تخليد الذكرى 60 لانطلاق عمليات جيش التحرير بشمال المملكة إقامة مهرجانات خطابية تستظهر فصول وأطوار الملحمة التاريخية يخلد الشعب المغربي ومعه أسرة المقاومة وجيش التحرير في مستهل شهر أكتوبر 2015 الذكرى 60 لانطلاق عمليات جيش التحرير بشمال المملكة، وبهذه المناسبة التي تعتبر منارة في مسيرة الكفاح من أجل الحرية والاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية، تنظم المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحريرزيارات لمقابر الشهداء بإيموزار مرموشة باقليم بولمان وبتيغزراتين (تيزي وسلي) وأكنول وأجدير باقلبم تازة وبإقليمي الحسيمةوالناظور، وإقامة مهرجانات خطابية تلقى خلالها كلمات وشهادات تستظهر فصول وأطوار هذه الملحمة وتبرز مقاصدها الروحية والنضالية والقيمية، ورمزيتها ودلالاتها الوطنية العميقة، وكذا استحضار تضحيات الشهداء والمقاومين وخدماتهم الجليلة وآثارهم الخالدة في معترك المقاومة ومسيرة التحرير والوحدة، وذلك حسب البرنامج التالي : - الاثنين 5 أكتوبر2015 بإيموزار مرموشة باقليم بولمان - الثلاثاء 6 أكتوبر2015 باقليم تازة - الأربعاء 7 أكتوبر2015 بسيدي بوزينب باقليم الحسيمة - الخميس 8 أكتوبر2015 بمدينة الناظور ويتضمن برنامج تخليد هذه الذكرى مراسم تكريم صفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، عربون وفاء وعرفان بمناقبهم الحميدة وخدماتهم الجليلة وأياديهم البيضاء وتضحياتهم الجسام في ساحة الشرف والمقاومة والفداء والتحرير. كما سيتم توزيع إعانات مالية ومساعدات اجتماعية وإسعافات على عدد من عائلات وأرامل قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير من ذوي الاحتياجات وممن هم في حالة العوز المادي والعسر الاجتماعي. ويكتسي الاحتفاء بهذه الذكرى التاريخية المجيدة صبغة خاصة في هذه السنة، من حيث أنه يأتي في سياق أجواء التعبئة الوطنية العامة واليقظة المستمرة حول قضيتنا الوطنية الأولى، قضية الوحدة الترابية. في أجواء التعبئة الوطنية العامة واليقظة المستمرة حول قضيتنا الوطنية الأولى، قضية الوحدة الترابية المقدسة، غداة الخطاب التاريخي لجلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 16 لعيد العرش المجيد في 30 يوليوز 2015، والذكرى 62 لملحمة ثورة الملك والشعب في 20 غشت 2015، يخلد الشعب المغربي ومعه أسرة المقاومة وجيش التحرير في مستهل شهر أكتوبر 2015 بأقاليم بولمان، تازة، الحسيمةوالناظور الذكرى 60 لانطلاق عمليات جيش التحرير بشمال المملكة، التي جسدت معلمة في سجل ملحمة التصدي للوجود الأجنبي من اجل استقلال المغرب وعودة جلالة المغفور له محمد الخامس ورفيقه في الكفاح والمنفى جلالة المغفور له الحسن الثاني والعائلة الملكية من المنفى إلى أرض الوطن، معلنا عن إشراقة شمس الحرية والاستقلال. لقد جسد حدث انطلاق العمليات الأولى لجيش التحرير بالشمال أروع صور الشجاعة والتضحية فداء للوطن والعرش. وقد كانت هذه الانطلاقة امتدادا طبيعيا لحركة المقاومة المسلحة التي خاضها المغاربة حينما انتهكت سلطات الاحتلال الأجنبي حرمة المغرب واستفزت الشعور الوطني لأبنائه بنفي جلالة المغفور له محمد الخامس ورفيقه في الكفاح والمنفى جلالة المغفور له الحسن الثاني والأسرة الملكية إلى كورسيكا ثم إلى مدغشقر. كان القصد من هذه المؤامرة هو تفكيك العروة التي تربط بين العرش والشعب والحد من تنامي الحركة الوطنية وإخماد شعلتها، فعم السخط كل شرائح المجتمع المغربي واندلعت المظاهرات العارمة بجميع أنحاء البلاد للتعبير عن مدى تمسك المغاربة بملكهم ووحدتهم وذودهم عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية. شكل هذا الحدث إيذانا بانطلاق الشرارة الأولى لحركة المقاومة والفداء حيث سارع أبناء إيموزار مرموشة وتازةوالحسيمةوالناظور إلى تنظيم جيش التحرير لضرب مصالح ومنشآت المستعمر، وتطوع المقاومون المتشبعون بروح الوطنية الصادقة والحماس المتقد فداء لوطنهم وملكهم وخاضوا معركتهم المقدسة بشهامة وشجاعة ونكران للذات وأبلوا البلاء الحسن في مواجهة ضارية للمستعمر وزعزعة أركانه وإنهاء وجوده. فمنذ أواخر سنة 1954، بادر المجاهدون للبحث عن السلاح في كل مكان وتأسيس خلايا وتشكيلات وفرق لجيش التحرير، وتم فتح مراكز للتدريب على استعمال السلاح وحرب العصابات والتخطيط لتنظيم الهجومات على ثكنات المستعمر متخذين من المنطقة الخليفية بالشمال الخاضعة للحماية الإسبانية، ميدانا لهذه التداريب ولإعداد المخططات، والتحقت العناصر القيادية لحركة المقاومة آنذاك بالمنطقة الشمالية من الوطن للإشراف على تأطير جيش التحرير ليضطلع بمهام التحرير والخلاص من الاحتلال الأجنبي وعودة جلالة المغفور له محمد الخامس من المنفى إلى أرض الوطن. وفي مطلع سنة 1955، توجهت الباخرة "دينا" إلى رصيف شاطئ رأس الماء شرق مدينة الناظور قادمة من المشرق العربي محملة بالأسلحة، وهي العملية التي شكلت منعطفا حاسما في دعم انطلاقة جيش التحرير بالشمال وأيضا دعم حركة التحرير الجزائرية التي كانت بلادنا قاعدتها الخلفية ودرعها الواقي تجسيدا لمظاهر التضامن المغاربي. وقد تضافرت الجهود وتكاثفت المساعي لاقتناء الباخرة وشحنها بالسلاح لدعم جيش التحرير المغربي وجيش التحرير الوطني الجزائري، حيث تولى قيادتها من المشرق المناضل المرحوم إبراهيم النيل السوداني الجنسية، ورست ليلة 30-31 مارس 1955 برأس كبدانة قريبة من اليابسة بحوالي 20 مترا. وعلى الفور، تم إفراغ حمولة الباخرة على يد أبطال جيش التحرير ليلا في جنح الظلام وقبل طلوع الفجر وبما يجب من الحيطة والحذر مستعملين قطيع الأغنام لإخفاء آثار أقدام المجاهدين حتى لا تكتشف السلطات الاستعمارية أمر عملية تنزيل السلاح، ومدت الحبال من الباخرة إلى الشاطئ، وشرع الأبطال المغاربة والجزائريون من جيش التحرير المغربي والجزائري في الصعود إليها لنقل الأسلحة حيث انتهت عملية إفراغها من الأسلحة قبل الشروق. واستمر الإعداد والتدريب والتخطيط وتمرير السلاح عبر ملوية إلى جبال الأطلس بايموزار مرموشة ببولمان والى مراكز جيش التحرير بمنطقة تازة. واستمر التربص والترصد إلى حين اليوم الموعود، يوم فاتح أكتوبر 1955، حيث انطلقت عمليات جيش التحرير مستهدفة مراكز جيش الاحتلال الفرنسي وثكناته بايموزار مرموشة، وبعده في اليوم الموالي 2 أكتوبر، لتصل العمليات الهجومية إلى مراكز بورد واكنول وتيزي وسلي وبوزينب وبلوطة وغيرها. وقد اتسعت رقعة المعارك في مناطق الشمال عموما وبإقليم تازة بوجه خاص، لتشمل العديد من الدواوير والمداشر التي اقترن اسمها بالاشتباكات والهجومات كما كان الأمر بالنسبة لبين الصفوف وجبل القرع وبوسكور وتيزي ودارن، وكلها معارك تكبد فيها المستعمر خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد على أيدي المجاهدين الذين توالت انتصاراتهم وانضمت إليهم أعداد كبيرة من الجنود المغاربة المنضوين آنذاك في الجيش الفرنسي، فارين بسلاحهم وبنادقهم ورشاشاتهم، معززين صفوف المجاهدين من أعضاء جيش التحرير، فشكلت هذه الثورة العارمة ضغطا سياسيا على السلطات الاستعمارية، وجسدت تعزيزا لموقف جلالة المغفور له محمد الخامس تجاه الحكومة الفرنسية التي ما كان لها سوى الإذعان لعودته من منفاه بجزيرة مدغشقر وفتح المفاوضات من اجل استقلال البلاد وحريتها. ويسجل التاريخ انه بعد انصرام 45 يوما على انتفاضة أكتوبر 1955، كانت عودة جلالة المغفور له محمد الخامس، ورفيقه في الكفاح والمنفى جلالة المغفور له الحسن الثاني والأسرة الملكية إلى أرض الوطن يوم 16 نونبر 1955، ليزف إلى شعبه في أول خطاب له في يوم العودة بزوغ فجر الحرية والاستقلال وتوحيد شمال المملكة وجنوبها. وقد خص جلالته فيما بعد مدينة تازة بزيارته التاريخية يوم 14 يوليوز 1956، والناظور يوم 15 يوليوز 1956 لتفقد معاقل جيش التحرير، تقديرا من جلالته لتضحيات المجاهدين وصلة الرحم معهم والترحم على شهداء معارك وملاحم جيش التحرير بشمال المملكة. وإن المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وهي تستحضر هذا الحدث التاريخي، لتعتز بما يطفح به من معاني الوفاء والتلاحم بين العرش والشعب في مسيرة التحرير والوحدة، إبرازا لصفحات مشرقة من تاريخ كفاح أبناء أقاليم بولمان وتازةوالحسيمةوالناظور في مستهل شهر أكتوبر 1955، وتعريفا للأجيال الجديدة بدروس وعبر هذه الذكرى التاريخية حفاظا على الذاكرة التاريخية الوطنية، ووصلا للجهاد الأصغر في سبيل الاستقلال بالجهاد الأكبر من أجل البناء والنماء وإعلاء صروح الوطن. وقد جدد جلالة الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة الذكرى 16 لعيد العرش المجيد يوم 30 يوليوز 2015 مواقف المغرب الثابتة من قضية وحدته الترابية حيث قال: "وبخصوص قضية وحدتنا الترابية، فقد حددنا في خطابنا بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، بطريقة واضحة وصريحة، مبادئ ومرجعيات التعامل مع ملف الصحراء المغربية، على الصعيدين الداخلي والدولي. وقد أبانت التطورات التي عرفتها هذه القضية، صواب موقفنا على المستوى الأممي، وصدق توجهاتنا على الصعيد الوطني، حيث سيتم، بعون الله وتوفيقه، الانطلاق في تطبيق الجهوية المتقدمة، والنموذج التنموي للأقاليم الجنوبية للمملكة. غير أن هذا لا يعني أننا طوينا هذا الملف. بل على الجميع مواصلة اليقظة والتعبئة، من أجل التصدي لمناورات الخصوم، ولأي انحراف قد يعرفه مسار التسوية الأممي". وبمناسبة الذكرى 62 لثورة الملك والشعب الخالدة، أعلن جلالة الملك محمد السادس عن دخول المغرب في مرحلة جديدة، وعلى أبواب ثورة جديدة للملك والشعب، ويتعلق الأمر بتطبيق الجهوية الموسعة تفعيلا للوثيقة الدستورية لفاتح يوليوز 2011 بعد الاستحقاقات الانتخابية التي شهدتها بلادنا يوم 24 شتنبر 2015. ومما جاء فيه : " ...وهي مناسبة سنوية لاستلهام روح التضحية والوطنية الصادقة، التي جسدها جيل التحرير والاستقلال، خاصة وأن بلادنا على أبواب ثورة جديدة. ويتعلق الأمر بتطبيق الجهوية المتقدمة، التي نريدها عماد مغرب الوحدة الوطنية والترابية، والتضامن بين الفئات، والتكامل والتوازن بين الجهات".