ما حدث في عاصمة غينيا الاستوائية مالابو، التي استضافت القمة العربية الإفريقية الرابعة، وانسحاب المغرب بمعيّة بلدان عربية وإفريقية ساندته، يؤكد أن توجه المملكة نحو الاتحاد الإفريقي وسعيه لاستعادة عضويته داخل المنظمة، وترسيخ أدواره على الصعيد القاري، قد دخل مرحلة جديدة أكثر إصرارا على الموقف وعلى المبادئ والوضوح. القرار المغربي بالانسحاب كان حازما واستند إلى أن المشاركة في الأنشطة التي تجمع الطرفين، العربي والإفريقي، يجب أن تقتصر على الدول الأعضاء في هيئة الأممالمتحدة، واستحضر، في هذا السياق، دورتي ليبيا والكويت السابقتين، حيث غابت عنهما "البوليساريو". من المؤكد أن حرص خصوم الوحدة الترابية للمغرب على فرض مشاركة "البوليساريو" في قمة مالابو، يندرج ضمن المناورات التسخينية استعدادا لمؤتمر الاتحاد الإفريقي المرتقب في أديس أبابا، ومن ثم جاء الرد المغربي صارما وسريعا ليؤكد أن الرباط مستمرة في معركتها على الواجهة الإفريقية ولن تتراجع. من جهة ثانية، خلف ما حدث في مالابو تساؤلات عن موقف البلد المستضيف للقمة، أي غينيا الاستوائية، حيث أنه بالرغم من إيجابية علاقاتها مع المغرب، فإن ما لم ينجح خصوم المملكة في تحقيقه خلال قمتي ليبيا والكويت السابقتين، تمكنوا من بلوغه بمناسبة القمة الحالية، وهو ما يفتح الباب للتساؤل عما إذا كانت هناك مشكلة ما في العلاقة مع هذا البلد أم أن قيادته تتعرض لضغوط ما من لدن خصوم الرباط. وفي كل الأحوال، وبغض النظر عن أسلوب تعامل بعض الدول مع الانسحاب المغربي من قمة مالابو (مصر مثلا، وأيضا موريتانيا وسواهما)، فإن المملكة أبانت عن دينامية هجومية تحقق خطوات متقدمة إلى الأمام في إطار تمتين حضور المغرب ودوره على مستوى إفريقيا، وذلك مقابل انحسار واضح لأطروحة خصومه وتوالي مظاهر الفشل خلال مناسبات متتالية. إن قمة غينيا الاستوائية أبرزت كذلك الدعم الخليجي الراسخ والقوي للمغرب، فضلا عن التأييد الأردني واليمني والصومالي، وهو ما لفت إلى أن الرباط باتت تتحرك عربيا ضمن كتلة قوية أساسية تشمل بلدان مجلس التعاون الخليجي والأردن، وعلى الصعيد الإفريقي ضمن تحالف واسع يرتكز، بالخصوص، إلى الدول التي كانت قد وقعت على طلب استعادة المملكة لعضويتها في الاتحاد الإفريقي، وبلدان أخرى، والتكتلان معا يحضران أيضا في المحافل والمنتديات المشتركة وعلى صعيد الحضور في اللقاءات الدولية والإقليمية الأخرى. ما جرى إذن في غينيا الاستوائية شكل إشارة سياسية وديبلوماسية قوية وجهها المغرب للجميع، على أنه ماض نحو تحقيق هدفه باستعادة مقعده الطبيعي داخل الاتحاد الإفريقي، وأنه مصر على احترام الضوابط والمبادئ، ولن يقبل المزيد من المناورات من طرف خصومه، أي أنه يستمر في مقاربته الديبلوماسية الهجومية بخصوص ملف النزاع المفتعل حول وحدته الترابية، ويمر اليوم على مستوى علاقاته الإفريقية إلى سرعة أكبر في إطار فضح مناورات الخصوم وتعرية أطروحاتهم وكشف زيفها وتضييق الخناق عن أبواق دعايتهم. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته