كان الأسبوع المنصرم، أسبوع الجوائز بامتياز، سيما وأن هذه المكافآت تتسم بدرجتها الرفيعة، سواء من حيث الاعتبار المادي أو الرمزي. هذه الجوائز التي طبعت الحياة الثقافية خلال الأسبوع الماضي، حملت نتائجها مفاجآت، خاصة تلك المتعلقة بنوبل للآداب. أما جائزة كترا القطرية؛ فقد كان من المتوقع أن يكون للمغرب حضور مشرف فيها، حيث تمكن خمسة أدباء من إقناع لجان تحكيمها بأحقيتهم في الفوز بها، ضمن خانة الدراسات الأدبية والإبداع الأدبي. اللافت للانتباه أن أربعة من هؤلاء فازوا في فرع بعينه من فروع الجائزة، هو الدراسات الأدبية؛ مما يكرس المكانة الرفيعة التي يتبوأها بلدنا على مستوى البحث الأكاديمي في مجال الأدب على وجه الخصوص. فبعد أن كان بلدنا يمثل الهامش في هذا المجال وفي غيره من المجالات الأدبية والمعرفية، صار حاليا يشكل مركزا حقيقيا تشد له الأنظار، ويتم الاعتماد على مجهوداته تلك، باعتبارها مرجعا أساسيا. الباحثون المشارقة يستحضرون إنتاجه الفكري والأدبي في أطاريحهم وفي مؤلفاتهم النقدية، كما أن المسؤولين عن تحرير أهم وأبرز المجلات والصحف يعملون جاهدين على استقطاب أدبائنا ومفكرينا للإسهام في تلك المطبوعات، وليس في ذلك أدنى مبالغة؛ فيمكن لمن يشكك في ذلك، أن يتصفح أي من تلك المطبوعات الأجنبية؛ ليجد الأسماء المغربية على رأس قائمة المساهمين، وفي كثير من الأحيان قد نجد عدة أسماء مشاركة في عدد بعينه. ولعل العتاب الوحيد الذي يمكن توجيهه لبعض هذه الأسماء، هو إدارة ظهرها للنشر في الساحة الثقافية المغربية، متناسية أن أول من احتضنها ورعاها هو هذا القطاع الثقافي والإعلامي في حد ذاته، وهذا يحيلنا على قول أحد الشعراء القدامى: يا عجبا.. أعلمه الرماية كل يوم فلما استد ساعده رماني.. ومع ذلك، كلما حصلت هذه الأسماء على التتويج، ظل إعلامنا حريصا على الترحيب بها، ولم يحدث أن تعامل معها بالمثل، أن تجاهلها وأعرض عنها، وهذا من واجبه على كل حال. في الأسبوع ذاته، أتى الخبر من السويد، وكنا نترقبه، نحن المغاربة، والعرب بصفة عامة؛ لأنه يهمنا ولأننا ما زلنا نعلق الأمل على أن يفوز بها واحد منا، العديد من المهتمين كانوا يراهنون على أن يكون الفوز حليف العرب هذه المرة، وكان من بين أقوى المرشحين بها كالعادة، الشاعر السوري أدونيس، غير أن النتيجة كما هو معلوم، أقل ما يقال عنها أنها كانت مباغتة، كان الفوز من نصيب مطرب أمريكي.. بوب ديلان، لا أحد كان يتوقع مفاجأة من هذا العيار. من؟ بوب ديلان، لم يحدث أن ورد اسمه ضمن قائمة المرشحين على الإطلاق، ولو فكر أحدنا في ترشحيه؛ لتم اعتبار ذلك مجرد مزحة، لكن الأكاديمية السويدية المانحة لجوائز نوبل، كانت لها الجرأة هذه المرة لتتويج اسم قادم من عالم الطرب والغناء؛ بجائزة خاصة بالأدب تحديدا. طبعا نحن لا نقلل من شأن هذا الفنان الذي أطرب أجيالا وأجيالا، لكن يبدو أن هذه أول مرة في تاريخ مسابقة نوبل للآداب - عمرها حاليا حوالي مائة وعشرين سنة- تذهب فيه الجائزة إلى مطرب. أغلب الفائزين كانوا روائيين، فاز بها كذلك بعض الشعراء، ونسبة قليلة من الكتاب المسرحيين، الإنجليزي هارولد بنتر كان ممثلا لكنه كان كذلك كاتبا مسرحيا وكانت معظم مؤلفاته مطبوعة في كتب ومترجمة إلى عدة لغات بما فيها العربية. الجائزة كانت كذلك من نصيب مفكرين، لكن بنسبة أقل. منح جائزة لمطرب وشاعر غنائي، يستدعي ربما إعادة النظر في القانون التنظيمي لهذه الجائزة، ماذا لو تقرر جعل جائزة نوبل للآداب متعددة الفروع، في كل دورة تمنح لمختلف فروع الأدب: الرواية، القصة القصيرة، النص المسرحي، أدب الرسائل، الشعر بما فيه العمودي والحر والنثري.. عوض منحها لواحد من الفاعلين في أحد تلك الفروع. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته