يخلد الشعب المغربي اليوم الذكرى السادسة عشر لعيد العرش، وهي المناسبة الوطنية التي تجسد عمق الصلات العريقة التي تربط المغاربة بالمؤسسة الملكية، والتي تعود إلى قرون، كما أنها تؤكد أيضا وحدة المغاربة وإجماعهم على ثوابتهم المؤسساتية الوطنية. عيد العرش ليس فقط هذا التعاقد أو الارتباط الشعبي، الوجداني والسياسي والديني والروحي، للمغاربة بالملكية، وإنما هو أيضا محطة تاريخية بارزة لا تخلو من بعد سياسي ودلالة وطنية، ذلك أن استحضار زمن سن هذا الاحتفال الوطني يحيل على الأدوار الوطنية للملكية المغربية أثناء فترة الحماية وانخراطها إلى جانب قوى الحركة الوطنية وعموم شعبنا في المعركة من أجل الاستقلال. من المهم اليوم تأمل هذا السياق التاريخي وتجديد قراءته، خاصة ضمن ما تشهده كثير مناطق عربية وإفريقية حصلت على استقلالها عن الاستعمار في ذات الفترة على غرار بلادنا، ذلك أن الأدوار الوطنية للملكية المغربية زمن الحماية وارتباطها العميق والدائم مع شعبها وشرعيتها التاريخية والسياسية والروحية هي التي أكسبت البلاد وحدتها الوطنية وقوة بنيانها كدولة حقيقية وجعلت مسارها المجتمعي متميزا عن محيطها الإقليمي والقاري، مغاربيا وعربيا وإفريقيا. من جهة ثانية يعتبر الاحتفال بعيد العرش مناسبة أيضا لرصد حصيلة المنجز الوطني لعام كامل، سياسيا ومؤسساتيا وديمقراطيا وتنمويا، وفرصة لاستعراض انتظارات وتطلعات شعبنا ورسم معالم الطريق للمستقبل من أجل النجاح في كسب رهان مختلف التحديات التنموية والإستراتيجية والديمقراطية... ولهذا، فالعيد السادس عشر لجلوس جلالة الملك على العرش يحل هذه السنة في سياق عديد تحولات يعرفها مشهدنا العام، فضلا عن مواعيد أساسية لها علاقة بتمتين البناء الديمقراطي والمؤسساتي للبلاد، وبإنجاح أوراش إصلاحية كبرى، وأساسا ضمن تطلعات وطنية لمزيد تقدم في طريق تكريس أسس المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي وترسيخ فرادة النموذج الديمقراطي والتنموي لبلادنا. ولئن كانت الدلالات التاريخية الوطنية لعيد العرش مهمة ويجب استحضارها دائما من طرف الأجيال الحالية والقادمة لتعزيز افتخار شبابنا وشعبنا بوطنهم وارتباطهم به وبالدفاع عن قضاياه وتطلعاته، فإن انتظام المناسبة الوطنية في دينامية المستقبل يعتبر أساسيا. عيد العرش هو مناسبة لتفعيل صراحة القول والتقييم لواقع بلادنا وشعبنا، ولاعتماد ذات الصراحة، وأيضا قوة الإرادة لتطوير المنجز الوطني التنموي والديمقراطي وإنجاح الإصلاحات الوطنية الكبرى والقضاء على كل الاختلالات والتجاوزات في مختلف المجالات. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته