تصريح غير عادى جاء على لسان منصف بلخياط، خص به الإذاعة الوطنية زوال يوم الأحد. فقد قال وزير الشبيبة والرياضة أن عهد اللا قانون قد ولى، وأنه يعرف رؤساء فرق يبيعون اللاعبين بمئات الملايين، لكن هذه الصفقات يغلب عليها طابع اللا شفافية، مضيفا أن جل عمليات بيع وشراء اللاعبين تتم في الكواليس، ما يجعل رجال الأعمال يتهربون من الاستثمار في المجال الرياضي، مؤكدا أن القوانين ستحث الفرق على العمل في إطار شركات رياضية. والوزير الذي يحطم كل الأرقام القياسية فيما يخص خرجاته الإعلامية، صورة وصوتا وكتابة، إلى درجة لا تحتمل، وفي زمن قياسي تحول إلى ملازم لنشرات الأخبار السياسية والبرامج الرياضية أكثر من وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، كان هذه المرة محقا في موقفه، بخصوص هذه الصفقات التي يقدر رقم معاملاتها بملايير السنتيمات دون حسيب ولا رقيب. فمع الارتفاع غير العادي لدرجة الحرارة في كل صيف، ترتفع معها حرارة سوق انتقالات اللاعبين، لتصل حسب ما يروج على الساحة إلى أرقام غير مسبوقة، يغذيها تسابق جنوني لأبرز الأندية الوطنية لجلب أبرز اللاعبين الجاهزين، وهذه الحرارة لا تنخفض حتى بعد انخفاض حرارة الطقس خلال الميركاتو الشتوي، إذ تواصل هذه السوق السوداء نشاطها بنفس الدرجة أو أكثر. أرقام كبيرة تروج بسوق غير منظم تماما، وبصفقات أغلبها يمر في الظلام، وبعقود توقع من طرفين فقط، دون أن تصل إلى عيون الإدارة المفروض أن تراقب كل الصفقات، وأن تؤدي مقابلها ضرائب أو رسوم ، كما هو الشأن في كل عمليات البيع والشراء وعقود والصفقات الجاري بها العمل في كل الميادين، إلا الميدان الرياضي الذي يشكل وحده الاستثناء. فالأغلبية الساحقة من الأندية إن لم نقل كلها، تفضل إداراتها عدم الإعلان عن صفقات اللاعبين وتعتبر المسألة شأنا داخليا، وهذه النظرة لا تتناسب مع زمن الاحتراف الذي نطمح له. قد تكون وجهة نظر الأندية في فرض السرية أثناء المفاوضات مقبولة لتدارك عدم دخول أي ناد آخر على خط المفاوضات، لكن بعد إعلان التعاقد رسميا مع اللاعب يجب أن يحاط الإعلام والجماهير علما بقيمة الصفقة، واعتماد الأندية مبدأ الشفافية سيساعد كثيرا على تطور الاحتراف، فقيمة أي مسابقة مرتبطة بأسعار لاعبيها. كما أن المشكل الحقيقي ليس في إعلان أو عدم إعلان قيمة عقود اللاعبين، ولكن في نوعية اللاعبين الذين يتم التعاقد معهم خاصة وأن الأغلبية الساحقة لا تستحق المبالغ المالية العالية التي تدفع لها. إن إخفاء إدارات الأندية أي معلومات متعلقة بقيمة صفقات اللاعبين أمر من شأنه أن يفتح باب الشائعات أو الاجتهادات الخاطئة، التي لا تفيد الأندية. خاصة وأن الإعلام مطالب بدوره أن يقدم المعلومة للقارئ وعدم مبادرة الأندية بتسهيل هذا الدور لوسائل الإعلام أمر من شأنه أن يفتح باب الاجتهاد وقد يصيب أو يخطئ الإعلامي في تقديم المعلومة الصحيحة، وبالتالي إن أكثر المتضررين سيكون النادي. المؤكد أن أكثر الطرق حماية لمصالح الأندية هي الشفافية في التعامل مع وسائل الإعلام والجمهور في ما يتعلق بصفقات اللاعبين، فالسرية لن تضمن نجاح الصفقات بل على العكس ستخلف أضرارا بالغة. ونحن الذين نحب أن نقارن واقعنا بما كل ما هو آت من أوروبا، فإننا نجد هناك صفقات التعاقد مع اللاعبين في أوروبا على مستوى عال من الشفافية، إضافة إلى أن الميزانية العمومية والتقارير المالية للأندية يتم طرحها في نهاية كل موسم عبر وسائل الإعلام المختلفة، بل إن بعض الأندية العالمية كعملاق الكرة الإسبانية ريال مدريد وعملاق الكرة الإنجليزية مانشستر يونايتد كمثال يقومان بطرحها على موقعهما الرسمي. وفي التفاصيل، فإن صفقات اللاعبين سواء كانت البسيطة أو الباهظة الثمن والأكثر إثارة للجدل في الشارع الرياضي بالقارة العجوز، يتم الإعلان عنها عبر وسائل الإعلام المختلفة، والمواقع الإلكترونية الرسمية للأندية ولا يخفى على الشارع الرياضي أرقامها إلا نادرا. المؤكد أن صفقات انتقالات اللاعبين، يعتبرها مسؤولو الأندية الوطنية صندوقا أسودا، والأرقام التي يعلن عنها غير حقيقية تماما، وكل الأوساط الرياضية على يقين بان هناك اختلاسات بالجملة، وأمام الرأي العام، لكن أصحابها يفلتون من العقاب، في غياب قوانين تحمي القطاع، هذا القانون الذي ينتظر تطبيقه السنة القادمة مع دخول العمل في إطار الشركات ذات المنفعة العامة، الهدف منه تقنين الممارسة، وتنقية محيط الأندية من المسيرين الفاسدين، ليتسنى بعد ذلك إسناد الأمور لأطر اقتصادية من طراز عال جدا، إما عن طريق التعيين أو بشراكات مع المؤسسات الكبرى.