافق العاهل في جميع رحلاته.. لا يقترب من الملك سوى أشخاص يعدون على رؤوس الأصابع، ولا تغفل أعين حراسه عنه أثناء تقديم كل أشكال الخدمات إليه. أثناء الرحلات، لا يحمل الطاقم المرافق أمتعته في نفس الطائرة التي يمنع استخدام الهاتف النقال على متنها، إذ يتم تخصيص طائرة مرافقة تنقلها.
يخصص الملك ثلثي طائرة البوينغ لمرافق بيت مصغر يضم بهوا وغرفة نوم شخصية، حماما ومكتبا وقاعة للاجتماعات، ويخصص الثلث الباقي للوفد المرافق له (وزراء، مسؤولون كبار...) يغادرون أمكنتهم بعد أخذ إذن شخصي من الملك. مظاهر الراحة والرفاهية لا يمكن أن تخطئها العين: عطور ومنظفات ذات ماركات عالمية، وشاي خاص ووجبات غذائية أعدها طباخو القصر وتقدم داخل أوان فاخرة قادمة من «برناردو ليموج» الفرنسية. ويفضل محمد السادس مطالعة الجرائد والمجلات خاصة «باري ماتش»، ولا يحب أن يزعجه أحد أثناء انكبابه على القراءة. وقد يدعو محمد السادس أحد رجاله لمرافقته إلى بهوه الخاص أو مكتبه من أجل مناقشة أحد الملفات، وقد يستغرق اللقاء دقائق كما قد يمتد إلى وقت أطول حسب طبيعة الموضوع وموقع الضيف.. ويتوجه محمد السادس إلى قمرة القيادة لمتابعة لحظة الإقلاع والهبوط والدردشة مع الربان وطاقمه.
هكذا يمضي الملك معظم أسفاره إلى الخارج عبر الطائرة، وما إن يعود إلى إقامته بالرباط حتى يجد أمامه أجندة جديدة من التنقلات داخل المملكة.. إنها مستلزمات مهنة «ملك» أراد أن يظل قريبا من المواطنين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.