عبد الرحيم الجامعي: هذه رسالة موجهة للمشرع والقضاء والمؤسسات الوطنية والرأي العام من أجل وضع حد لعقوبة في مبادرة هي الأولى من نوعها، نظمت شبكة المحاميات والمحامين ضد عقوبة الإعدام، بمقر نادي المحامين بالرباط، الدورة الأولى من المباراة الوطنية ل "المرافعة من أجل إلغاء عقوبة الإعدام"، والتي شارك فيها مجموعة من المحاميات والمحامين ينتمون لعدد من الهيئات، سيتم، من بينهم، اختيار من يمثل المغرب في المرافعة الدولية ضد عقوبة الإعدام التي ستنظم في العاصمة الفرنسية باريس خلال شهر أكتوبر القادم. وأفاد عبد الرحيم الجامعي، منسق الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، في تصريح للصحافة، على هامش هذا اللقاء، أن الأمر يتعلق بأول مباراة تنظمها شبكة المحاميات والمحامين ضد عقوبة الإعدام، موضحا أنها مفتوحة في وجه محاميات ومحامين شباب الذين ستمنحهم فرصة لإبراز قدراتهم ومهاراتهم داخل المحاكم في مجال إبلاغ قيمة إلغاء عقوبة الإعدام. وأضاف عبد الرحيم الجامعي أن التاريخ يشهد بنضالات المحامين من أجل مناهضة عقوبة الإعدام وطنيا ودوليا، وتشهد قصور العدالة والجلسات بالمحاكم بمرافعاتهم وبأنهم كانوا ولا زالوا في مقدمة المدافعين عن الحق في الحياة من خلال ممارستهم المهنية، وقد سجلوا بشرف أسماءهم في سجل تاريخ المطالبين بإلغاء عقوبة الإعدام وقادوا من أجل ذلك مسيرات المناهضين لها عبر التاريخ. و دعا الجامعي إلى التأمل في أهمية أن يكون أمام القضاء من يمكن أن يقنع ويلفت النظر لخطورة عقوبة الإعدام وبشاعتها، والذي لن يكون إلا المحامية والمحامي. وفي هذا الإطار، كشف المتحدث عن إجراء أول مباراة، بدعم من الائتلاف المغربي وسفارة فرنسا بالمغرب، تشارك فيها محاميات ومحامون، من المقرر أن يمثلوا مهنة المحاماة بالمغرب بباريس، إلى جانب عدد من المحامين والمحاميات من بلدان شمال إفريقيا وبلدان الشرق الوسط ومختلف بلدان العالم. وأوضح عبد الرحيم الجامعي أن الغاية من المباراة ليس تحديد عدد الفائزين، ولكن الغاية هي أن "يدمج جسم مهني قوي، ظل على امتداد مساره المهني حريصا على الدفاع عن الحريات والحقوق، وكان على الدوام لافتا للنظر في مرافعاته أمام الهيئات القضائية، مدافعا عن إلغاء عقوبة الإعدام وعدم التنصيص عليها في الأحكام". وحرص الجامعي على التأكيد بأن المغرب، رغم عدم تنفيذه عقوبة الإعدام منذ سنة 1993، إلا أن القضاء لازال يصدر الأحكام بهذه العقوبة، ولازالت ممرات الإعدام تمتلئ بالمعاقبين بالإعدام الذين بالرغم من أنه لم تنفذ بعد في حقهم هذه العقوبة، إلا أن مجرد النطق بالحكم بها يجعلهم في وضعية معاناة نفسية صعبة. وينطلق مناهضو الإعدام في المغرب من إحساس ينبع من مرجعيات دستورية ومن القانون الدولي، وأيضا من الحركة الدولية المناهضة للإعدام والتي عبرت المحاميات والمحامون الشباب المشاركون في هذه المباراة عن اندماجهم فيها، داعين إلى ضرورة وجود دعم سياسي للفعل الحقوقي. بهذا الخصوص، قال عبد الرحيم الجامعي إن "الإلغاء يرتبط باتخاذ قرار سياسي جريء" ، مبرزا أن المغرب الذي تبنى مسلسل المصالحة والإنصاف والذي تضمنت توصياته إلغاء الإعدام كإحدى التوصيات المركزية، بل واعتمد دستورا ينص على الحق في الحياة، لا يمكنه أن يستمر في إصدار وتبني أحكام الإعدام". وعبر الجامعي عن الأمل في أن تكون مثل هاته المباريات أكثر حضورا في القادم من الأيام، فهي، يقول المتحدث، "بمثابة رسالة موجهة للمشرع والقضاء والمؤسسات الوطنية والرأي العام عموما، من أجل وضع حد لعقوبة يجب تطهير الترسانة القانونية منها، خاصة وأن مشروع القانون الجنائي، لازال مع الأسف، ينص عليها، خلافا للانتظارات المعبر عنها سواء من طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومجموع الحركة الحقوقية، وعدد من الأحزاب السياسية. واعتبر الجامعي أن الضغط في اتجاه الإلغاء سيتزايد خلال الشهور والسنوات القادمة، وسيتم الدفع في اتجاه اعتماد منظومة جنائية تحمي الحقوق دون أن تتضمن تهديدا لحياة الأفراد باسم القانون. يشار إلى أن أطوار هاته المباراة الخاصة بالمرافعة من أجل إلغاء عقوبة الإعدام والتي تحمل شعار"المرافعة، فن، من أجل إلغاء عقوبة الإعدام" نظمت على شكل هيئة قضائية بمحكمة يترافع أمامها مجموعة من المحاميات والمحامين في ملف سبق للقضاء أن بث فيه وأصدر حكما فيه بالإعدام. وحاول المشاركون الذين توزع عددهم بين ست محاميات ومحاميين شابين، إقناع هيئة الحكم التي كانت تضم مجموعة من المحامين ورجال القضاء والفعاليات الحقوقية، بدفوعاتهم، معتمدين في بنائها على مقتضيات دستور 2011 الذي ينص في الفصل العشرين منه على حماية الحق في الحياة والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وعلى رأسها البروتوكول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمصادقة على اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية. وشدد المشاركون على ضرورة ارتهان القضاء لتطور مسار حقوق الإنسان والالتزامات التي تعهد بها المغرب بهذا الخصوص، وعدم الاكتفاء بالاعتماد على القانون، والعمل أيضا في اتجاه إصدار أحكام تدفع في اتجاه إلغاء الإعدام، خاصة وأن المغرب يعد من البلدان التي أوقفت تطبيق الإعدام منذ نحو 22 سنة، ولو بشكل غير رسمي بالرغم من صدور أحكام بهذه العقوبة.