على إيقاع عرض صاخب لمجموعة "مارون فايف" في منصة السويسي بالرباط، أسدل الستار مساء يوم السبت الماضي عن فعاليات مهرجان "موازين..إيقاعات العالم" في دورته الرابعة عشر التي استعرضت قافلة من نجوم الغناء والموسيقى وصناع الفرجة الفنية. واستقطبت فرقة مارون فايف كما كان متوقعا عشرات الآلاف من الجماهير في حفل ستتحدث عنه الرباط طويلا، بتزامن مع الاحتفالية التي شهدتها باقي فضاءات المهرجان. ففي المنصة الشرقية، غنى الفنان اللبناني وائل كفوري باقة من أنجح أغانيه العاطفية ورقصت منصة سلا على الإيقاعات الشعبية للأغنية المغربية مع طهور والداودي وعادل الميلودي، بينما كان المسرح الوطني محمد الخامس فضاء لتجديد عهد التمسك بالتراث الطربي الأندلسي مع ابا جدوب والصويري. تسعة أيام من الطرب والايقاع والفرجة المتنوعة التي أشبعت شغف عشاق كل الأنواع الموسيقية الغنائية، أصيلها وحديثها، شرقيها وغربيها، عبر منصات متخصصة تنافست على استقطاب مئات الآلاف من الجماهير. وتجاور خلال الدورة نجوم الموسيقى العالمية، من أصحاب الأرقام القياسية في مبيعات الألبومات وأبرز الأسماء التي تصنع راهن الموسيقى الشرقية، بينما انفتح المجال أمام فنانين مغاربة جسدوا التنوع الثقافي والفني للمملكة. على منصة السويسي، تألق نجوم الأغنية الغربية، واسعة الانتشار في صفوف الفئات الشابة، جينيفر لوبيز، فاريل وليامز، شون بول، أفتشي، إيكون، بلاسيبو، ستينغ، آشر ومارون فايف. وضرب فنانو المشرق العربي موعدا مع جماهيرهم الغفيرة في المغرب. ومن على منصة مسرح محمد الخامس أطلت الفنانة الكبيرة ماجدة الرومي في حفلة لا تنسى، بينما تعاقب على منصة النهضة أسماء أخرى مثل أصالة ونبيل شعيل وماهر زين وملحم زين وأمال ماهر وإليسا ثم وائل كفوري. والى جانبهم أسماء شابة صاعدة في سماء الفن العربي. وبالمسرح الوطني محمد الخامس، أتيح للجمهور اكتشاف أصوات أصيلة ذات وزن وتميز لفنانين قادمين من الولاياتالمتحدةالأمريكيةوالبرازيل ولبنان وتونس والمغرب، منهم نهاد فتحي في التفاتة تكريمية للراحلة أسمهان، بالإضافة إلى حضور باربارا هندريكس وفلافيا كويلو و عبد الهادي بلخياط ومحمد باجدوب وعبد الرحيم الصويري ودرصاف الحمداني. واحتفاء بثراء وتنوع الأصوات والألوان الموسيقية المغربية، استقبلت منصة سلا سهرات تتوزع بين النوع الكلاسيكي والشعبي والأمازيغي والإلكتروني والكناوي أو فن الراي. كما شملت التشكيلة المغربية مشاركة خنساء باطما وأوم وعزيز المغربي ومجموعتي "السهام" و"مازاغان" وحميد الحضري والداودي وفريد غنام، وآخرين. وفي قاعة "لارونيسونس"، أقيمت سهرات تحتفي بالموسيقى التقليدية والطرب المغربي الأصيل وطرب الشرق الأوسط، بمشاركة سمير التومي ومالك وأسماء الشودري والبتول المرواني وحاييم بوطبول. وتوطيدا للبعد الافريقي في اختيارات المهرجان، استضافت الدورة موسيقيين ومؤلفين أدوا الايقاعات الافريقية، اما في طابعها الأصيل التقليدي، أو في صيغة حديثة تحاور الايقاعات الغربية. مر على المنصة سليف كيتا والشيخ تيديان وسيك وأمادو وبي سكوير وبلاك إم ويانيك نواه وميتا ميتا و المغربي عزيز السحماوي وماماني كيتا. وعلى عادة احتفائه بالأنماط الموسيقية القصية والفريدة، أتاح موقع "شالة" الأثري فرصة اكتشاف نادرة تحت عنوان "موسيقى في كل ميناء". فقد حط الجمهور رحاله في موانئ عديدة، بين ميناء أثينا (كاترينا فوتيناكي)، إسطنبول (أزليم أزديل)، مالقة (لويس دي لا كراسكا)، نغاباتينام (سريشتي نينا راجاراني)، بوينوس آيريس (ديبورا روس)، برايا (كارمن سوزا)، لشبونة (ماريا بيراسارت) و مارسيليا (لو كور دو لا بلانا). وبمناسبة الدورة، نبضت شوارع الرباط وساحاتها بإيقاعات ساخنة لمجموعات وعروض "فانفار" من مختلف أرجاء العالم. وحضر في هذا الاطار السيرك المغربي من خلال مجموعة "كولوكولو" وعرض "الفانفار" الخاص بيونس أزرو وفرقة "سمارت أرتس". كما حلت بالرباط فرقة ماراكاتو بيت ذات دروم وفرقة بيرنكاديرا ايفوليثيون الاسبانية و باتاكودا نيل ودا بورتيلا من البرازيل. مارون فايف في منصة السويسي وقعت فرقة مارون فايف الشهيرة، في ختام فعاليات الدورة، على حفل استثنائي ستتذكره الرباط طويلا. وكما كان متوقعا، أوفى اللقاء الذي انتظره عشاق الموسيقى الغربية كثيرا بكل وعوده، وحضرت الجماهير بكثافة من مختلف المدن المغربية بل ومن بلدان عديدة حول العالم للاستمتاع بإبداعات هذه الفرقة التي فاقت نجاحاتها كل الحدود. وبعدما تجاوزت عقارب الساعة العاشرة ليلا بخمس دقائق، اعتلى المغني الرئيسي آدام لفين وعازفي مارون فايف منصة السويسي، وسط صيحات جنونية تعكس ولع الجماهير المغربية بهذه الموهبة الفذة وباقي أعضاء الفرقة. ومن دون مقدمات، ألهبت الفرقة حماس الجماهير الحاضرة بأداء ثلاثة من أفضل قطعها: "آنيمالز" و"وان مور نايت" ثم "ستيريو هارتس" بدون توقف، قبل أن تعيدهم في فلاش باك إلى أول ألبومات الفرقة التي اكتشفت من خلاله توليفتها الفريدة بين إيقاعات "البوب" و"الروك" ولمسة "السول" الآسرة. وانتقت من ألبومها "سونغس أباوت دجيين" الصادر سنة 2002، "هاردر تو بريذ"، و"سانداي مورنين"، وأغنيتها الشهيرة "ذيس لوف" التي أداها آدام لفين بشكل جماعي مع الجمهور. وترك كل من عازفي القيثارة البارعين جيمس فالنتاين وميكي مادن، وعازفي البيانو الأنيقين جيسي كارميشايل وبي جي مورتون، وعازف الدرامز المفعم بالطاقة مات فلين، آلاتهم الموسيقية ليلتحقوا بآدام لفين ويؤدوا بمعيته المقاطع الأولى من أغنية "بلايفون" في مشهد لقي الإعجاب الكبير من طرف الجمهور. واستجمع آدام لفين، الذي لم يتوقف عن الحركة فوق الخشبة، كل طاقته وموهبته ليهدي الجمهور أداء ساحرا للأغنية الشهيرة للفرقة، "شي ويل بي لوفد"، على إيقاعات عزف هادئ للقيثارة وبتعديلات طفيفة لطيفة على ألحانها. وحرصت الفرقة في لقاءها الأول بالجمهور المغربي على تقديم أكبر عدد من أغانيها الناجحة، فأهدته كذلك أغاني "لاكي سترايك"، و"مابس" و"أي وان لوف سام بادي"، و"دايلايت"، لتختتم الحفل على إيقاعات "موفز لايك دجاغر"، وبعدها الأغنية التي اكتسحت كل تصنيفات الموسيقى العالمية هذه السنة "شوغر". وأعرب لفين خلال الحفل عن سعادته بالغناء هنا (المغرب)، وقال في ختام السهرة "المغرب، أحبكم". وقبل بداية حفل مارون فايف، التقى جمهور منصة السويسي بالمغنية المغربية الصاعدة في سماء الأغنية الغربية غيتة وفرقتها الشابة التي قدمت على أفضل نحو أوراق اعتمادها للجمهور، الذي لم يبخل عليها بالتشجيع. وأظهرت ابنة الدارالبيضاء عشقها للغناء وبدأت تتلقى دروسا في ستوديو الفنون في المدينة قبل أن تجتاز اختبار الغناء وتلتحق بمدرسة "بركلي كاليدج أوف ميوزك" في بوسطنبالولاياتالمتحدة. وكان آدم لفين قد أكد خلال ندوة صحفية قبيل الحفل إنه كانت لديه منذ تأسيس الفرقة ثقة كبيرة بأن النجاح سيكون حليف مسيرتها الفنية، مشددا على أن ما وصلت إليه الفرقة "تجاوز بكثير كل توقعاتنا". ابا جدوب والصويري في مسرح محمد الخامس اختتم قطبا المواويل الأندلسية الحاج محمد با جدوب وعبد الرحيم الصويري، مساء يوم السبت، سلسلة حفلات مسرح محمد الخامس بالرباط في إطار الدورة الرابعة عشر. وضرب عشاق الطرب الأندلسي والمواويل التي تصدح بها أجمل الأصوات، موعدا في فضاء غص عن آخره، لتنطلق الرحلة الموعودة مع حدائق الأنس والمتعة الفنية الخالصة. عيون الشعر الأندلسي موشحة بأعذب الألحان التي حافظت على طراوتها وطربيتها عبر الحقب، جللت المكان بحنجرتين تطوعان الكلمة وتروضان الايقاع، وتصعدان نشوة التفاعل مع المتن التراثي الخالد لدى جمهور تنوعت شرائحه. وفي ظل المخاوف من تبدد الألوان التراثية الأصيلة في ظل اجتياح موجات الموسيقى الحديثة والالكترونية، تقدم العروض الناجحة لمحمد ابا جدوب وعبد الرحيم الصويري إشارة على صمود طرب الآلة، وفي ذات الوقت حاجته الى أصوات جديدة تحمل مشعل النهوض به. بالقطعة الأثيرة التي تسكن الذاكرة الجمعية " شمس العشية"، انطلقت الأمسية التي تحول خلالها الجمهور الى كورال شريك في صنع اللحظة الموسيقية، لتعبر رصيدا زاخرا بالنصوص الشعرية واللحنية الحاملة لعبقرية كونية. وتمايل الجميع على مواويل " عيدوا علي الوصال" و " جرح قلبي" و " قل للمليحة" قبل أن تبلغ السهرة ذروتها مع "الفياشية" الشهيرة والصلاة على النبي بالطريقة المغربية. وبين القطعة والأخرى، انبهر الحضور بذلك الحوار الشعري النغمي بين القطبين الكبيرين أبا جدوب و عبد الرحيم الصويري، الذين اشتركا في تشكيل المشهد، تكاملا وانسجاما رسخته سنين طويلة من الرفقة الفنية. وفي خلفية الأمسية الخالدة، برزت فرقة أمين الدبي بطاقة ملفتة في الأداء الجماعي، كما بالمهارات الفردية التي عكستها وصلات العزف المنفرد على العود والكمان، التي صفق لها الجمهور طويلا، خصوصا أن جل أعضاء الفرقة شباب يحملون مشعل تخليد وصيانة فن تراثي ثمين. وبهذا الحفل الأندلسي المغربي، أسدل الستار عن فعاليات " موازين" الخاصة بفضاء المسرح الوطني محمد الخامس، والتي جالت بجمهور عالي الذوق في آفاق فنية طربية من المغرب والعالم العربي والغربي. عزيز سحماوي وماماني كيتا وميتا ميتا على المنصة الإفريقية بورقراق في إطار الاكتشاف وتلاقح الحضارات من خلال مزج ساحر بين الموسيقى المالية والمغربية من توقيع عزيز سحماوي وماماني كيتا. وبعد حفل "سفراء الموسيقى المالية"،(ساليف كيتا وشيخ تيديان سيك وأمادو)، الذين أبهجوا رواد موقع بورقراق، اكتشف الجمهور ممثلا آخر لهذه الموسيقى، هو ماماني كيتا التي ألهبت الساحة بانسجام رائع بين صوتها المتميز وصوت الفنان المغربي عزيز سحماوي ، المغني والعازف على العديد من الآلات الموسيقية والشغوف بموسيقى كناوة. قال عزيز سحماوي "أعرف ماماني كيتا منذ مدة طويلة، ولكن لم يحدث قط أن تقاسمنا الفضاء ذاته كما وقع الآن"، مضيفا أن ما يقربه أكثر من الفنانة المالية هو حبه الشديد لموسيقاها ونقاط التشابه مع موسيقاه. وفي تصريح مماثل، استحضرت ماماني كيتا ، من جانبها، لقاءها الأول مع عزيز سحماوي، بمناسبة برنامج تم بثه في التلفزة الفرنسية سنة 2009، وحصل تجاوب كبير بينهما منذ ذلك الحين. وفي ما يتعلق بموسيقاها الخاصة، قالت ماماني كيتا، التي تقيم خامس حفل لها بالمغرب، إنها مزيج بين الموسيقى التقليدية المالية والموسيقى الغربية، مع حضور هاجس أدائها بطريقتها "كي تصبح موسيقى بلا حدود". وأوضحت أنه "يمكن للمرء أن يجد في هذه الموسيقى كل الإيقاعات من روك وجاز وتقليدي"، معربة عن اعتقادها أن موسيقاها "تتلاءم تماما مع موسيقى عزيز سحماوي"، و عن سعادتها بالعمل إلى جانب هذا "الفنان الكبير". وأضافت الفنانة المالية أن الروك والجاز يحضران في ريبرتوار عزيز سحماوي أيضا، وهو أمر طبيعي جدا، "لأنه كان لنا حظ الاشتغال مع موسيقيين، وأساتذة كبار، ينتمون إلى هذه المدارس". وهناك نقاط متعددة تسهل حدوث تبادل في حفل سحماوي المشترك مع كيتا، التي تغني بالمالية والبامبارا والوولوف والفرنسية، بين ثقافتيهما في تعددهما اللسني. ويوضح سحماوي قائلا "بالنسبة لها، يتعلق الأمر بمالي، وبالنسبة لي يتعلق الأمر بالمغرب. إنها العربية والأمازيغية، لغتنا وثقافتنا التي ندافع عنها، ويحدث تمازج رائع بيننا". يشار إلى أن عزيز سحماوي، الذي يشتغل ضمن الأوركسترا الوطنية لباربيس (فرنسا) وإلى جانب "ذو زاوينول سانديكايت"، لم يتوقف قط عن تثمين الموسيقى المغاربية التقليدية مع مواصلة الإنصات للتيارات الحديثة في مجالي الجاز والمزج الفني. أما ماماني كيتا فهي تغني أساسا بلغة البامبارا، مع السعي لتطعيم الموسيقى المالية بإيقاعات متعددة (الإلكترو والجاز... إلخ). وقد برزت ماماني كيتا باكرا على الساحة الموسيقية، باندماجها في أوركسترا باماكو، ثم الأوركسترا الوطنية لمالي. وحلت بفرنسا في التسعينيات لتشتغل في الكورال إلى جانب ساليف كيتا والشيخ تيديان سيك وهانك جونز. الداودي وطاهور وعادل الميلودي على منصة سلا نجوم الأغنية الشعبية عبد الله الداودي وعادل الميلودي وطهور، كانوا حاضرين في سهرة واحدة على منصة سلا، في لقاء شعبي "شاخد" بامتياز، بالنظر إلى الشعبية التي يتمتع بها المغنون الثلاثة. واحتفلت منصة منذ الانطلاق بوجوه تصنع التميز في المشهد الموسيقي المغربي، وذلك في أولى سهرات المنصة المخصصة للبرمجة المغربية، في إطار الدورة 14 لمهرجان موازين ايقاعات العالم. واختتمت سلسلة السهرات المغربية التي تتخذ منصة سلا فضاء لها في اطار الدورة 14 للمهرجان، ملبية أذواق جمهور مغربي يعشق التعدد ويتوق الى الاحتفاء بساحة موسيقية غنائية وطنية تتطور بعنوان التنوع والأصالة والتجديد. اللبناني وائل كفوري على منصة النهضة شهدت منصة النهضة حالة جماهيرية لا توصف حيث بلغ عدد الجماهير قرابة 120 ألف شخص. عند العاشرة والربع من الليلة الأخيرة لمهرجان "موازين" صعد وائل المسرح. وعند رؤيته لهذا العدد الكبير من الجمهور قال:" وجودكم نعمة من الله لي". وشكر الجماهير ووجه لهم قبلة يعبّر فيها عن محبته الكبيرة. غنى وائل وهو في حالة طربية لا توصف مجموعة من أغنياته وهو في حالة من إنسجام عاشها مع الجمهور المغربي. فكان يصمت أحياناً والجمهور يغني. وبقي وائل وجمهوره على هذه الحالة من الانسجام الفني لنهاية الحفل. وعلا صراخ الجمهور والتصفيق له عندما قدمت له إحدى المشرفات على المهرجان العلم الوطني. فحمله وائل بكل احترام ووقار. ثم طواه بحرفية ورقي وقدمه لأحد العازفين معه. هذه الحركة الراقية منه تجاه علم المغرب دفع بأحد المعلقين للقول:" أكيد وائل إبن المؤسسة العسكرية. فنحن لم نلحظ هذا الإحترام من فنان آخر للعلم المغربي كاحترام وائل وتقديره للقيمة الوطنية للعلم المغربي". تسعة أيام من الطرب والإيقاع والفرجة المتنوعة التي أشبعت شغف عشاق كل الأنواع الموسيقية الغنائية، أصيلها وحديثها، شرقيها وغربيها، عبر منصات متخصصة تنافست على استقطاب مئات الآلاف من الجماهير. وتجاور خلال الدورة نجوم الموسيقى العالمية، من أصحاب الأرقام القياسية في مبيعات الألبومات وأبرز الأسماء التي تصنع راهن الموسيقى الشرقية، بينما انفتح المجال أمام فنانين مغاربة جسدوا التنوع الثقافي والفني للمغرب الحديث.