انطلقت هذا الأسبوع فترة الانتقالات الشتوية بالبطولة الوطنية الاحترافية لكرة القدم، ويلاحظ فتور غير مسبوق في هذا السوق الذي تعودنا اشتعاله، على غرار ما حدث مثلا خلال السنوات الأخيرة التي كانت تشهد تطاحنا كبيرا وتسابقا بين أغلب الأندية، خاصة بالقسم الأول. والملاحظ أن مسألة الصفقات الخاصة باللاعبين، تخلف سنويا الكثير من المشاكل التي تتراكم ملفاتها أمام اللجان المختصة بالجامعة، إذ فاق عدد الملفات المعروضة حاليا أمام أنظار الجهاز الجامعي كل التوقعات، مع ما يتطلب كل ملف من بحث وتقص ووثائق واجتماعات واتصالات مختلفة... والثابت أن الغموض الذي يلف عادة مسألة الانتقالات في ظل غياب قانون واضح ومنظم، يسمح بحدوث تجاوزات هي السبب في تعدد النزاعات وتراكم الملفات، مع ما يترتب عن ذلك من انعكاسات سلبية تذهب ضحيتها مالية الأندية ومصالح اللاعبين على حد سواء. والمؤكد أن أرقاما كبيرة تروج بسوق غير منظم تماما، وبصفقات أغلبها يمر في الظلام، وبعقود توقع من طرفين فقط، دون أن تصل إلى عيون الإدارة المفروض أن تراقب كل الصفقات، وأن تؤدي مقابلها ضرائب أو رسوما، كما هو الشأن في كل عمليات البيع والشراء والعقود والصفقات الجاري بها العمل في كل الميادين، لكن الميدان الرياضي يشكل وحده -وللأسف- الاستثناء. فالأغلبية الساحقة من الأندية إن لم نقل كلها، تفضل إداراتها عدم الإعلان عن صفقات اللاعبين وتعتبر المسألة شأنا داخليا، وهذه النظرة لا تتناسب مع زمن دخلته كرتنا منذ ست سنوات ويسمى "الاحتراف". قد تكون وجهة نظر الأندية بخصوص فرض السرية أثناء المفاوضات مقبولة لتفادي عدم دخول أي ناد آخر على خط المفاوضات، لكن بعد إعلان التعاقد رسميا مع اللاعب يتوجب أن يحاط الإعلام والجماهير علما بقيمة الصفقة، واعتماد الأندية مبدأ الشفافية سيساعد كثيرا على تطور الاحتراف، فقيمة أي بطولة مرتبطة بمستوى وقيمة أسعار لاعبيها. إن إخفاء إدارات الأندية للمعلومات المتعلقة بقيمة صفقات اللاعبين لمن شأنه تغذية باب الشائعات أو الاجتهادات الخاطئة، خاصة وأن الإعلام مطالب بتقديم المعلومة للمتلقي، وأمام التكتم الذي يتعامل به مصدر الخبر، وعدم تمكين الصحفي من المعلومة من مصدرها، يفتح باب الاجتهاد، وفي هذه الحالة قد يصيب الإعلامي أو يخطئ، وبالتالي فالمتضرر الأول هو النادي وجمهوره. المؤكد أن أكثر الطرق حماية لمصالح الأندية هي الشفافية في التعامل مع محيطها، وعدم الوضوح والسرية له انعكاسات وأضرار بالغة وعلى جميع المستويات. المؤكد أن صفقات انتقالات اللاعبين، يعتبرها مسؤولو الأندية الوطنية صندوقا أسود، والأرقام التي يعلن عنها غير حقيقية تماما، وكل الأوساط الرياضية على يقين بأن هناك تلاعبات تحدث بالجملة، لكن أصحابها يفلتون من العقاب، في غياب قوانين تحمي وتحصن القطاع ككل. كل هذه المعطيات التي قدمناها تبقى السبب الرئيسي وراء كثرة النزاعات والخلافات الخاصة بصفقات الانتقالات، مع أن كل الدلائل تشير بوضوح إلى أن هناك مستفيدين من وراء هذا السوق غير المنظم وهم بالأساس السماسرة والوسطاء، ومن ورائهم بعض المسيرين غير النزيهين وما أكثرهم، دون أن نستثني بعض المدربين سامحهم الله...