تصريح مسؤولة أمريكية ينصف المغرب، ويدين جنوب أفريقيا تحقيقات واعتقالات تقود إلى تسريب أخبار صادمة ومعطيات خطيرة تتلاحق الأحداث بصورة متسارعة داخل إمبراطورية الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) المتحكمة في مصير اللعبة الشعبية الأولى في العالم، اعتقالات وتحقيقات وشلال الأخبار الصادمة تتسرب في كل لحظة، تجمع على حجم الفساد الذي عشعش طويلا داخل دهاليز (الفيفا). الاعتقالات طالت أسماء كبيرة داخل هذه المؤسسة الكبيرة، ومن بين المعتقلين الأوروغواني يوجينيو فيغيريدو الذي يشغل منصب نائب الرئيس التنفيذي، وكان رئيس اتحاد كرة القدم في أميركا الجنوبية حتى وقت قريب. كما طالت الاعتقالات أيضا جاك وارنر من ترينيداد وتوباغو، العضو السابق في اللجنة التنفيذية، والمتهم بالعديد من ملفات الفساد، وهو بالمناسبة من بين الذين حاربوا بدون هوادة ترشيحات المغرب لاحتضان المونديال. ومن ضمن التهم الموجهة لهؤلاء المسؤولين على مدى العقدين الماضيين، تلقي رشاو بخصوص استضافة بعض الدول لبطولة كأس العالم، وكذلك تمرير صفقات تتعلق بالتسويق وحقوق البث التلفزيوني للمباريات. وتشمل التهم أيضا الاحتيال والابتزاز وغسل الأموال، إذ قال مسؤولون سويسريون إنهم استهدفوا أعضاء اللجنة التنفيذية ل (الفيفا) التي تتمتع بقوة هائلة، وعادة ما تحاط أعمالها بالسرية إلى حد كبير. تهم كبيرة صادمة بحجمها وأبعادها، تؤكد بالملموس أن رياح التغيير التي جاءت بإرادة أمريكية قوية بدأت تعصف بمواطن الفساد في كرة القدم العالمية، وأن القطيعة مع رموز الفساد لم تعد فقط مطلبا ملحا بل واقعا ملموسا، يذهب إلى الإنهاء مع ماضي التسلط والاغتناء على حساب اللعبة، فساد يقوده ويحميه الداهية جوزيف بلاتر الطامح إلى عهدة خامسة. ففي ظل هيمنة بلاتر وسيطرته المطلقة ونفوذه القوي، تحولت العديد من التسميات إلى مرادف لاسم زعيم (الفيفا) الأوحد والوحيد، فهو "الديكتاتور المنتخب الذي يرتدي ثوب الديمقراطية"، وهو "المتهم الذي يغطي جسده دائما برداء البراءة"، وهو "هتلر كرة القدم"، فهو لا يرحم كل طامح للاقتراب من عرشه، والكل تابع الطريقة التي نسف بها القطري محمد بن همام، بعدما اعتقد هذا الأخير أنه قادر بفعل بريق الدولار أن يزيح الديكتاتور السويسري من على عرشه. والمغرب الذي عانى طويلا من سيطرة الفساد على سلطة القرار داخل الاتحاد الدولي لكرة القدم، وجد في تصريح النائبة العامة الأمريكية لوريتا لينش، يوم الأربعاء، لحظة إنصاف عندما أكدت أن مسؤولين ب (الفيفا) حصلوا على رشاو في عملية منح كأس العالم لجنوب إفريقيا عام 2010، وهى الدورة التي نافس فيها المغرب بقوة، وخسر رهانه أمام جنوب إفريقيا بفارق أربعة أصوات (10- 14). المسؤولة الأمريكية أوضحت في مؤتمر صحافي في نيويورك، "في العام 2004 بدأت المنافسة على استضافة كأس العالم 2010، والتي منحت في النهاية لجنوب إفريقيا وللمرة الأولى في القارة الإفريقية. لكن حتى لهذا الحدث التاريخي، فقد أفسد مسؤولون في الاتحاد الدولي وآخرون هذه العملية باستخدام الرشوة للتأثير على قرار الاستضافة". كيفما كانت نتائج هذه التحقيقات، وما ستسفر عنه من اعتقالات، فمن المؤكد أن هذا الملف يشكل إدانة جديدة لجهاز (الفيفا) الغارق في الفساد والاختلاسات، حيث التسابق على أشده من طرف أصحاب القرار بإمبراطورية بلاتر والمحيطين بها، لتحقيق مكاسب بملايين الدولارات، من خلال عمليات مشبوهة وممارسات غير قانونية. فهل تصل التحقيقات إلى مداها، سواء في هذا الملف أو غيره من الملفات الكبيرة، أبرزها ملفا روسيا 2018 وقطر 2022، ليمكن بالتالي الوصول إلى كشف الحقائق كاملة، ومعرفة الأسماء الكبيرة التي تقف وراء الفساد الذي يعشش بدواليب إمبراطورية جاثمة على صدر اللعبة الشعبية الأولى على الصعيد الدولي، ومتحكمة في مصير اتحادات أكثر من 200 دولة. إنها أمنية حقيقية بدأ يتقاسمها حتى بعد رؤساء الدول، ولعل تصريح رئيسة البرازيل ديلما روسيف، خلال مونديال البرازيل 2014، بعد بروز فضيحة التذاكر، والتي دعت لمواصلة الحملة والوصول إلى اقتلاع جذور الفساد، مؤشر إيجابي على أن الحملة انطلقت بالفعل، والتراجع عنها أصبح غير ممكن، بعد دخول أمريكا على الخط بقوتها ونفوذها الذي لا يقف أمامه أحد.