يخلد الشعب المغربي ومعه أسرة المقاومة وجيش التحرير, بأقاليم بولمان, تازة, الحسيمةوالناظور أيام8 و9 و10 و11 أكتوبر الجاري الذكرى ال53 لانطلاق عمليات جيش التحرير بشمال المملكة. التي تعتبر من أبرز الذكريات الوطنية المجيدة.. في سجل ملحمة العرش والشعب لتحقيق السيادة الوطنية والوحدة الترابية, ومحطة وضاءة في مسلسل الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال. وذكرت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير, في بلاغ بالمناسبة, بأن أبناء إقليميتازة وبولمان أعطوا بانطلاق عمليات جيش التحرير الأولى المثال الحي في الشجاعة والإقدام والبطولة والإيمان والوطنية الصادقة فداء لوطنهم وملكهم الشرعي. وقد كانت هذه الانطلاقة امتدادا طبيعيا لحركة المقاومة المسلحة التي خاضها المغاربة حينما انتهكت سلطات الحماية حرمة الأمة المغربية ومست مقدساتها بنفي أب الأمة ورمز الوطنية محمد الخامس قدس الله روحه ورفيقه في الكفاح جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه والأسرة الملكية الشريفة إلى كورسيكا ثم مدغشقر بهدف طمس الروابط المكينة بين العرش والشعب والحد من تأجج الحركة الوطنية وإخماد شعلتها, فعم السخط كل شرائح المجتمع وتفجرت المظاهرات العارمة بجميع أنحاء المغرب لتأكيد مدى تعلق المغاربة بملكهم وبأهداب العرش العلوي المجيد وتمسكهم بمقدساتهم ومقوماتهم الوطنية, فكانت ثورة الملك والشعب يوم20 غشت1953 أروع صورة في التلاحم المكين بين العرش العلوي المنيف والشعب المغربي الأبي. وفي حمأة هذه الظرفية التاريخية, سارع أبناء مرموشة وتازة إلى تنظيم الخلايا الفدائية لضرب مصالح ومنشآت المستعمر, وتطوع المجاهدون المتشبعون بروح الوطنية الصادقة فداء لوطنهم وملكهم وخاضوا معركتهم المقدسة بشجاعة ونكران للذات في مواجهة ضارية للمستعمر ووضع حد لسيطرته وهيمنته والتعجيل باسترجاع حرية البلاد وإعادة إقرار سيادتها. ففي أواخر سنة1954 عمد المجاهدون إلى البحث عن السلاح خارج الوطن وتأسيس خلايا وتشكيلات وفرق لجيش التحرير وتم فتح مراكز للتدريب على استعمال السلاح وحرب العصابات والتخطيط لتنظيم الهجومات على ثكنات الاستعمار الفرنسي متخذين من المنطقة الخليفية بالشمال الخاضعة للنفوذ الإسباني ميدانا لهذه التداريب ولوضع المخططات, ولجأت العناصر القيادية لحركة المقاومة آنذاك إلى هذه المنطقة للإشراف على تأطير جيش التحرير الذي سيكون له الدور الكبير في التعجيل بعودة جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه إلى أرض الوطن. وفي مطلع سنة1955 وصلت الباخرة “دينا” إلى رصيف رأس الماء شرق مدينة الناظور قادمة من المشرق العربي محملة بالأسلحة الحديثة, وقد تم إفراغها من طرف رجال جيش التحرير ليلا تحت ستار الظلام وفي حذر تام مستعملين قطيع الأغنام لإخفاء آثار أقدام المجاهدين حتى لا تكشف السلطات الفرنسية أمر عملية تنزيل السلاح. لقد تواصل الإعداد والتدريب والتخطيط وتمرير السلاح عبر ملوية إلى جبال الأطلس بإيموزار مرموشة ببولمان وإلى مراكز جيش التحرير بتازة. واستمر التربص والترصد إلى حين موعد اليوم المشهود يوم فاتح أكتوبر1955 حيث انطلقت عمليات جيش التحرير مستهدفة مراكز الفرنسيين وثكناتهم بإيموزار مرموشة. وفي اليوم الموالي ثاني أكتوبر على مراكز بورد واكنول وتيزي وسلي وبوزينب وبلوطة وغيرها. وقد كانت رقعة المعارك التي عرفتها منطقة الريف عموما وإقليمتازة بوجه خاص واسعة شملت عدة مناطق ودواوير اقترن اسمها بالاشتباكات والهجومات كما هو الشأن بالنسبة لبين الصفوف وجبل القرع وبوسكور وتيزي ودارن, وكلها معارك تكبد فيها العدو خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد على أيدي المجاهدين الذين كانت انتصاراتهم تتوالى وانضمت إليهم جماعات كثيرة من الجنود المغاربة العاملين آنذاك في الجيش الفرنسي فارين بسلاحهم وبنادقهم ورشاشاتهم معززين صفوف المجاهدين من أعضاء جيش التحرير فسجلت هذه الثورة العارمة ضغطا سياسيا على الفرنسيين, وشكلت سندا هائلا لجلالة المغفور له محمد الخامس تجاه الحكومة الفرنسية التي عجلت بعودته رضوان الله عليه من جزيرة مدغشقر وفتح المفاوضات من أجل استقلال البلاد وحريتها. ويسجل التاريخ أنه بعد انصرام45 يوما على انتفاضة أكتوبر1955 المجيدة كانت العودة المظفرة لبطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه ورفيقه في الكفاح جلالة المغفور له الحسن الثاني قدس الله روحه والأسرة الملكية الشريفة إلى أرض الوطن يوم16 نونبر1955 ليزف إلى شعبه الوفي وأسرة المقاومة وجيش التحرير بشرى بزوغ فجر الحرية والاستقلال وتوحيد شمال المملكة وجنوبها, وقد خص جلالته رحمة الله عليه فيما بعد مدينة تازة بزيارته التاريخية يوم14 يوليوز1956 والناظور يوم 15 يوليوز1956 لتفقد معاقل جيش التحرير تقديرا من جلالته لتضحيات المجاهدين وصلة الرحم معهم والترحم على شهداء أكتوبر1955 , تاريخ انطلاق العمليات الأولى لجيش التحرير. وأكدت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير أنها وهي تستحضر هذا الحدث التاريخي العظيم لتعتز بما يكتنزه من معاني الوفاء والتلاحم القائمين بين العرش والشعب في مرحلة التحرير والوحدة وإبراز جزء من تاريخ كفاح أقاليم بولمان, تازة, الحسيمةوالناظور في مستهل أكتوبر1955 , استحضارا للتضحيات الجسام التي قدمها هؤلاء المجاهدون وتعريف الأجيال الصاعدة بهذه الذكرى التاريخية المجيدة حفاظا على الذاكرة الوطنية ومواصلة لحمل مشعل الدفاع عن المقدسات الدينية والوطنية وإشاعتها في صفوف الأجيال الصاعدة واللاحقة والمتعاقبة في ظل رائد النهضة المغربية الحديثة صاحب الجلالة الملك محمد السادس. وإحياء لهذه الذكرى التاريخية المجيدة, تنظم المندوبية السامية زيارات لمقابر الشهداء وتقيم مهرجانات خطابية تلقى خلالها كلمات للإشادة بملاحم الكفاح الوطني وتضحيات الشهداء والمقاومين واستحضار أعمالهم الجليلة في سبيل عزة الوطن وكرامته. وسيتم بالمناسبة تكريم صفوة من المنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير اعترافا لهم بسابغ تضحياتهم وجليل أعمالهم في مسيرة التحرير الوطني من أجل الذود عن حمى الوطن وحياضه والدفاع عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية والمقومات الحضارية والتاريخية, وكذا توزيع شواهد تقديرية على الفائزين في مسابقة انتقاء أجود البحوث الجامعية المتصلة بتاريخ الكفاح الوطني والمقاومة وجيش التحرير. وستنظم هذه الأنشطة بالأقاليم الأربعة التي شهدت انطلاق العمليات الأولى لجيش التحرير بالشمال, بإيموزار مرموشة (إقليم بولمان) يوم ثامن أكتوبر, وبجماعات أكنول, تيزي وسلي وأجدير (إقليمتازة) يوم تاسع أكتوبر, ويسيدي بوزينب (إقليمالحسيمة) يوم10 أكتوبر, وبإقليمالناظور يوم11 أكتوبر. وسيتم كذلك وضع الحجر الأساس لإقامة نصب تذكاري يرمز للحدث التاريخي لإنزال السلاح الذي حملته الباخرة “دينا” بموقع رأس الماء بإقليمالناظور. ويكستي تخليد الذكرى53 لانطلاق عمليات جيش التحرير بشمال المملكة دلالات عميقة وحمولة تاريخية وازنة تندرج في سياق الجهود الحثيثة والمبادرات الموصولة التي تضطلع بها المندوبية السامية لاستكشاف واستجلاء واستقراء فصول الذاكرة الوطنية بجميع مكوناتها وروافدها, حرصا على إشاعة قيم الوطنية الحقة والصادقة والمواطنة الإيجابية, الملتزمة والمسؤولة وفضيلة الاعتزاز بالانتماء الوطني في صفوف الأجيال الحاضرة والقادمة.