مجريات الدورة السادسة للجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، التي انعقدت الأربعاء بضواحي سلا، قدمت الدليل على أن الحزب يجسد بالفعل تجربة تنظيمية متفردة وذات تميز. خوض الامتحانات الجوهرية والالتزام بوضوح النظر والتعبير عن المواقف بشجاعة وبلا لف او دوران، كل هذا لا يتجسد، لدى التقدم والاشتراكية، فقط على الواجهة السياسية والفكرية، وفي المواقف والتصورات، وإنما ايضا في الممارسة التنظيمية الداخلية. على بعد أسابيع فقط من انتخابات سابع أكتوبر، لم "يتحايل" الحزب على قوانينه او على مقتضيات الديموقراطية الداخلية، وإنما عمد الى دعوة قيادته الوطنية (برلمان الحزب) للاجتماع، ولاتخاذ القرار بكامل المسؤولية بشأن لوائح وترشيحات الحزب المتعلقة بالاقتراع التشريعي المرتقب. وشهدت اشغال اللجنة المركزية مناقشات حقيقية ومداولات جادة ومثمرة ثم انتهت الى اتخاذ القرارات بإجماع أعضائها، وتفرق الجميع بلا توتر او مشاحنات، ومثل ذلك درسا جوهريا مفاده أن المشاركة الواسعة في صنع القرار الحزبي واتخاذه، وأيضاً احترام الهياكل وقواعد التنظيم الديموقراطي وتفادي جعلها مجرد اليات جوفاء وفارغة، كل هذا يعود على الحزب بالنفع، ويمنحه القوة والمتانة الداخليتين، ويعزز وحدته القائمة على المشاركة والوعي. إن التقدم والاشتراكية لم يعبر هنا فقط عن احترامه لقوانينه الداخلية والتزامه بقواعد الديموقراطية الداخلية، وإنما هو جعل تنظيماته الإقليمية بكل مناطق البلاد هي من تختار المرشحين في دوائرها وتقرر في ذلك بدون أي إجبار فوقي، وأزيد من نصف اللوائح المحلية المطلوبة جرى حسمه الى حد الساعة بموجب هذه المسطرة، أما بالنسبة للائحة الوطنية، فقد تقرر فتح باب الترشيح الحر أمام كل من يعتبر نفسه مؤهلا لذلك، وشكلت اللجنة المركزية لجنة وطنية من بين أعضائها لدراسة الترشيحات والحسم فيها، وتم التصويت على تركيبة اللجنة بالإجماع، كما اتفقت اللجنة المركزية على تفويض عملية تدبير باقي الترشيحات التي لم تحسم بعد الى المكتب السياسي بتشاور مع الفروع الإقليمية، وكل هذا يجعل في الأخير إعداد لوائح مرشحي الحزب ثمرة بناء تشاركي حزبي أفضى الى انخراط معظم هياكل الحزب في صنعه، ومن ثم تحمل مسؤوليته. هذا هو سر نجاح التقدم والاشتراكية في صيانة وحدته الداخلية في المحطات السياسية والتنظيمية الحاسمة، وهذا درس مهم لكامل طبقتنا السياسية والحزبية. وعندما نتمعن في مضامين التقرير السياسي الذي قدمه الأمين العام باسم المكتب السياسي في مستهل اشغال اللجنة المركزية، نكتشف جانبا اخر من سر النجاح والتميز. انه وضوح الموقف ورصانة التحليل وجديته!!! الانتصار إذن لهذا الوضوح، والاصرار على القناعات المبدئية والتعبير عنها، كل هذا بالذات هو ما يجسده التقدم والاشتراكية ليس فقط في مواقفه وبرامجه وتحليلاته، وإنما ايضا في ممارسته التنظيمية الداخلية وفي سلوكه ضمن الميكانيزم الحزبي الداخلي، وفي علاقاته مع كل المؤسسات ومختلف الفرقاء. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته