يشكل نشاط القصابة حضورا مهما في مجرى الحياة اليومية لدى المواطن، من هذا المنطلق ارتأينا الوقوف على الخدمات التي قدمها القصاب وعلاقته بالسوق والزبناء وما الى ذلك من الانشغالات المتصلة بهذه الحرفة، خاصة ونحن نعيش شهر رمضان الأبرك الذي يتفرد بميزة خاصة وعلاقات استثنائية. جنبات السوق ضاجة بالحركة، أصوات الباعة متداخلة، دكاكين للخضر وأخرى للفاكهة، صوت المقرئين على أمواج الأثير يضفي على المكان أنسة وإحساسا يدفعان الى المشاركة في الحياة هنا. كل الممرات المؤدية الى سوق بازيل بالحي المحمدي ملأى بالباعة المتجولين، فرشوا على الأرض وعرضوا أمتعتهم ومبيعاتهم على الرصيف، عربات محملة بالخضر وأخرى بالفواكه وأخرى بالتمر واللوز والشريحة (التين الجاف)، الحمير التي تجر هذه العربات غير عابئة بأحد، على الرغم من أنها قطعت الطريق ورصدت المعابر المؤدية الى دكاكين السوق مع ولوج السوق. يسترعي انتباهك بائعو اللحم (القصابة) سواء بائعو الدواجن بمختلف أنواعها الدجاج المحلي (البلدي) الدجاج الاصطناعي (الرومي) الديوك الهندية (بيبي) الدجاج الكروازي، ثم في الواجهة الأخرى بائعو اللحوم الحمراء الغنمي (الغنم) البكري (البقر) دون استثناء ما يعرف بالكرشة والكبدة ولحم الرأس وغيرها، إلا أن ما يثير الانتباه هي ظاهرة الاقبال المكثف سواء على أصحاب الدكاكين أو العارضين سلعهم على مدخل السوق وما تشكله من خطر على المستهلك في غياب أية مراقبة حقيقية. وهناك مثل مغربي متداول لدى عامة الناس يقول «فين ما ضربتي لقرع يسيل دمو»، وقد انطبق هذا المثل على المواطنين من ذوي الدخل المحدود والذين تظلموا من الغلاء الفاحش للحوم والتي لم تعرف أي تراجع في أسعارها. فالمواطنون الذين اكتووا بنار غلاء اللحوم الحمراء خلال شهر رمضان على وجه الخصوص واتجهوا الى اللحوم البيضاء «الدجاج الرومي» ظانين أنها ستكون في متناولهم اصطدموا بواقع مر، ألا وهو الارتفاع الكبير في أثمنتها. وحسب بعض المنتجين، فإن السبب في هذا الارتفاع يعود بالدرجة الأولى الى تهافت المواطنين على اقتناء الدجاج الرومي اضافة الى الحرارة المفرطة التي أدت الى نفوق العديد منها. وأهم ما يثير الانتباه بعد الغلاء هو تقصير المسؤولين في القيام بدورهم من حيث التنظيم، ربما أن ذلك أصبح فوق طاقاتهم لقلة عددهم، حيث أصبحت الفوضى العارمة تحتم إعادة النظر في رقعة السوق التي باتت لا تطيق درعا بالوافدين خصوصا في هذا الحي الآهل بالسكان ونصب السوق العشوائي على مداخل السوق البلدي.