بعد ثلاث دورات فقط من انطلاق البطولة الوطنية لكرة القدم، ارتفع عدد المدربين المقالين إلى خمسة أسماء، والأمر مرشح كالعادة للمزيد، في وقت تتحدث فيه مصادر عن إمكانية رحيل المدرب يوسف لمريني عن الإدارة التقنية لفريق أولمبيك خريبكة، بسبب سلسلة من النتائج السلبية التي حصدها الفريق الفوسفاطي منذ بداية الموسم، سواء بمنافسات البطولة أو كأس العرش. والملاحظ أن تغيير المدربين يطفو هذا الموسم مبكرا على الساحة الوطنية، وهو موضوع أزلي مرتبط بالكيفية التي تدار بها الأمور التقنية داخل الأندية الوطنية لكرة القدم، إذ كان فريق نهضة بركان أول ناد تخلى عن مدربه الجزائري ميلود حاميدي وعوضه برشيد الطاوسي، تبعه فوزي جمال الذي فضل مغادرة فريق النادي القنيطري ليعوض بالفرنسي وليم، ثم الفرنسي دوسابر الذي حل بالإدارة التقنية للوداد البيضاوي خلفا للويلزي جون طوشاك، نفس الشيء بالنسبة لحسن بنعبيشة الذي غادر مكرها الإدارة التقنية للكوكب، ليعوض بفؤاد الصحابي، والحالة الخامسة جاءتنا من شباب أطلس خنيفرة، حيث أقيل فجأة المدرب بوطهير من طرف مسؤولي الشباب، وعوضوه بسمير يعيش، والبقية تأتي... والمؤكد أن هناك خللا ما داخل المنظومة يؤدي باستمرار إلى بروز حالات شاذة داخل الممارسة الرياضية، صحيح أن تغيير المدربين مسألة مسلم بها، لارتباطه بالنتائج والصيرورة العادية للأندية، لكن الاختلاف يكمن في طريقة المعالجة، وعدم اعتماد مقاربة مغايرة للمنهجية التي أدت إلى حدوث هذه الأخطاء. فمع بداية كل موسم، جرت العادة داخل الأندية الوطنية، أن ينفرد الرئيس والحاشية المحيطة به بموضوع اختيار المدرب، مع ما يحمل هذا الانفراد من أخطاء مرتبطة بافتقاد الأهلية وعدم الدراية بموضوع يهم أساسا الأمور التقنية، وفي حالة الإخفاق هذه مسألة جد واردة، فإن المدرب هو الذي يؤدى الثمن، وغالبا ما يتم الاستغناء عنه بما يصطلح عليه ب " التراضي". ففي غياب إدارة تقنية قارة ومسؤولة توكل إليها مهمة البحث عن مدرب يراعى في اختياره خصوصية النادي وطموحاته، ونوعية اللاعبين الذين يتوفر عليهم وغيرها من الأسس الواضحة والمضبوطة التي يجب أن تنبني عليها مسألة الاختيار، كما تكلف هذه الإدارة بإعداد تقارير دورية حول الوضعية التقنية العامة للنادي، ومدى استجابة صفقات العقود الخاصة سواء باللاعبين أو الأطر العاملة للإستراتيجية العامة للنادي. كل هذا يمر في إطار الصيرورة العادية لأي ناد مهيكل ومنظم ومؤسس على أرضية صلبة، لكن التصور المبني على التسيير المعقلن واحترام مبدأ التخصص، منعدم مع سبق الإصرار والترصد داخل أغلب الأندية الوطنية، ليواصل غياب الاستقرار المطلوب باعتماد منهج الهواية داخل بطولة يقال إنها دخلت الاحتراف منذ خمس سنوات. إلا أن الأسباب لا ترتبط دائما بالأندية ورؤسائها، بقدر ما يكمن المشكل في بعض المدربين أنفسهم خصوصا الملقبين ب "الرحل" الذين يروقهم التنقل طيلة الموسم بين الفرق والأندية، طمعا في مردود مالي أفضل، وطمعا في التدخل في عقود اللاعبين....