يتسابق الناس بمختلف ألوانهم و أشكالهم و مشاربهم عبر العالم، في شهر رمضان لتعليق الزينات، وتخصيص الرسومات وإنارة الفوانيس، وتبادل التهاني، والمبالغة في إظهار الفرح بقدوم رمضان بإذاعة المسلسلات الفكاهية، و الأعمال الدرامية، فيما تتسابق فئة أخرى إلى الدعاء والقيام وقراءة القرآن، والتنافس في الطاعات. وتختلف مظاهر استقبال الشهر الكريم من بيت لبيت، ومن ثقافة إلى ثقافة، كما تختلف من بلد لآخر، فبينما تحتفل بعض الأسر بشراء مستلزمات رمضان قبل شهر كامل تحتفل أسر أخرى بتعليق الزينة، وشراء بعض المأكولات الخاصة بهذه المناسبة. إن المسلمين في كل مكان فوق سطح هذه البسيطة، يتطلعون الى هلال شهر رمضان، يفرحون بمقدمه، لأن الشهر يحمل في طياته ذكريات، ومعاني، ومناسبات لها ارتباط وثيق بحياة كل مسلم . ففيه مشاعر غريبه يحملها كل مسلم لأخيه المسلم، نرى الغني يعطف على الفقير، القوي يرحم الضعيف. شهر يشعر المسلمون جماله وبهاءه، تغمرهم الفرحة بالصيام و القيام و لكل شأن يغنيه. رمضان حول العالم، سلسلة تنشرها بيان اليوم عبر حلقات طيلة الشهر الفضيل للسفر بقرائها إلى مختلف بلدان العالم، و الإبحار في تاريخ الأمم، من أجل لاقتراب أكثر من تقاليدهم و ثقافاتهم و عاداتهم في استقبال رمضان و طقوس قضاءه. صيام بارد بأرض «الفايكنغ» المسلمون في السويد من أقصى شمال الكرة الأرضية، ومن أوربا الباردة وأرض الفايكنغ تشرق شمس الإسلام رغم برودة الطقس التي تصل إلى حد التجمد، فيزداد التواجد الإسلامي وترتفع معدلات انتشار الإسلام حتى أصبح الديانة الثانية في بلاد لم يكن له فيها أثر قبل ربع قرن من الزمان.. ويبلغ عدد المسلمين في السويد بحسب بعض الإحصائيات والصحف السويدية 400 ألف مسلم، وللمرء في السويد الحرية الكاملة في ممارسة شعائره الدينية. بل أن إدارات المدارس تساعد في الكثير من الأحيان في تطبيق الطقوس الدينية على أكمل وجه. وعلى سبيل المثال لا تجبر المدارس السويدية تلامذتها المسلمين على تناول طعام الغذاء في صالات الطعام الموجودة في جميع المدارس السويدية والتي تقدم بشكل مجاني. ولا يُحتسب عيد الفطر يوم عطلة رسمية في التقويم السويدي غير أن إدارات المدارس تسمح لطلابها بعطلة ليوم واحد أو ليومين احتراما للمسلمين وتقاليدهم. رمضان في السويد ينتهز المسلمون في السويد شهر رمضان المبارك للحفاظ على تقاليدهم الشرقية وتعزيز هويتهم الإسلامية، ابتداء من المنزل ومرورا بالمسجد وانتهاء بالشارع السويدي، فيما تشهد المحلات التجارية وخاصة بيع المواد الغذائية ازدحاما شديدا لشراء اللوازم الخاصة بالشهر الفضيل. ويقول أبو غادة، وهو عراقي وصل إلى السويد عام 1983وصاحب محل لبيع المأكولات والحلويات الشرقية أن «مبيعاته في تزايد مستمر طيلة شهر رمضان المبارك، إذ يكتظ المتجر بالمتسوقين من العائلات العراقية والعربية المسلمة خلال هذا الشهر». وفي رمضان تبدو المحلات الشرقية مكتظة بحركة المتبضعين، وهي متاجر صغيرة تعود في أغلبها إلى المقيمين من دول الشرق الأوسط، تقدم البضائع والمأكولات للعائلات المنحدرة من أصول عربية. وتعج هذه المحلات في أيام شهر رمضان المبارك بمختلف أنواع المواد الغذائية والسلع والبضائع المألوفة في مجتمعاتنا التي تلبي ذوق المتسوق الشرقي والتي تفتقر إليها المحلات والمتاجر السويدية. وأعتاد أبو غادة على رص الحلويات وعلب التمر التي خص متجره بها خلال أيام شهر رمضان بعناية تامة على منضدة خشبية توسطت المتجر الكبير الذي يملكه في العاصمة ستوكهولم. ويضيف أنه «حريص على توفير كافة المستلزمات الغذائية التي تقبل عليها العائلات العراقية المهاجرة لإعداد أكلاتها الشعبية المعروفة التي اعتاد العراقيون على تناولها خلال شهر رمضان والتي تفتقر إليها أغلب المحلات السويدية». ويشير إلى أن الكثير من الصائمين يترددون إلى المحلات الشرقية لما فيها من مواد يصعب إيجادها في المتاجر والمحلات السويدية. وتزدحم المحلات الشرقية بشكل كبير قبل موعد الإفطار بساعة أو ساعتين، إذ يسارع المتبضعون لإكمال شراء حاجتهم قبل إقفالها وخاصة شراء الحلويات المختلفة ومنها «الزلابية والحلقوم والبقلاوة»، فضلا عن الكرزات التي يقضون بها المساء. صعوبة الطقس في رمضان السويد حل رمضان على العرب المسلمين هذا العام في السويد وسط أجواء خريفية جميلة أشبه بفصل «الخريف» في العراق، لا برد قارص تتكتك له الأسنان، ولا رطوبة عالية تكتم الأنفاس. وتبقى العائلات المسلمة في السويد تلتزم بالصوم خلال شهر رمضان رغم ساعات الدوام الطويلة وكثرة المشاغل والمسؤوليات التي تحتم على العائلة أن لا تجتمع فيها إلا في المساء. تقول آم حنان (55 عاماً)، وهي تعمل كممرضة للأطفال في إحدى المستشفيات السويدية بأنها تنهي عملها في الخامسة مساءً إلا أن بعد المسافة بين مكان عملها والبيت يحتم عليها الوصول بعد الساعة السادسة. وتضيف أن «نمط حياتي خلال شهر رمضان يصبح بوتيرة أسرع من بقية الأشهر، فأضطر إلى التسوق يومياً قبل المجيء إلى البيت لأعداد وجبة الإفطار لانشغل بعد ذلك في أمور المطبخ والأطفال». وتهتم اغلب العائلات المسلمة في شهر رمضان المبارك في السويد بمشاهدة التلفاز بحلته البرامجية الجديدة والغزيرة التي تنهال من كل حدب وصوب خلال الشهر، إذ تتجه أنظار الصائمين نحو شاشات التلفاز محاولين التواصل مع مجتمعاتهم وعاداتهم الرمضانية عبر الأثير. وتوضح سلمى حيدر، أن اهتمامها بما تطرحه القنوات الفضائية من جديد في شهر رمضان يجعلها تقضي الكثير من الوقت أمام التلفزيون ومشاركة بقية أفراد العائلة بمشاهدة الأعمال الدرامية الجديدة. وتتابع في حديثها انه «من الصعب على العائلات العراقية التزاور فيما بينها آو تناول الإفطار معاً بسبب اختلاف الأنظمة الحياتية وساعات العمل التي تأخذ معظم الوقت، كما أن الكثير من العائلات تؤجل لقاءاتها واجتماعاتها وزيارتها إلى عطلة نهاية الأسبوع». وتعتقد سلمى أن «التلفاز» يصبح أقرب منفذ يمكن المرء من خلاله التواصل مع الفعاليات الرمضانية التي تجري في العراق أو في غيره من الدول العربية. ولرمضان في عطلة نهاية الأسبوع ، نكهته الخاصة، حيث تتزاور العائلات فيما بينها ويتبادلون دعوات الإفطار، فهناك الكثير من الوقت لأعداد أشهى الموائد والأكلات التي تزين المائدة العراقية مثل «البرياني» و «الدولمة» و «الكبة» وغيرها من الأكلات الشعبية. تقول أم خالد إنها تجتمع بأبنائها الثلاثة وعائلاتهم في العطلة من كل أسبوع، غير أن اجتماعهم في رمضان يكون له طابعه العراقي الخاص. وتضيف أن «التجمع الرمضاني الذي أعده لعائلتي مصغر قياسا لما أعتدت القيام به عندما كنت في بغداد عندما أدعو الأهل والأحبة على مائدة الإفطار الغنية، وان رمضان يعيد لي الحنين إلى الأهل والوطن». رمضان بنكهة اسكندينافية هناك فارق كبير بين الدول الإسكندنافية وبقية أنحاء أوروبا فيما يتعلق بشهر رمضان وكل ما يتصل بالإسلام، إذ إن الوجود الإسلامي في هذه الدول حديث جدًّا إذا ما قورن ببقية الدول الأوروبية، كما أنه ضعيف نسبيًّا أيضًا. لذلك فإن أول ما نلاحظه أن الحال في هذه الدول لا يتغير كثيرًا في رمضان عنه في بقية شهور السنة، نظرًا لقلة عدد المسلمين بها، بينما على النقيض من ذلك فإن رمضان يغير حياة المسلمين فيها تمامًا حتى قبل حلوله؛ إذ نبدأ قبله بأيام في تتبع أخباره، ونستعد لاستطلاع هلال الشهر الذي يصبح محور اهتمامنا الأول. ودائمًا ما يظهر تيار الجدل المعتاد حول ثبوت الهلال وبداية الصوم، نظرًا لاختلاف التجمعات الإسلامية حول منهج إثبات الرؤية، واختلاف الدول التي يتبعونها في بداية الشهور العربية وفي توقيت الإمساك والإفطار أحيانًا، مما يحدث اضطرابًا يستمر حتى ثبوت الهلال، خاصة في ظل عدم وجود مؤسسة إسلامية يمكنها توحيد الرؤية بين المسلمين... وحتى المراكز الإسلامية الموجودة – وأشهرها المركز الإعلامي الإسلامي – ليس لديها القدرة على إبلاغ كل مسلمي البلد بثبوت الهلال خاصة في ظل تجاهل وسائل الإعلام السويدية لمثل هذه الأمور إلى وقت قريب.. وغالبًا ما يحسم هذا الخلاف بين المسلمين بإتباع مكةالمكرمة «أم القرى» في أهلة الشهور العربية وقد بدأ يستقر ذلك.. وبمجرد إعلان الرؤية يتجه المسلمون من أنحاء البلاد إلى أقرب المساجد إليهم، وهي بالمعنى الدقيق «مصليات» يستأجرها المسلمون لأداء الصلوات والشعائر المختلفة، وتفتح أبوابها في رمضان طيلة اليوم، حيث تحيى أول ليلة بصلاة التراويح وحلقات الذكر وقراءة القرآن ويتبادل المسلمون التهاني والتعارف. السويد في سطور هي مملكة السويد، دولة أوربية تتميز بموقعها الاستراتيجي نظراً لوقوعها على المضيق الدانمركي الذي يربط بين كل من بحر البلطيق وبحر الشمال، وتعد السويد من أغنى بلاد العالم من حيث عدد البحيرات حيث تضم حوالي 100 ألف بحيرة، وعرفت السويد كأخر البلاد الأوربية التي زال عنها الجليد.