حضور أسماء فنية كبيرة وإفريقيا في واجهة الحدث الثقافي الموكب وحفل الافتتاح في لقاء موسيقي إفريقي/ أسيوي، أعطى الفنان المغربي حميد القصري، والفنان الأفغاني هومايون خان، أول أمس الخميس، انطلاقة الدورة الثامنة عشر لمهرجان كناوة وموسيقى العالم بمدينة الصويرة، من على منصة مولاي الحسن وهي المنصة التي شهدت على مر الدورات عبور أسماء فنية كبيرة من المغرب، إفريقيا والعالم، ومنذ سنة 1998 كانت شاهدة على ألوان من المزج ظلت راسخة في سجل المهرجان بين معلمي كناوة وأكبر أسماء عالم الجاز و موسيقى العالم. وقد غصت، ساحة مولاي الحسن الفسيحة، ذات العمران المغربي/ البرتغالي، والمستندة على أسوار المدينة القديمة، بالجمهور الذي تابع وقائع الافتتاح، حيث وقع القصري وخان على لقاء موسيقي قصير لكنه وصف بكونه اكتشاف عند مفترق التأثيرات الفنية والثقافية المتميزة والمتكاملة ويبدو أن الدورة الثامنة عشر قد سلكت على غير المعتاد طريق الانتقاء حيث اكتفت بمشاركة فرق كناوية تمثل مختلف المدن المغربية إضافة إلى فرق عيساوة، وبعض الفرق تمثل التراث الوطني، واكتفت بمشاركة أسماء كناوية قليلة لكنها أهم ما يوجد على الساحة أمثال العميد محمود غينيا الذي سيحيي حفلا ختاميا لا يقل نظارة عن حفل الافتتاح، في حين تؤثث باقي حفلات المهرجان مشاركة أسماء فنية وازنة في عالم التراث الكناوي، من أمثال لمعلم مصطفى باقبو وحسن بوسو وعبد الكبير مرشان وعبد السلام عليكان وعمر الحياة إضافة إلى المعلمين الكناويين: محمد كويو، عزيز باقبو، مختار غينيا، علال السوداني، عبد اللطيف المخزوني، سعيد البورقي، سعيد أوغسال، عبد الله أخراز، رشيد بنطاير وغيرهم كثير. ونشطت حوالي 20 مجموعة موسيقية، انطلقت من باب دكالة بالمدينة العتيقة للصويرة في اتجاه ساحة المنزه، استعراضا موسيقيا حاشدا استقطب الآلاف من عشاق هذه الموسيقى، وحضره، على الخصوص، أندري أزولاي، الرئيس المؤسس للمهرجان ولجمعية الصويرة موكادور، وعدد من سفراء الدول المعتمدين بالمغرب، كان من بينهم السفير الأمريكي، دوايت بوش. ومن المقرر أن تشمل حفلات هذه الدورة، التي تحتضنها أبرز فضاءات المدينة كساحة مولاي الحسن وشاطئ المدينة ودار الصويري، وصلات موسيقية فردية وأخرى مشتركة إلى جانب سهرات إيقاعية و"أمسيات" وملتقيات وندوات. ويتضمن برنامج هذه الدورة مجموعة من الحفلات الموسيقية التي تحتضنها منصات المهرجان بكل من ساحة مولاي الحسن، ومنصة الشاطئ، وباب المرسى وبرج باب مراكش، إلى جانب دار الصويري وزاوية سيدنا بلال. كما يحط الرحال على امتداد هذه التظاهرة عشرات الفنانين والموسيقيين من مختلف مناطق العالم بمدينة الصويرة للمشاركة في هذا اللقاء، الذي من المنتظر أن يستقطب عددا كبيرا من الزوار من المغرب والخارج على غرار دوراته الأخيرة. وستعمل الحفلات الموسيقية الانتقائية على تحقيق التوازن بين كناوة والجاز والاكتشافات الموسيقية وسيقدم فنانون موهوبون عروضهم كل مساء في ساحة مولاي الحسن، التي أصبحت رمزا للمهرجان. وتسعى هذه التظاهرة الثقافية، التي سينشطها مبدعو فن كناوة وموسيقيون من مختلف مناطق العالم، إلى الدفاع عن صورة أفضل للعيش المشترك بين مختلف الأديان والحضارات ومقاومة الأفكار المتطرفة. المنتدى وسؤال مستقبل إفريقيا بموازاة مع الحفلات الموسيقية التي تحتفي بالعمق والارتباطات الإفريقية للمغرب، ستكون المرأة الإفريقية حاضرة هذه الدورة من خلال المنتدى الفكري الذي ينعقد للدورة الرابعة بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وتسلط هذه الدورة الضوء على مستقبل القارة الإفريقية، كما ستحتفي بالمرأة الإفريقية والأدوار التي تضطلع بها نساء القارة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية. وسيتناول قضايا المرأة في إفريقيا ومدى مساهمتها في تطور مجتمعاتها وقد بينت دراسات أجريت منذ ثلاثة عقود على أن النساء، بمجرد تمدرسهن، يبرزن مهارات وقدرات على الابتكار تفوق قدرة الرجال وفضلا عن هذا، كل زيادة في دخلهن لها تأثير مباشر على الحياة الجماعية للعائلة أو الجماعة، حيث أنهن يوظفن الجزء الأساسي من عائداتهن في مصاريف تساهم مباشرة في تحسين وضع العائلة، أو في تكثيف أنشطتهن التي يخصصن دخلها النهائي كذلك في مصاريف جماعية ذات مردود اجتماعي مرتفع. وقد كانت النساء الإفريقيات على الدوام حرفيات مؤتمنات على مهارات عريقة في جميع البلدان، فتح لهن تقدم التربية آفاقا جديدة بعد رائدات الستينيات القلائل، اليوم تصرّف الآداب الإفريقية إلى المثنى، وتحصد عبر العالم الجوائز الأدبية المرموقة كما أنهن يتفوقن في مجال الموضة، حيث أصبحت إفريقيا تحظى باعتراف دولي كإحدى مناطق العالم الأكثر إبداعا وتعرض نماذجها في أكبر عواصم العالم. لكن، ومع كل هذا لا زالت عدة حواجز على النساء تخطيها حتى يتم الاعتراف بهن كفاعلات كاملات العضوية في الحياة الاقتصادية، السياسية، الثقافية والفنية للقارة. فمن الشمال إلى الجنوب، تظل بالفعل القوانين غير عادلة، ولا زالت الأعراف تضعهن في وضعية دونية وفي انتظار أن تفتح لهن الدوائرالسياسية فعليا أبوابها، فإن النساء يكتسحن المجتمع المدني، يخلقن جمعيات تسمح لهن بالمساهمة في الحياة العامة وبالدفع بمطلب المساواة إلى الأمام. إذ صار الجميع يدرك أخيرا أن النساء في إفريقيا تعدن من الفاعلات الرئيسيات في الاقتصاد، كما هو الحال في باقي بقاع العالم والأمر يتعدى هذا، حيث أن النساء متواجدات بكثرة في كافة مجالات الإبداع، من الآداب إلى الفنون التشكيلية و الموضة إننا نجدهن في كل مكان، لدرجة أننا نفاجأ بذلك هذا الأمر، ليس حديثا، مع ذلك. وما هو جديد، أننا لا يمكن أن نتجاهلهن لقد أصبحن بارزات ولم تعد لهن النية في العودة إلى الخفاء الذي طالما فرض عليهن. إن النساء، بموجب التقاليد، يؤمنن ثلثي الإنتاج الزراعي-الغذائي للقارة ومنذ الثمانينيات، حيث دخلت إفريقيا عقد "التقويم الهيكلي"، وهو مرادف لوصفات تقشفية أليمة، كانت النساء خلالها متواجدات في كافة الجبهات – من الزراعة إلى التجارة أو إلى تحمل مسؤولية الحياة الجماعية، مبتكرات في كل مكان إستراتيجيات بغية تحمل قساوة الظروف، ناسجات للروابط العائلية حيثما تفككت الأسر بسبب الأزمة لقد بذلت النساء جهودا جبارة مما سمح غالبا في تفادي انفجارات اجتماعية عديدة وقد اضطرت الحكومات والمنظمات الدولية والممولون، إلى الإقرار بأنها تلعب دورا رئيسيا في التحول الاجتماعي-الاقتصادي الذي تشهده الدول النامية بعدما كن مزارعات أو تاجرات، أصبحت النساء ربات مقاولات من الكامرون إلى المغرب، ومن تونس إلى جنوب إفريقيا، إنهن يستثمرن في الصناعة، السياحة، والنقل، حين تفسح لهن ذلك القوانين التي لازالت تمييزية في غالب الأحيان وفي عدة بلدان، تجدهن على رأس مجموعات أرباب العمل المحلية، التي تظل مع ذلك قلع ذكورية بفضل طاقتهن وقدرتهن على الابتكار، تحاول النساء حيثما وُجِدن تكسير السقوف الزجاجية التي تحصر توقهن للارتقاء في سلم التراتبية الاقتصادية والمهنية. فعلى هذه الثورة الحقيقية، تنكب نقاشات هذا المنتدى إذ لا يمكن اليوم أن يشك المرء في أن النساء الإفريقيات هن في طور تغيير وضعهن فحسب، بل إنهن يغيرن القارة، من خلال تفجير قسمة للأدوار كانت تبدو أبدية.