5رسائل لمن يهمهم الأمر 1 إصلاح التعليم.. نحو إطار تعاقدي وطني ملزم عبد الأحد الفاسي: مصير البلاد أصبح مرهونا بإنجاح إصلاح التعليم، فهو أولوية وطنية بعد قضية الوحدة الترابية إدريس قصوري: اللغة مجرد جزء من الهوية وليست هي كل الهوية عبد الحق ديلالي تبوأ إصلاح المنظومة التعليمية مكانة خاصة في خطاب العرش لهذه السنة، حيث اعتبر أن هذا الإصلاح يظل "عماد تحقيق التنمية، ومفتاح الانفتاح والارتقاء الاجتماعي، وضمانة لتحصين الفرد والمجتمع من آفة الجهل والفقر، ومن نزوعات التطرف والانغلاق". في هذا السياق تندرج الدعوات الملكية المتكررة "لإصلاح جوهري لهذا القطاع المصيري، بما يعيد الاعتبار للمدرسة المغربية، ويجعلها تقوم بدورها التربوي والتنموي المطلوب". ولهذه الغاية، يقول جلالة الملك في خطابه الموجه إلى الأمة يوم 30 يوليوز الماضي، "كلفنا المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بتقييم تطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وبلورة منظور استراتيجي شامل لإصلاح المنظومة التربوية ببلادنا". وأضاف أنه "لفهم ما ينبغي أن يكون عليه الإصلاح، نطرح السؤال: هل التعليم الذي يتلقاه أبناؤنا اليوم، في المدارس العمومية، قادر على ضمان مستقبلهم؟". ليضيف: "وهنا يجب التحلي بالجدية والواقعية، والتوجه للمغاربة بكل صراحة: لماذا يتسابق العديد منهم لتسجيل أبنائهم بمؤسسات البعثات الأجنبية والمدارس الخاصة، رغم تكاليفها الباهضة؟" ويستطرد الخطاب الملكي: "الجواب واضح: لأنهم يبحثون عن تعليم جيد ومنفتح يقوم على الحس النقدي، وتعلم اللغات، ويوفر لأبنائهم فرص الشغل والانخراط في الحياة العملية". وتطرق الخطاب لإشكالية اللغات حيث جاء في هذا الصدد أنه "خلافا لما يدعيه البعض، فالانفتاح على اللغات والثقافات الأخرى لن يمس بالهوية الوطنية، بل العكس، سيساهم في إغنائها". كما دعا إلى أن يظل إصلاح التعليم "بعيدا عن الأنانية، وعن أي حسابات سياسية ترهن مستقبل الأجيال الصاعدة، بدعوى الحفاظ على الهوية". ويضيف أن "مستقبل المغرب كله يبقى رهينا بمستوى التعليم الذي نقدمه لأبنائنا". كما أن الإصلاح المنشود "لن يستقيم إلا بالتحرر من عقدة أن شهادة الباكالوريا هي مسألة حياة أو موت بالنسبة للتلميذ وأسرته، وأن من لم يحصل عليها قد ضاع مستقبله" يقول الملك في خطابه. ملاحظا أن "بعض المواطنين لا يريدون التوجه للتكوين المهني لأنه في نظرهم ينقص من قيمتهم، وأنه لا يصلح إلا للمهن الصغيرة، بل يعتبرونه ملجأ لمن لم ينجحوا في دراستهم". وفي هذا الإطار، جاءت الدعوة الملكية إلى "تعزيز معاهد التكوين في مختلف التخصصات، في التكنولوجيات الحديثة، وصناعة السيارات والطائرات، وفي المهن الطبية، والفلاحة والسياحة والبناء وغيرها". كما دعا بموازاة ذلك إلى "توفير تكوين مهني متجدد وعالي الجودة، ولا سيما في التخصصات التي تتطلب دراسات عليا"؛ مسجلا بارتياح "المستوى المشرف الذي وصل إليه المغاربة في مختلف التخصصات المهنية. وهو ما جعل بلادنا تتوفر على يد عاملة ذات كفاءات عالية، مؤهلة للعمل في مختلف المقاولات العالمية، خاصة منها التي تختار المغرب لتوسيع استثماراتها وزيادة إشعاعها". ولضمان النجاح للمنظور الاستراتيجي للإصلاح، دعا الخطاب الملكي الجميع إلى تملكه، والانخراط الجاد في تنفيذه. كما دعا "لصياغة هذا الإصلاح في إطار تعاقدي وطني ملزم، من خلال اعتماد قانون – إطار يحدد الرؤية على المدى البعيد، ويضع حدا للدوامة الفارغة لإصلاح الإصلاح، إلى ما لا نهاية". في هذا الإطار لاحظ عبد الأحد الفاسي الفهري، الباحث في مركز عزيز بلال للدراسات، وعضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، أن "موضوع التعليم ظل حاضرا في العديد من الخطابات الملكية مما يؤكد على أهميته". وقال بهذا الصدد: إن "مصير البلاد أصبح مرهونا بإنجاح إصلاح التعليم، فهو أولوية وطنية بعد قضية الوحدة الترابية". واعتبر المتحدث، في تصريح لبيان اليوم، أن الإشارة إلى "ضرورة الخروج من دوامة إصلاح الإصلاح كانت بليغة"، مما يعني "وجوب الاتفاق على استراتيجية وخطة للطريق والسير بها إلى النهاية". واستطرد الفهري قائلا "الآن يظهر أننا كلنا متفقون على مبادئ ومحاور الإصلاح، لكن الصعوبة مازالت كامنة في بلورته إلى واقع ملموس"، كما يجب أن "يبقى التعليم بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة والنقاشات الهامشية، وأن نتقدم في هذا الإصلاح سواء على مستوى الحكامة أو على المستوى البيداغوجي"، يقول عبد الأحد الفاسي. ويضيف "يجب تجنب النقاشات التي تحرفنا عن المشكل الأساسي، كالنقاش حول اللغات مثلا" وفي هذا السياق يرى أنه "عندنا لغتان رسميتان ويجب الانفتاح على اللغات الأساسية الأخرى". كما "لا يجب أن ننسى الاشتغال على الموارد البشرية، يقول الفاسي الفهري، وذلك سواء على مستوى مسارهم أو كيفية اختيارهم أو تحسين أوضاعهم..."؛ أما الإصلاح البيداغوجي فعليه أن يستهدف تشجيع قدرة الشباب على الانفتاح واستيعاب التكنلوجيات الجديدة، كما جاء في الخطاب الملكي". في السياق ذاته قال إدريس قصوري، الأستاذ الباحث بكلية بن مسيك بالدار البيضاء، أن "مسألة التعليم استفحلت كثيرا وأخذت من النقاش والزمن أكثر مما تستحق". واعتبر، في تصريح لبيان اليوم، أن "ضرورة إصلاح التعليم أثيرت في كثير من الخطابات الملكية، وشكلت محور العديد من توجهات الملك لكن عدة مسائل ظلت عائقا في وجه الإصلاح الشامل"، وبالتالي، "لا بد أن تحسم بصفة نهائية ولا تبقى متروكة للزمن، حيث أن القيام بإصلاح حقيقي للتعليم سيمكن من قطع أشواط كثيرة في المشروع المجتمعي". ولاحظ قصوري في حديثه لبيان اليوم، أن هذه القضية "أخذت حيزا مهما في الخطاب الملكي، بل أخذت تفاصيل كثيرة وتضمنت رسالة وشبه تحكيم في الجدل القائم حول اللغة بارتباطها بالهوية"، ملاحظا أن "اللغة هي مجرد جزء من الهوية وليست هي كل الهوية". واعتبر قصوري أن "إصلاح التعليم يعتمد، بالفعل، على دعائم ثلاث يتعين على الدولة أن تعالج الاختلالات الموجودة بها وهي: رجل التعليم وسوق الشغل والأسرة". فكل الخبراء يجمعون على أن "الوسطاء في تطبيق القرار أهم من القرار ذاته". بالتالي "فلابد من إعادة الاعتبار للجسد التعليمي، سواء بأخذ رأيه في مضمون الإصلاح أو بتسوية وضعه المادي وإعادة الاعتبار المعنوي للأستاذ وللمعلم". كما يتعين "معالجة ظاهرة البطالة ليكون هناك نموذج للتلاميذ وللأسر أيضا كي يبذلوا مجهودات في مجال الدراسة التي تصبح أداة للارتقاء الاجتماعي كما جاء في الخطاب"، يقول الأستاذ إدريس قصوري. ********************* 2- توجه دبلوماسي يخدم الوحدة الترابية ويرسخ قيم التضامن الإنساني والتعاون الدولي عبد الفتاح الفاتحي: المجتمع الدولي استوعب صواب ونجاعة الموقف المغربي على المستوى العالمي والإقليمي صبري الحو: رؤية ملكية قوية متعددة الأبعاد على الصعيد الدولي مدعومة بالنموذج الديمقراطي على الصعيد الداخلي مصطفى السالكي أكد جلالة الملك محمد السادس أن المغرب لن يسمح أبدا بالتطاول على سيادته ووحدته الترابية. وقال جلالة الملك في الخطاب الذي وجهه إلى الأمة، بمناسبة عيد العرش السادس عشر، إن المغرب لن يسمح أبدا بالتطاول على سيادته ووحدته الترابية ونموذجه المجتمعي، كما لن يقبل، بأي محاولة للمس بمؤسساته أو كرامة مواطنيه. وشدد جلالته على أن التطورات التي عرفتها قضية الصحراء أبانت عن صواب موقف المغرب على المستوى الأممي. وقال جلالة الملك في هذا الصدد، لقد "أبانت التطورات التي عرفتها هذه القضية، صواب موقفنا على المستوى الأممي، وصدق توجهاتنا على الصعيد الوطني، حيث سيتم، بعون الله وتوفيقه، الانطلاق في تطبيق الجهوية المتقدمة والنموذج التنموي للأقاليم الجنوبية للمملكة". غير أن هذا، يضيف جلالة الملك، لا يعني أننا طوينا هذا الملف. بل على الجميع مواصلة اليقظة والتعبئة، من أجل التصدي لمناورات الخصوم ولأي انحراف قد يعرفه مسار التسوية الأممي، مذكرا بأن جلالته سبق أن حدد في الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، بطريقة واضحة وصريحة، مبادئ ومرجعيات التعامل مع ملف الصحراء المغربية، على الصعيدين الداخلي والدولي. بذلك، يجدد خطاب العرش التأكيد على أن الوحدة الترابية للمملكة جزء لا يتجزأ من العقيدة الوطنية الراسخة للمغاربة. بهذا الخصوص، يقول الخبير في قضايا الساحل والصحراء، عبد الفتاح الفاتحي، إن الخطاب السامي الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس إلى الأمة، يحدد ملامح ممارسة الدبلوماسية التي تشدد على عدم المس بوحدة المغرب الترابية التي هي جزء من العقيدة الوطنية الراسخة التي لا تساوم ولا تسامح في شأنها. وتتعزز القناعة بهذه العقيدة في تدبير الدبلوماسية تبعا للتطورات الإيجابية التي عرفتها قضية الصحراء، يؤكد عبد الفتاح الفاتحي، مضيفا أن المجتمع الدولي استوعب صواب ونجاعة الموقف المغربي على المستوى الدولي والإقليمي، فضلا عن فعالية نهجه السياسي الوطني والذي يجعله نموذجا رائدا بالنظر إلى التحديات الأمنية الخطيرة في محيطه الإقليمي والجهوي. وشدد الفاتحي، في اتصال هاتفي أجرته معه بيان اليوم، على أن مضامين الخطاب الملكي، جاءت في سياق تطورات إيجابية شهدتها المملكة بعد إصلاحات سياسية ودستورية وشروع تدرجي في تدبير الجهوية المتقدمة، فضلا عن تطور إيجابي في ملف القضية الوطنية. وأوضح أن جلالة الملك أعاد التذكير بمعالم الإستراتيجية الدبلوماسية للمملكة والمتمثلة في ترسيخ التضامن والتعاون جنوب - جنوب، خاصة مع الدول الإفريقية، إذ يصبح الانفتاح المغربي على إفريقيا خيارا استراتيجيا للمملكة، سيما وأن الإعلان عن هذا التوجه في الدبلوماسية المغربية يأتي بعد زيارات ملكية دورية لعدد من دول الإفريقية، والتي شكلت مناسبة لبحث صيغ تطوير التعاون الاقتصادي القائم على تحقيق النفع المتبادل، وعلى النهوض بأوضاع المواطن الإفريقي. بهذا الخصوص، قال جلالة الملك، لقد "مكنتنا الزيارات، التي قمنا بها لعدد من بلدان القارة، من تطوير نموذج للتعاون الاقتصادي، يقوم على تحقيق النفع المتبادل، وعلى النهوض بأوضاع المواطن الإفريقي". وأضاف الفاتحي أن الدبلوماسية المغربية كرست مصداقيتها وتضامنها مع الإبقاء على الوفاء لانتماء المغرب إلى فضائه المغاربي والعربي والإسلامي بانخراطه في التحالف العربي لمكافحة الإرهاب، ومن أجل إعادة الشرعية باليمن والدعم الموصول والدائم للقضية الفلسطينية. من ثمة يقول جلالة الملك إن المملكة، ووفاء لانتمائها العربي والإسلامي، "انخرطت في التحالفات العربية، لمكافحة الإرهاب، ومن أجل إعادة الشرعية باليمن، التي دعا إليها أخونا الأعز خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وكذا دعم أشقائنا وشركائنا الاستراتيجيين العرب". وفي هذا السياق، أكد جلالته على أهمية إيجاد حلول للأوضاع بكل من اليمن وسوريا والعراق وليبيا، على أساس الحوار، وإشراك كل مكونات شعوبها، واحترام سيادتها ووحدتها الترابية. وبخصوص القضية الفلسطينية قال جلالة الملك إنه رغم الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة العربية، بفعل تنامي عصابات التطرف والإرهاب، فإن القضية الفلسطينية تظل هي جوهر السلام، بمنطقة الشرق الأوسط "وهنا نؤكد، بصفتنا ملك المغرب ورئيس لجنة القدس، دعمنا الموصول، لأشقائنا الفلسطينيين، قادة وشعبا، من أجل استرجاع حقوقهم المشروعة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية". أما المصداقية في عملنا الدبلوماسي، يضيف جلالة الملك، فتجسدها علاقات الشراكة التي تجمع المغرب بعدد من التجمعات والدول الصديقة، بحيث يواصل المغرب، في إطار انخراطه في فضائه الأورو متوسطي، العمل على تطوير الشراكات التي تجمعه بدول الاتحاد الأوروبي. وقال جلالة الملك "وفي هذا الصدد، نحرص على تعزيز الشراكة الاستثنائية مع فرنسا، بتعاون مع فخامة الرئيس فرانسوا هولند، كما نعمل على استثمار روابط الصداقة مع جلالة الملك فيليبي السادس، لتوطيد علاقات التعاون وحسن الجوار مع إسبانيا، فضلا عن التزامنا بتطوير علاقات تعاون مثمر مع باقي الدول الأوروبية". وأوضح أن المغرب باعتباره شريكا استراتيجيا لأوروبا، فإنه يطالب بإقامة شراكة متوازنة ومنصفة، تتجاوز المصالح الظرفية الضيقة. كما أكد جلالة الملك حرص المغرب على تطوير الشراكة الاستراتيجية مع الولاياتالمتحدة، والمبنية على القيم والمبادئ، التي يتقاسم شعباهما الصديقان الإيمان بها، مشددا جلالته على ضرورة تعميق وإغناء الشراكة التي تجمع المملكة بكل من روسيا والصين، علاوة على فتح آفاق أوسع، أمام علاقات التعاون مع دول أمريكا اللاتينية، ومع الدول الآسيوية. "وتتجلى مصداقية بلادنا أيضا، يقول جلالة الملك، في انخراطها الإيجابي، في مختلف الإشكالات والقضايا التي تشغل المجتمع الدولي. فاحتضان المغرب لعدد من المنتديات العالمية تهم حقوق الإنسان، والهجرة، وريادة الأعمال، ومحاربة الإرهاب، والتغيرات المناخية، كلها تظاهرات تبرز الثقة والمصداقية التي يحظى بهما عالميا. كما أن الإجابات، التي تقدمها بلادنا، لمعالجة هذه القضايا الكونية تشكل مساهمة نوعية، في الجهود الدولية، لإيجاد حلول موضوعية لها". وتسعى الرؤية الملكية القوية متعددة الأبعاد على الصعيد الدولي، المدعومة بالنموذج الديمقراطي المغربي، يقول صبري الحو الخبير في القانون الدولي، إلى تقديم دعم قوي للمسلسلات الديمقراطية وديناميات التنمية المستدامة وحقوق الإنسان والكرامة الإنسانية، بالإضافة إلى إرساء الأمن وحفظ السلام، وتعزيز التعاون والحوار بين الحضارات. ويرى صبري الحو، في حديث لبيان اليوم، إن الخطاب السامي يفتح فصلا جديدا من فصول أداء الدبلوماسية المغربية، وخاصة في ما يتعلق بملف الوحدة الوطنية. وشدد الحو، في التصريح ذاته، على أن الأداء الدبلوماسي المغربي الجديد يستوعب استثمار نجاعة التعاون مع دول صديقة كفرنسا وإسبانيا لما يجمعهما من قواسم مشتركة، منها تدبير الفضاء المتوسطي أمنيا وسياسيا واقتصاديا، مبرزا أن المغرب يعزز شراكة استثنائية مع فرنسا واستثمار روابط الصداقة مع جلالة الملك فيليبي السادس، لتوطيد علاقات التعاون وحسن الجوار مع إسبانيا. وأكد، من جهة أخرى، أن خيار التعاون جنوب - جنوب، الذي يتكرس بعراقة امتداد إمارة المؤمنين في إفريقيا، ارتقى به جلالة الملك إلى مستوى مسؤولية المغرب لحماية فضاء الساحل والصحراء من كل ما يتهدد أمنه والاهتمام بالمواطن الإفريقي الملتزم بواجب البيعة لإمارة المؤمنين والحرص على تنميته البشرية. **** 3- الخطاب الملكي .. خطاب الأمل وإعادة الاعتبار للمناطق المهمشة تاج الدين الحسيني: خطاب العرش يعيد الاعتبار للفئات المهمشة التي لم تستفد بعد من سياسات التنمية والنمو الاقتصادي نادية التهامي: الخطاب الملكي جاء لينتصر لكرامة المواطنين في عالم الأرياف والمناطق النائية وتحسين أوضاعهم سعيد أيت اومزيد شدد الخطاب الملكي الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش على ضرورة صيانة كرامة المواطن سواء أكان هذا المواطن في داخل المغرب أو خارجه. وجاء الخطاب الملكي قويا في جميع جوانبه، لاسيما منها الجانب المتعلق بالفقر والهشاشة، حيث لم يكتف فقط بتشخيص الواقع ووضع الأصبع على الخلل في ما يتعلق بظروف عيش السكان في المناطق النائية، بل وضع خطة تصحيحية لأوضاع الفئات المعوزة وللاستجابة لحاجياتها في التعليم والصحة والبنيات التحتية، وهي خطة جديدة مرتبطة بأدق تفاصيل التركيبة الاجتماعية في الريف، الأطلس، المناطق الصحراوية، الواحات وببعض القرى في السهول والسواحل وأيضا بهوامش المدن الكبرى. وتكمن قوة الخطاب الملكي بالصراحة المعهودة فيه، إذ على الرغم من الإنجازات الكبيرة التي تحققت خلال السنوات الأخيرة، فإن جلالة الملك أكد أنه مازال هناك الكثير مما ينبغي القيام به لفائدة الفئة التي تعاني من ظروف الحياة القاسية وتشعر بأنها مهمشة. وفي تصريح لبيان اليوم، قال تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس، إن جلالة الملك ركز في خطابه على إجراءات عملية لمعالجة الأوضاع الصعبة في بعض المناطق مثل الريف والأطلس والمناطق الصحراوية الجافة، مما يعيد الاعتبار للفئات المهمشة في المجتمع والتي لم تستفد بعد من سياسات التنمية والنمو الاقتصادي التي يعرفها المغرب، مشيرا في هذا الإطار إلى المخطط الاستراتيجي الذي يشكل طريقا واضح المعالم لإيجاد حلول واقعية لمشاكل الفئات المعوزة والاستجابة لحاجياتها في التعليم والصحة والبنيات التحتية، وهو المخطط الذي وضعه جلالة الملك من خلال تكليف وزير الداخلية بإحصاء الدواوير التي تعاني مظاهر الخصاص والهشاشة، حيث تم تحديد أزيد من 29 ألف دوار، في 1272 جماعة، ووضع مشاريع لمعالجتها بميزانية إجمالية تبلغ حوالي 50 مليار درهم. وأكد الحسيني على أن هذه الخطة التصحيحية لا تقتصر على المناطق النائية والمعزولة فقط، بل تهم أيضا هوامش المدن الكبرى حيث بات انتشار مدن الصفيح بشكل متزايد يشكل هاجسا أمنيا واجتماعيا، الشيء الذي يفرض على متخذي القرار بدل مجهودات مضاعفة من أجل إيجاد حلول كفيلة لهذه الإشكاليات التي ترهن تطور المجتمع. وفي تصريح مماثل، أفادت نادية التهامي، عضوة الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية وفاعلة جمعوية مهتمة بعالم الأرياف، بأن خطاب جلالة الملك محمد السادس إلى الأمة بمناسبة عيد العرش المجيد، يبرز انشغالات جلالته من أجل صيانة كرامة المواطنين في عالم الأرياف والمناطق النائية وتحسين أوضاعهم. وأضافت أن الخطاب الملكي جاء بمقاربة جديدة من خلال تركيزه على العالم القروي واهتمامه بالمناطق المهمشة والمعزولة والتي بقيت خارج نطاق الاستفادة من التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وأشارت إلى أن السياسات العمومية لاسيما في الحكومات السابقة لم تكن تولي عناية كبيرة لهذا الجانب، وتركز اهتمامها فقط على الحواضر الكبرى بالخصوص. وتابعت التهامي، أن الخطاب الملكي لم يتوقف فقط عند الجهود والإنجازات المبذولة لتحسين عيش المواطنين عبر ورش المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وغيرها من البرامج التنموية، بل شدد على العمل من أجل رفع الأوضاع الصعبة في المناطق النائية والمعزولة وتحسين عيش ساكنتها، مشيرة في هذا الصدد، إلى الدراسات الميدانية التي تم تكليف وزارة الداخلية للقيام بها لتحديد الخصاص والأولويات والحاجيات في الأعداد الكبيرة من الدواوير والمناطق التي تم رصدها، وأكدت على أهمية الغلاف المالي المقدر بحوالي 50 مليار درهم لتصحيح الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بهذه المناطق المهمشة. وزادت التهامي، أن الأمر يتعلق بإستراتيجية تنموية هادفة ستترجم إلى ورش حقيقي يلبي حاجيات المواطنين ويصون كرامتهم. ***** 4- الخطاب الملكي يجدد التأكيد على تعزيز وتحصين الهوية الدينية للمغاربة أمين الصبيحي: الخطاب الملكي كان وجيها في حثه على «الابتعاد عن جميع الاستيرادات الدينية والدعوات الغريبة عن النموذج المغربي المعتدل» سميرة الشناوي منذ توليه عرش أسلافه، أظهر جلالة الملك محمد السادس حرصا شديدا على حماية وترسيخ الهوية المغربية، وتغذية روافدها المتعددة من دين وثقافة وفكر وإبداع. ويأتي خطاب العرش ليوم 30 يوليوز 2015، ليشكل امتدادا للتوجه الملكي الرامي إلى "صيانة الأمانة الغالية التي ورثناها عن أجدادنا، وهي الهوية المغربية الأصيلة التي نحسد عليها"، كما قال جلالته في خطاب العرش. حيث جدد جلالته العهد مع شعبه في هذا السياق مؤكدا أن "مذهبنا في الحكم يقوم على خدمة المواطن، وتحصين هويته، وصيانة كرامته، والتجاوب البناء مع تطلعاته المشروعة". وذكر جلالته أيضا كافة المواطنين المغاربة بأن "من الواجب الوطني والديني للمواطن الحفاظ على هويته، والتمسك بالمذهب السني المالكي الذي ارتضاه المغاربة أبا عن جد". وأوصاهم جلالته بالتمسك بتقاليدهم وقيمهم الحضارية القائمة على التسامح والاعتدال، وبعدم اتباع مذاهب أخرى لا علاقة لها بتربيتهم وأخلاقهم، أو تبني أفكار يمكن أن تبث التفرقة بينهم. وقال جلالته في هذا الصدد: "لا تسمح لأحد من الخارج أن يعطيك الدروس في دينك. ولا تقبل دعوة أحد لاتباع أي مذهب أو منهج، قادم من الشرق أو الغرب، أو من الشمال أو الجنوب"، داعيا إلى أن يظل المواطن المغربي دوما "غيورا على وحدة مذهبه ومقدساته، ثابتا على مبادئه، ومعتزا بدينه، وبانتمائه لوطنه". وتعتبر التوجيهات الملكية التي تضمنها خطاب العرش لهذه السنة، بمثابة تذكير وتأكيد من جلالته على مسألة الهوية التي تعد مرتكزا أساسيا من مرتكزات الحكم على عهد جلالة الملك محمد السادس، في إطار تصور شامل وواضح لمنهجية بناء الإنسان، الرأسمال البشري الذي تعتمد عليه العملية التنموية والديمقراطية للبلاد، كما يريده جلالة الملك، مواطنا مغربيا معتزا بوطنيته وفاعلا في تطور ونماء بلاده. ويظل هذا المرتكز واضحا في جميع الخطابات الملكية، ومن خلال المبادرات الملكية العديدة في شتى المجالات. ففي خطابه الملكي بمناسبة عيد الشباب في سنة 2004، اعتبر جلالة الملك محمد السادس أن "الوطنية الحقة هي الجمع بين التشبع بثوابت الهوية المغربية الموحدة والغنية بتعدد روافدها، والتفاعل الإيجابي مع مستجدات حضارة العصر". محددا هذه الثوابت "في عقيدة إسلامية سمحة وملكية دستورية"، ومبرزا حرصه على وقاية المجتمع المغربي من "مخاطر التعصب والتزمت والانحلال المحدقة بالعالم في عصر يسوده اهتزاز المرجعيات العقائدية وتصاعد الأصوليات الهوجاء". وإذا كان جلالة الملك وأمير المؤمنين يعتبر أن عقيدة المغاربة وثقافتهم تقف جنبا إلى جنب مع الملكية الدستورية ضمن الثوابت الوطنية، فإنه يعتبرها كذلك من الأسس التي ينبغي أن تنبني عليها السياسات العمومية في إطار تحقيق أهداف التنمية البشرية المستدامة، وذلك اعتبارا لما تقتضيه التنمية البشرية، من تكامل بين مقوماتها المادية والمعنوية، كما سبق أن أكد جلالته في خطاب العرش لسنة 2013، مشيرا أن المغرب "غني بهويته متعددة الروافد اللغوية والإثنية، وبرصيده الثقافي والفني، الجدير بالإعجاب". وعبر جلالته كذلك، في نفس الخطاب، عن اعتزازه ب "النموذج المغربي المتميز في ممارسة الإسلام، عقيدة سمحة ووحدة مذهبية مالكية، قائمة على الوسطية والاعتدال". وفي نفس الاتجاه، يرى محمد الأمين الصبيحي، وزير الثقافة، أن جلالة الملك سلط الضوء في خطابه الأخير على نقطة مهمة تتمثل في اعتزاز الشعب المغربي بهويته المتميزة، وتمسكه بتراثه الأصيل المتجذر في وجدانه والنابع من عمق حضاري وتاريخ طويل حافل بأمجاد لا زالت آثاره شاهدة على عظمته. واعتبر الصبيحي، في اتصال هاتفي أجرته معه بيان اليوم، أن "هذا الزخم هو الذي منح للحمة المغربية قوة وتفردا ومناعة، وجعل الهوية المغربية، الغنية بتنوع مكوناتها وروافدها، جامعة وموحدة لكل عناصرها". وأوضح الصبيحي، في ذات التصريح، أن من بين المكونات الأساسية للهوية المغربية، الإسلام السني الذي يتوحد المغاربة حوله وحول المذهب المالكي المتسم بالوسطية والاعتدال والأخذ بمقاصد الشريعة. وأكد الصبيحي في هذا السياق، أن "الدعوة إلى التشدد والتضييق على الناس في تصرفاتهم وتدبير أحوالهم أو استمالتهم إلى راديكالية دينية باسم الإسلام، التي تحث عليها بعض الفضائيات والمواقع الاليكترونية، هي دعوة غريبة عن المغاربة، وبعيدة كل البعد عن النموذج المعتدل والمنفتح على العصر الذي تبنته بلادنا منذ زمن طويل". من هذا المنطلق، شدد الصبيحي على مدى عمق ووجاهة حديث جلالة الملك عن "ضرورة الابتعاد عن مثل هذه الاستيرادات الدينية"، بناء على حرص جلالته على تقوية "تماسك الهوية المغربية في وحدتها، وتجنب آثار غير مرغوب فيها لعناصر إيديولوجية دخيلة نحن في غنى عن تدبيرها". وأكد الصبيحي، من جهة أخرى، على أن المغرب، بكل مؤسساته، يعمل على حماية وتعزيز مكونات هذه الهوية "إن على مستوى التراث المادي أو على مستوى التعابير الثقافية والفنية، مع تكريم الكنوز البشرية الحية"، مشيرا إلى أن الدستور نص بدوره على إحداث مجلس وطني للغات والثقافة المغربية، الذي سيعزز السياسات العمومية الهادفة إلى تقوية وتمتين عناصر الهوية الوطنية. وجاء دستور 2011، حافلا بالإشارات التي تترجم الإرادة الملكية في حماية وتعزيز الهوية الوطنية والدينية للمغاربة، حيث نص في التصدير على أن «المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية- الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية». ولم يكن إحداث المجلس الوطني للغات والثقافة، إلا واحدا من هذه الإجراءات الرامية إلى مأسسة هذا التوجه، إلى جانب إرساء جلالة الملك لسياسة وطنية لإصلاح المنظومة الدينية الوطنية، وجعل المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية المحلية في صدارة اهتمامات هذه السياسة، من خلال تأهيلها وجعلها قريبة من احتياجات وتطلعات المواطنين في هذا المجال، وكذا تعزيز دورها في التوعية والتحسيس والتثقيف الديني لمختلف الفئات، علما أن هذا الدور تم ضبطه أيضا من خلال إحداث ميثاق العلماء الذي يشكل إطارا لتنظيم عمل العلماء وإصدار الفتاوى. وجعلت هذه السياسة من أولوياتها تفعيل دور المساجد والخطباء والقيمين الدينيين والوعاظ الدينين الذين تم الاهتمام كذلك بأوضاعهم الاجتماعية والمادية وتحسين صورتهم ووضعهم في المجتمع. إلى ذلك، تعزز المبادرات الملكية في الجانب التنموي أيضا ذات التوجه، من خلال إحداث عديد من المؤسسات في إطار سياسة القرب، التي ترمي إلى تعزيز تلك الشخصية المغربية المتفردة، الواعية بجذورها والقوية بانتمائها، والمحصنة بالتالي ضد جميع أشكال التطرف وضد تيارات إرهابية دخيلة أضحت ترخي بظلالها على المجتمعات العربية والإسلامية، بناء على فهم مغلوط للدين ولأغراض إيديولوجية بحتة، كل ذلك بهدف سد الثغرات وملء الفراغات التي تتغذى عليها هذه التيارات مستغلة على الخصوص أوضاع الهشاشة والفقر والأمية في العديد من الأوساط، لنفث سموم العصبية والتشدد في عقول وممارسات المواطنين. وخلاصة القول إن الخطاب الملكي جاء ليذكر مختلف الفاعلين الاجتماعيين وعموم المواطنين، بأن العمل على محاربة كافة أشكال التطرف، وتجفيف منابع الإرهاب، يبدأ من وعي إيجابي بالذات ليمتد إلى ممارسة إيجابية للمواطنة في كل المجالات، وأن هذا الوعي الإيجابي هو بدوره مسؤولية جماعية يجب أن تنخرط فيها جميع الأطراف في جميع المواقع. ***** 5- حان وقت الحزم لوضع حد لمشاكل الجالية المغربية بالخارج محمد صلو: المغاربة المقيمون بالخارج يحجمون عن قصد القنصليات ببلدان الاستقبال بسبب ما يلاقونه من معاملة سيئة عبد الله بوصوف: قضية الجالية المغربية أضحت أولوية وطنية في السياسات المغربية لحسن الجيت: إصلاح المنظومة القنصلية يرتبط بضرورة الرفع من مستوى التنسيق بين عدد من الإدارات فنن العفاني شكلت قضايا أفراد الجالية المغربية بالخارج، البالغ عددهم نحو 5 ملايين نسمة، موزعة على مختلف بقاع العالم، والذين يعدون بمثابة سفراء لوطنهم المغرب ببلدان المهجر، محورا أساسيا ضمن القضايا التي قاربها خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى السادسة عشر لتخليد عيد العرش، إذ أبدى جلالته من خلال تأكيد حرصه على رعاية شؤون أفراد الجالية وتوطيد تمسكهم بهويتهم وتمكينهم من المساهمة في تنمية وطنهم، انشغالا كبيرا بما يعانونه من مشاكل على مستوى الإدارة، ليس فقط في الداخل، بل أيضا على مستوى القنصليات. فبلغة صارمة، عبر جلالة الملك عن استيائه من تعامل عدد من القنصليات في العالم مع أفراد الجالية المغربية في بلدان المهجر، مبرزا بذلك حجم المشاكل التي وقف عليها خلال الزيارات التي يقوم بها إلى الخارج، والتي تتحدد في المعاناة من البطء في تسجيل الأسماء بالحالة المدنية، وفي تصحيح الأخطاء، وتمتد إلى سوء تعامل البعثات القنصلية معهم، حينما أشار جلالته إلى "مشاعر الغبن التي تزداد لدى أفراد الجالية حينما يقارنون بين مستوى الخدمات التي توفرها المصالح الاجتماعية لدول الإقامة، وطريقة التعامل معهم وبين تلك التي يتلقونها داخل البعثات الوطنية. ودعا جلالة الملك، في هذا الصدد، إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات الحاسمة لتصحيح وضع القنصليات منها إنهاء مهام كل من يثبت في حقه، من المسؤولين بالبعثات القنصلية، التقصير والاستخفاف بمصالح المواطنين من الجالية أو سوء معاملتهم، وأن يتم العمل على تحسين التواصل والتعامل مع أفراد الجالية بالخارج، وتقريب الخدمات منهم، وتبسيط وتحديث المساطر، واحترام كرامتهم وصيانة حقوقهم . وفي تعليقه على ما حمله الخطاب الملكي في هذا الجانب، قال محمد صلو، المسؤول عن قطب مغاربة العالم بحزب التقدم والاشتراكية، في اتصال هاتفي أجرته معه الجريدة، "إن خطاب الملك محمد السادس تطرق لعدة قضايا، وبكل جرأة وشجاعة تمت مقاربة الإشكاليات التي تعاني منها الجالية مما يبرز العناية الملكية التي يوليها لهذه الفئة من المواطنين، والحرص على معالجة المشاكل التي يعانون منها مع الإدارة"، مشيرا أن رصد معاناة الجالية لم يكن بناء على تقارير بل بناء على ارتباط ولقاءت مباشرة لعاهل البلاد مع المواطنين المغاربة بالمهجر. واعتبر صلو، عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، أن إثارة الملك لقضايا الجالية ومشاكلها يترجم إنصات جلالته لنبض المواطنين بالداخل والخارج، مشيرا إلى أن أفراد الجالية المغربية بالمهجر سبق لهم أن قدموا تظلمات للمسؤولين المغاربة حين تنقلهم في زيارات للخارج، كما سبق ورفعوا شكايات حينما يعودون لبلدهم الأصل، لكن لم يكن لتلك الشكايات أي صدى لدى المسؤولين". وأكد على أن عددا من المواطنين المغاربة المقيمين بالخارج يحجمون عن قصد القنصليات ببلدان الاستقبال بسبب ما يلاقونه من معاملة سيئة. وقد حاول وفد يمثل برلمانيي حزب التقدم والاشتراكية، خلال زياراته لبعض البلدان الأوروبية، التدخل لدى أطر بعض القنصليات، خاصة بهولندا، معتبرا أن الخطاب الملكي سيضع حدا لحالات سوء التعامل ببعض سفارات المغرب في الخارج، خاصة وأن جلالته دعا إلى الصرامة في مواجهة بعض البعثات القنصلية التي تبث تقصيرها في تحمل المسؤولية، هذا مع العمل على الأقل على تحسين العلاقة بين مغاربة المهجر والإدارات المغربية بالخارج بتحسين التواصل والتعامل مع أفراد الجالية. وأضاف أن الخطاب الملكي قارب أيضا مسألة مهمة تمحورت حول الدعوة إلى تفعيل الدستور الذي يتضمن عددا من المقتضيات التي تنص على منح تمثيلية للجالية في مؤسسات الحكامة، وسجل صلو، باستغراب، إحداث عدد من مؤسسات الحكامة دون إيلاء أي اهتمام لمسألة تمثيل الجالية داخلها، كما هو الشأن بالنسبة للمجلس الأعلى للتعليم، حيث تم وضع قانونه التنظيمي دون أن يأخذ بعين الاعتبار شرط تمثيلية الجالية. ونبه بهذا الخصوص إلى أن مسألة مدى دستورية هذه المؤسسات التي تغاضت قوانينها التنظيمية عن تمثيلية الجالية بات مطروحا"، مستطردا أن التعليمات الملكية التي حملها الخطاب الملكي في هذا الشأن ستدفع بالتأكيد في اتجاه الأخذ بعين الاعتبار هذا الأمر حين وضع القوانين التنظيمية الخاصة بمؤسسات الحكامة التي ينص عليها الدستور، والتي لازال ينتظر إحداثها"، كما لم يفت القيادي بحزب التقدم والاشتراكية التأكيد على ضرورة التفكير في مسألة الديمقراطية التشاركية وأنجع السبل التي تمكن مغاربة العالم من المشاركة السياسية . ومن جانبه، اعتبر عبد الله بوصوف الأمين العام لمجلس الجالية المغربية في الخارج، في تصريح أورده الموقع الإلكتروني للمجلس، أن الخطاب الملكي أكد على أن قضية الجالية المغربية أضحت قضية وطنية وأولوية في السياسات المغربية. وأكد الأمين العام للمجلس على أن دعوة الملك محمد السادس إلى إنهاء مهام بعض القناصلة الذين تبث إخلالهم وسوء تعاملهم مع أفراد الجالية في المهجر، تعد خطوة في الاتجاه الصحيح لتحسين العلاقة بين مغاربة المهجر والإدارات المغربية، وتأكيد على أن المهاجر المغربي لا يقل عن مغاربة الداخل. في حين أكد لحسن الجيت، إطار سابق بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، سبق أن تحمل المسؤولية على مستوى عدد من القنصليات، أن إصلاح المنظومة القنصلية يرتبط بعنصر الرفع من مستوى التنسيق بين عدد من الإدارات، منها وزارة الداخلية ووزارة العدل والحريات ووزارة الخارجية، وذلك بالعمل على تحيين المعلومات التي تخص المواطنين وجعلها في متناول المصالح القنصلية. كما شدد على ضرورة تسريع إطلاق خدمة الإدارة الإلكترونية، بحيث يتمكن المواطنون والمواطنات في المهجر عبر مختلف القنصليات من الحصول على وثائقهم الإدارية دون بطء أو تأخير، مبرزا أهمية هذا الإجراء الذي يندرج ضمن إعمال مبدأ الحكامة الجيدة.