قرار محكمة العدل الأوربية الاستئنافية باللوكسمبورغ، أول أمس الأربعاء، والقاضي بإلغاء الحكم الابتدائي الذي كان قد صدر عن المحكمة نفسها في دجنبر من العام الماضي، جسد رسالة سياسية جوهرية وقوية تؤكد افتقار "جبهة البوليساريو "لأي صفة للتقاضي، وانعدام تمثيليتها لما تسميه "الشعب الصحراوي"، كما أنها ليست مؤهلة، في نظر الهيئة القضائية الأوروبية، للدفاع عن المصالح الاقتصادية للساكنة، ومن ثم، اعتبرت المحكمة طعن الجبهة الانفصالية" غير مقبول"، وقضت بإلغاء الحكم الابتدائي. من المؤكد ستكون هناك حيثيات وشكليات وتفاصيل متضمنة في نص ومنطوق قرار محكمة اللوكسمبورغ، يجب على المغرب والاتحاد الأوروبي التعاطي معها واستحضارها، ولكن الرسالة أعلاه تبقى ثابتة وواضحة، وتوجه صفعة قوية للجزائر وصنيعتها في تيندوف. لقد سبق لخصوم وحدتنا الترابية منذ دجنبر 2015، وطيلة هذا العام، أن طبلوا للقرار الابتدائي لمحكمة العدل الأوروبية، وامتطوا ظهره للادعاء بكون الجبهة الانفصالية هي الممثل الشرعي والوحيد لما يسمى "الشعب الصحراوي"، وهذه الأسطوانة المشروخة سقطت اليوم، وباتت في حكم العدم، وفق القرار الصادر عن القضاء الأوروبي. هذا القرار يقول اليوم بأن الحكم الابتدائي ألغي، وطعن" البوليساريو" غير مقبول، وهي تتحمل مصاريف الدعوى وتلك التي رفعها مجلس الاتحاد الأوروبي، وذلك عكس ما كان قد صدر عن المحكمة الابتدائية من قبل، والذي يقر بتمثيلية "البوليساريو" وحقها في الطعن. يعني ما سبق، فشل خصوم المغرب مستقبلا في استغلال الواجهة القضائية الأوروبية والدولية للضغط على المملكة، كما أن" البوليساريو" وخلفها الجزائر لن يكون بإمكانهما مستقبلا الطعن في قانونية الاتفاقيات بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، وهذا من شأنه توفير الأمن والاستقرار القانونيين للشراكة المغربية الأوروبية، وتمكينهما من تطوير مجالاتها، سواء على صعيد الفلاحة والصيد البحري، أو على مستوى التعاون الأمني والاستخباراتي والديبلوماسي والاستراتيجي. وعلى صعيد آخر ذي صلة، فإن الرسالة المتضمنة في قرار محكمة العدل الأوروبية لأول أمس الأربعاء، تبرز كذلك أن السعي لإيجاد حل لهذا النزاع المفتعل حول الوحدة الترابية للمغرب، والمفاوضات بين أطرافه، مكانها هو الأممالمتحدة ومجلس الأمن، أي السياسة، وليس المحاكم والقضاء، ومن ثم بإمكان المغرب والاتحاد الأوروبي الاستمرار في تطوير شراكتهما الثنائية، وهو ما سارع الطرفان للتعبير عنه فور صدور قرار المحكمة، حيث أعلنا أن اتفاقاتهما تبقى سارية المفعول، وهذا أيضا يسقط ما كان يدعيه الانفصاليون بخصوص "انعدام السيادة للمغرب على أقاليمه الجنوبية". الآن، على الديبلوماسية المغربية استثمار هذا التحول في موقف القضاء الأوروبي، والانطلاق من انعدام الصفة لدى "البوليساريو"، وافتقارها ل"تمثيلية" ساكنة الصحراء والدفاع عن مصالحها الاقتصادية أو التقاضي باسمها، لصياغة دينامية هجومية على الصعيدين الأوروبي والدولي، وخصوصا تجاه الأممالمتحدة ومجلس الأمن، بغاية تسريع وتيرة البحث عن حل نهائي للنزاع المفتعل على قاعدة مقترح الحكم الذاتي الذي عرضته المملكة. قرار محكمة العدل الاوروبية يمثل إذن ورقة إيجابية في صالح الديبلوماسية المغربية لتقوية حضورها دفاعا عن القضية الوطنية، ويجب استثمار ذلك، وأيضاً الحرص على تعزيز الجبهة الشعبية والسياسية والإعلامية الداخلية بارتباط مع الاستحقاقات الديبلوماسية والسياسية الإقليمية والدولية المرتقبة هذه السنة، وذات العلاقة بالملف.