في ندوة مبادرة طارق بن زياد أكد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية ووزير السكنى وسياسة المدينة، استمرار حرص حزب التقدم والاشتراكية على تقديم الصورة اللائقة بالممارسة السياسية النبيلة والخطاب السياسي السليم، وعلى عدم السقوط، تحت أي مبرر، في فخاخ الانحدار بالسياسة إلى مستنقعات السب والشتم والمس بالأعراض. وسجل نبيل بنعبد الله، في الندوة التي نظمتها مبادرة طارق بن زياد، مساء أول أمس الخميس، بالمدرسة الحسنية للأشغال العمومية بالدار البيضاء، بأسف وقلق بالغ ما آلت إليه الأوضاع والعلاقات والخطاب السياسي والحزبي من تشنج، ينم عن محاولات غير محسوبة للبعض في افتعال أزمات توجد البلاد في غنى عنها وعن آثارها. ودعا بعبد الله، في هذا اللقاء الذي أداره طارق كرتي عن مبادرة طارق بن زياد، المعارضة إلى العودة إلى جادة الصواب والتحلي بروح الاحترام المتبادل، وتجنب شخصنة التنافس الديمقراطي المشروع، والانكباب على المهام الرئيسية المنوطة بالفاعل السياسي، متمثلة في بلورة البرامج والأفكار والمقترحات والدفاع عنها والكفاح اليومي من أجل تنزيلها، خدمة للوطن والشعب. وشدد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية على أن ما يجري من انحطاط للخطاب السياسي لا يعني كل الأحزاب السياسية، بدليل أن حزب التقدم والاشتراكية يعتبر أن "لا سياسة بدون أخلاق، ولا سياسة بدون خطاب يحترم الجمهور والمواطنات والمواطنين"، وأن حزب الكتاب الذي ناضل لسنوات طوال من أجل تحقيق ما بلغه المغرب اليوم من مناخ ديمقراطي ومن دستور متقدم، ينزه نفسه عن "الخوض في السفاسف، ويشدد على ضرورة تواجد معارضة قوية" على اعتبار، يقول المتحدث، أن "الشراسة السياسية مطلوبة في بلد ديمقراطي.. شريطة تعبيرها عن المواقف وتقديم الأطروحات البديلة عوض السقوط فيما يشبه الحلقة التي هي بدورها بريئة مما نشهده من سفاهة وكلام ساقط لجهات يؤرقها عمل الحكومة الجاد، وتحاول إسقاط هذه الحكومة بكل السبل من خلال استهداف رئيسها ومكوناتها عبر التنقيب البئيس عن هوامش وجزئيات الأمور بدل الاهتمام بما يهم المواطنات والمواطنين وقضايا البلاد المصيرية". في سياق متصل، وأمام حضور طلابي غص به المدرج الذي احتضن الندوة، والذي كثف من أسئلته حول الواقع البئيس للخطاب السياسي، عاد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية ليجدد التأكيد على حاجة البلاد إلى معارضة قوية تبلور خطابا نقديا رزينا، وتطرح بدائل واقعية وحقيقية، مشيرا إلى أن الديمقراطية لا تستقيم دون معارضة قوية، تنتج خطابا سياسيا مقابل خطاب سياسي آخر، وسياسات عمومية توازيها اقتراحات بديلة، وليس السقوط في القذف المتبادل. وأكد بنعبد الله أن "خطاب المعارضة يسعى إلى ضرب المؤسسات في العمق، ضمنها الحكومة التي انتخبها الشعب وهي نتاج للدستور، ومن أراد أن يسقط هذه الحكومة فليفعل ذلك عن طريق صناديق الاقتراع"، مبرزا أن حزب التقدم والاشتراكية ينتمي لهذه التجربة وهو جزء منها، ويحق له الدفاع عنها، وأن يفتخر برصيدها، عكس ما يذهب إليه البعض الذي يحاول أن "يمنعنا من حقنا في التعبير وأن يكمم أفواهنا". وقال بنعبد الله إن أسلوبا كهذا لن يؤثر في حزب التقدم والاشتراكية الذي عانى أساليب أشد مكرا وقساوة في سنوات الرصاص، فبالأحرى اليوم مع دستور 2011، قائلا بنبرة حادة إنه "لم يعرف عن حزب التقدم والاشتراكية طيلة مساره في المعارضة، أنه كان يهرج، أو كان يخوض في أعراض الناس، بقدر ما عرف عنه أنه كان يقف عند الهفوات التي تعرفها السياسات العمومية، آنذاك، وكانت له الشجاعة أن يعترف بكل ما هو إيجابي، وفي الوقت ذاته، يقف عند كل ما هو سلبي ويقدم البدائل الممكنة في التعاطي مع هذه القضية أو تلك، ولا يختلق الأسباب غير الدستورية على كل حال لتأجيل المحطات الأساسية في حياة البلاد". بهذا الخصوص، وردا على سؤال حول الاستحقاقات الانتخابية القادمة وما شاب تحضيرها من شد وجذب، اعتبر نبيل بنعبد الله، أنه من غير المعقول سياسيا، أن يسعى البعض إلى تأجيل الانتخابات التي يتعين أن تجرى في موعدها المحدد، مؤكدا أن حزب التقدم والاشتراكية "لديه طموحات كبيرة تتمثل في تغطية 50 في المائة من الجماعات، والفوز ب 3000 مقعد، و200 رئاسة، بالإضافة إلى الظفر برئاسة إحدى جهات المملكة من أصل 12 جهة المتوفرة". وحرص على التأكيد، بخصوص دوافع هذا الطموح، أن الكلمة المفتاح التي تفسر تفاؤل حزب التقدم والاشتراكية هي قربه من المواطنات والمواطنين، وعمله الجاد إلى جانبهم لتقديم الحلول الملموسة لمشاكلهم، وما بات يحضى به وزراؤه من تقدير وثقة، لأن "ما يهم الناس اليوم هو الصدق والجدية والمعقول"، على حد تعبير المتحدث الذي ذهب إلى اعتبار أن هذه الثقة نابعة أيضا من كون المواطنين لمسوا أن هناك نفسا حقيقيا للإصلاح. وعدد نبيل بنعبد الله، في هذا السياق، عناصر الحصيلة الإيجابية لهذه الحكومة، ضمنها الرصيد الإيجابي لوزراء الحزب الذين يشرفون على قطاعات حيوية ومهمة، مؤكدا على أن هذه الحكومة، بمختلف مكوناتها، كانت لها الجرأة في أن تقارب العديد من الملفات الشائكة، مضيفا بهذا الخصوص، أنه "من حقنا أن ندافع عن رصيدنا على مستوى تدبير الحزب للشأن الحكومي وما تحقق أيضا من منجزات على المستوى المحلي والمرتبطة أساسا بقطاعات الصحة، والماء والشغل والثقافة، والسكن". وأوضح بنعبد الله أن دور حزب التقدم والاشتراكية في هذه الحكومة، هو دور أساسي، وأنه "كلما كان ضروريا أن نعبر عن رأي مخالف، نفعل ذلك، وتكون كلمتنا مسموعة"، وساق مسودة القانون الجنائي، كمثال على ذلك، حيث أكد المتحدث أن "حزب التقدم والاشتراكية عبر عن رأيه فيها بوضوح حيث اعتبر أن المغرب اليوم في حاجة إلى قانون جنائي حداثي وتحديثي يعزز منظومة الجيل الجديد من الإصلاحات القانونية، وفقا لروح ومبادئ دستور 2011 ومضامينه المتقدمة، وشدد على أن الأمر يتعلق بقانون مهيكل يتعين إخضاعه لتشاور مجتمعي موسع يمكن من إنضاج توافقات متينة حول مضامينه الأساس والتي يجب أن تشكل إضافة نوعية جديدة للمسار الذي اختارته بلادنا في مجال حماية الحقوق والحريات، الفردية والجماعية، وذلك في تناغم مع حماية حقوق المجتمع، وتأسيسا على المبادئ والتوجهات الدستورية المتعلقة ببناء الدولة الديمقراطية العصرية، دولة القانون والمؤسسات". وجدد الأمين العام التأكيد على أن حزب التقدم والاشتراكية سيواصل العمل خدمة لمصلحة الوطن والشعب، وأن الحزب أصبح قطبا تتجه نحوه عدد من النخب والأطر التي ترى فيه حزبا مختلفا يستحق أن يعول عليه، وأن يواصل العمل من أجل استكمال ما تحقق من منجزات في ظل هذه الحكومة، مشددا على أن حزب الكتاب يعتبر اليوم قاطرة اليسار، مؤهل لقيادة يسار عقلاني، ومسؤول وجريء، يؤمن بضرورة الحفاظ على الأخلاق والمعقول والجدية.