إنني جد متفائل بخصوص مستقبل مسرحنا يحتفل المسرح المغربي بذكراه المائوية. ما هي الحصيلة التي يمكنكم الحديث عنها بعد مضي كل هذه المدة؟ من الصعب جدا تقديم حصيلة لمائوية المسرح المغربي. لكن، مع ذلك، ما تجدر الإشارة إليه هو أن للمسرح المغربي جذورا عميقة. لقد شهد هذا المسرح تطورا ونوعا من العصرنه دون أن يفرط في جذوره، وفي تمسكه بثقافتنا، وفي تشبثه بالتربة المغربية. ويجب أيضا أن نضيف أن المسرح المغربي لعب دوره الطلائعي كمنارة وكمدرسة للتكوين. ويمكننا اليوم أن نعبر عن ارتياحنا. فالمسرح المغربي، في تنوعه، وفي تعدد الفرق المسرحية، بات يكتسب طابع الاحتراف. طابع الاحتراف هذا، والحاجة الماسة للتنظيم ضرورتان ملحتان من أجل الاستجابة لحاجيات جديدة يفرضها تطور المجتمع. ولن نلبي هاتين الحاجتين الضروريتين دون دعم وزارة للثقافة التي من واجبها أن تضطلع بدورها في مرافقة الفرق المسرحية حتى تبلغ مرحلة قصوى من الاحتراف. وماذا عن مستوى وقيمة العروض التي يقدمها المسرح المغربي؟ مما لا شك فيه أن للمسرح المغربي مستقبلا واعدا. ومن الخطأ القول إن منتوج هذا المسرح افتقد الجودة في الأعمال التي يقدمها. هذا غير صحيح. المسرح رافق تطور المجتمع مثلما لعب دوره قبل مرحلة الاستقلال إلى جانب الحركة الوطنية للمطالبة بالحرية وبتحديث البلاد بعد الاستقلال. مسرحنا يلعب اليوم دوره كاملا في تدعيم التنوع الثقافي، وفي تنوير وطرح الإشكاليات الكبرى التي يواجهها مجتمعنا. إنني بكل صراحة جد متفائل بخصوص مستقبل مسرحنا. خصوصا وأن صورة المسرح المغربي كانت دائما ولاتزال تعكس التنوع والتعدد والاختلاف والغنى، فهو فسيفساء ينتظم فيه ويستوعب كل الأجيال والتيارات الفنية والجمالية ووجهات النظر الفكرية من المسرح الكلاسيكي إلى المسرح الطلائعي والتجريبي إلى مسرح الحساسيات الجديدة لدى الشباب المبدع.. وكذلك التراكم المحقق على مستوى مسرح الطفل، ولا ننسى تنامي المسرح الأمازيغي والمسرح الناطق بالحسانية إلى جانب الدارجة المغربية واللغة العربية.. ما يلزمنا اليوم هو توفير مزيد من الدعم. فخلال السنوات الأخيرة، وأقولها بكل صراحة، لم نخصص سوى إمكانات مادية محدودة جدا. ومن غير المنطقي أن ننهض بالمسرح المغربي ونحن لا نضع رهن إشارته سوى غلافا ماليا لا يتعدى 4 ملايين درهما. الميزانية الحالية محددة في 15 مليون درهما، وعلينا أن نمضي إلى أمام ليبلغ الغلاف المالي المرصود لدعم المسرح ما لا يقل عن 20 مليون درهما في الموسم القادم. هل ثمة حاجة اليوم إلى المسرح؟ إن المجتمع المغربي العصري الذي غزاه، اليوم، الفايسبوك والإنترنيت، بحاجة ماسة إلى المسرح وإلى الفرق المسرحية المحترفة، وإلى ذلك التلاقي المباشر والحميمي بين الممثلين والجمهور. إنه أمر أساسي وهام جدا لمجتمعنا الذي يعيش تحولات متواصلة. وأعتقد أن مستقبل المسرح المغربي سيكون زاخرا ومهما جدا لكونه سيرافق هذه التحولات. وبالتأكيد، ستكون وزارة الثقافة في الموعد لمرافقة هذا المسلسل. لماذا اختيار مدينة تطوان لاحتضان هذا المهرجان؟ وما هو الإشعاع الذي سيمنحه للحركة المسرحية داخل المدينة؟ ببساطة، اخترنا مدينة تطوان لأننا أردنا أن نجعل من هذه الدورة السابعة عشرة انطلاقة جديدة للمهرجان الوطني للمسرح، كما اخترنا الحمامة البيضاء لأن ولاية طنجةتطوانالحسيمة، وبلديات تطوان والمضيق ومرتيل، والمجلس الإقليمي لتطوان لبوا النداء الذي وجهناه إليهم لتنظيم هذا الحدث. صراحة، سمحت مرافقتهم لنا في جعل الدورة السابعة عشرة للمهرجان طبعة تاريخية تعتمد تصميما جديدا، وتنظيما جديدا. نأمل في المزيد ويلزمنا بذل جهود مضاعفة حتى يرقى هذا المهرجان الوطني إلى ما نأمله جميعا، وزارة، وفرقا، وممثلات، وممثلين. مازال الدرب أمامنا طويلا للخروج من الهواية وولوج مجال التنظيم الاحترافي. ونحن مع ذلك متيقنون أن هذه الدورة ستترك بصمتها المتفردة. ما رأيكم في مشاركة المغرب في أيام مسرح قرطاج بمناسبة الاحتفاء بمائوية المسرح المغربي؟ دعوة تونس لنا كضيف شرف للاحتفاء بمائوية المسرح المغربي كانت شرفا كبيرا لنا. الوفد المغربي ضم أزيد من 80 فنانا مثلوا بلدهم خير تمثيل سواء عبر العروض المسرحية الخمس أو من خلال الندوات المختلفة التي أشرف عليها فنانون وكتاب مغاربة. لقد قدمنا الصورة الحقيقية للمسرح المغربي.. مسرح يزخر بتاريخ حافل.. مسرح يحيا بعلاقته مع المجتمع. عن ALBAYANE ترجمة: مصطفى السالكي