سجل المجلس الأعلى للحسابات، بإيجابية، التراجع الملحوظ في نسبة عجز الميزانية إلى 4.9 في المائة سنة 2014 بعد الارتفاع الذي عرفته هذه النسبة سنة 2012 حيث بلغت 7.4 في المائة. وعزا إدريس جطو، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، أمس الأربعاء، في عرضه أمام البرلمان بغرفته، حول أعمال المحاكم المالية، تحسن عجز الميزانية، إلى الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، والتي أدت بحسبه، إلى الزيادة في الموارد والاستقرار النسبي في النفقات، بالإضافة إلى عوامل أخرى ذات طبيعة ظرفية وغير بنيوية، سامت بدورها في هذا التحسن. ويأتي في مقدمة الإجراءات الاستعجالية المتخذة من طرف حكومة عبد الإله بنكيران، والتي ساقها الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، الحد من ارتفاع وتيرة الإنفاق العمومي، وذلك بوقف تنفيذ جزء من الميزانيات القطاعية للاستثمار بمبلغ 15 مليار درهما، ابتداء من أبريل 2013، وإيقاف الالتزام بالنفقات العمومية خلال الشهرين الأخيرين من السنة، والتي تعرف عادة ارتفاعا في وتيرة الإنفاق. ومن ضمن الإجراءات الحكومية التي ذكرها إدريس جطو، الشروع في نهج نظام المقايسة التدريجية لأسعار المواد النفطية ابتداء من الربع الأخير من سنة 2013، والذي مكن من تراجع نفقات صندوق المقاصة لتستقر عند نهاية سنة 2014 في 32.6 مليار درهما. بالإضافة إلى ذلك، ساق الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات عوامل أخرى ذات طبيعة ظرفية وغير بنيوية، ساهمت بدورها في تحسن المؤشرات الماكرو اقتصادية، أهمها المداخيل غير الاعتيادية من المؤسسات والشركات الكبرى، وكذا استخلاص مبالغ ضريبية إثر بعض العمليات الاستثنائية برسم الضريبة على الشركات، وحقوق التسجيل، وعائدات المساهمة الإبرائية برسم الممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج بمبلغ إجمالي يقدر ب 2.3 مليار درهما رصد لدعم صندوق التماسك الاجتماعي طبقا لمقتضيات قانون المالية لسنة 2014. من جانب آخر، سجل المجلس الأعلى للحسابات نوعا من التباطؤ في تنفيذ بعض البرامج ذات الطابع الاستراتيجي، والتي كانت موضوع توصيات المجلس، من قبيل إعادة تكوين احتياطي المواد الطاقية، وتطوير البنيات التحتية للتخزين قصد تأمين تموين عاد للسوق الوطنية، وتسريع المخطط الوطني للغاز الطبيعي المسال بالشروع في أشغال الميناء الغازي وشبكة التوزيع المرتبطة به. وعلى مستوى النفقات الأخرى لسنة 2014، سجل إدريس جطو، ارتفاعا في كتلة الأجور التي بلغت 101.6 مليار درهم، ممثلة بذلك نسبة 11.2 في المائة من الناتج الداخلي الخام، بل قد تصل إلى نسبة 16 في المائة إذا أضيفت لها التحملات الاجتماعية. وبحسب الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، فإن أهم الاختلالات التي تعرفها كتلة الأجور تتحدد في تزايدها بصفة تلقائية في غياب آليات فعالة للضبط والتحكم، مع ما ينتج عن ذلك من انعكاسات سلبية على التوازنات المالية والاقتصادية، مما دفع المجلس الأعلى للحسابات إلى برمجة دراسة تقييمية لتشخيص منظومة الوظيفة العمومية وكتلة الأجور المرتبطة بها، وتحديد سبل الإصلاح الممكن اعتمادها في هذا المجال. وتوقع إدريس جطو أن تكون هذه الدراسة جاهزة قبل نهاية السنة الجارية. وبالنظر إلى العلاقة بين كتلة الأجور وتأثيرها على توازن أنظمة التقاعد وديمومتها، أكد جطو على أن الإصلاح الشمولي لهذه الأنظمة يعتبر ضرورة ملحة ومستعجلة، وأوصى في هذا الصدد، بأن لا يقتصر الإصلاح المقترح على نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد، بل يتعين، في نظره، أن يشمل جميع الأنظمة الأخرى، وأن يهدف إلى تحقيق ديمومتها وتخفيض ديونها الضمنية مع تحقيق مستوى الانسجام بين المقاييس الرئيسية لمختلف الأنظمة للتمكن من تقارب قواعدها، وذلك في أفق توفير ظروف اندماجها.