هناك تطبيق عجيب على الأنترنيت، يسمى "خلاط الكلمات"، يتيح لمستعمله أن ينتقي أي فقرة مكتوبة، ويلصقها في خانة محددة، ويضغط بعد ذلك على زر خاص ليتم التكفل بعملية خلط كلمات هذه الفقرة. إنه تطبيق غريب ومريب في الان نفسه، ويمكن لأي مكتشف لهذا التطبيق لأول وهلة، أن يطرح على نفسه التساؤل حول الفائدة من ورائه: هل هو لعبة؟ تسلية؟ عبث؟ جريمة؟ الطبيعي أن يسعى الإنسان إلى البحث عن نصوص غير مخلوطة الكلمات، ويقرأها وهو مرتاح البال، ويشكر أصحابها إذا لمس فيها فائدة ومتعة، أو يذمهم إذا اكتشف أن قراءتها كانت مضيعة للوقت والجهد، لا أقل ولا أكثر. لكن أن يقص هذه النصوص ويقوم بخلطها بعد ذلك؛ فهو لا محالة ينم عن ممارسة غير بريئة، ويطرح علامات استفهام، حول الغاية من ورائها. خلاط الكلمات، يا لها من وظيفة جديدة لم تكن تخطر على البال. حقا، إن الأنترنيت ما فتئ يفاجئنا بأمور غريبة وعجيبة. يمكن العثور فيه على كل شيء، ما هو عقلاني وما هو جنوني، ولا شك أن تطبيق خلاط الكلمات، يدخل في خانة الجنون. يتم إلصاق فقرة مرتبة الكلمات والجمل، وفي رمشة عين، يجري تحويل هذه الفقرة إلى خليط من الكلمات، لا رابط بين بعضها البعض. في هذا الخليط لا وجود لجملة مؤلفة من فعل وفاعل ومفعول به، أو مبتدأ وخبر، وغير ذلك من الجمل ذات التركيب السليم، والتي تدل على معنى. إن من شأن هذه اللعب الخطيرة التي يتيحها الأنترنيت عبر تطبيقاته المجنونة، أن تحدث شرخا كبيرا في ممارسة الكتابة في حد ذاتها، حيث بات من الممكن الحديث عن نهاية الإلهام، إذا جاز التعبير. الكاتب في حالة القيام بتطبيق من هذا القبيل، سيكون من السهل عليه أن يشكل نصوصا، ما دام أن المادة الخام قد وفرها له خادم ليس ككل الخدام، يدعى: خلاط الكلمات.