الآن وقد مر فاتح ماي، يجب التشديد على ضرورة العودة إلى الحوار الناجع والجدي والمنتج بين الحكومة والمركزيات النقابية، وأن تحرص كل الأطراف على بلورة مقاربة تنموية وطنية بلا مزايدات أو عمى من أي كان. من المؤكد أن التاريخ ووقائع المقبل من الأيام سيمنحان للجميع الأجوبة بشأن غياب النقابات عن مسيرة العيد الأممي للعمال، وستتبين على الأرض ما إذا كانت ستكون للقرار المذكور تبعات أم لا وفي أي اتجاه، ولكن المهم اليوم أن ينجح الكل في إيجاد الطريق المفضي إلى حوار عقلاني لمصلحة البلاد وطبقاتها العمالية والشعبية. فعلا، اليوم يجب بذل جهد حكومي أكبر بخصوص المعضلات الاجتماعية المطروحة على بلادنا، وهي تهم ليس فقط الأجراء والموظفين، وإنما أيضا العاطلين عن العمل والأسر المعدمة والفقيرة، وساكنة المناطق النائية والمهمشة، وكل هذه الفئات المحتاجة وسط شعبنا تطرح اليوم مطالب مرتبطة بالشغل والسكن والصحة والتعليم، أي بشروط العيش الكريم، ومن ثم، فالحوار الوطني الاجتماعي لا بد أن ينتظم ضمن هذه المقاربة التنموية الشمولية لإحداث الأثر الملموس في الحياة اليومية للناس، ولكي تنجح بلادنا في هذا التحدي الاجتماعي الكبير. لقد تم إنجاز إصلاحات اجتماعية في السنوات الأخيرة لا يمكن إنكار أهميتها، كما لا يمكن عدم الاعتراف بكون الظرفيات الإقليمية والدولية الضاغطة كان يمكن أن تؤدي ببلاد مثل المغرب إلى مآلات أخرى مختلفة عما تشهده البلاد اليوم من استقرار عام وتحكم في توازناتها العامة، ولكن المشكلات الاجتماعية تنامت أيضا، والطلب الشعبي تضاعف، ما يفرض اليوم تفعيل جيل جديد من الإصلاحات ذات تركيز كبير على الجوانب الاجتماعية. ولكن، في نفس الوقت، ليس مقبولا اختزال راهنية المطلب الاجتماعي في مصالح فئوية مهما كانت مشروعة، أو جعل هذه القضية الوطنية الهامة موضوع جر وجذب يخضعان لاعتبارات الاستغلال الحزبوي الضيق، ذلك أن الجميع يعرف اليوم تفاصيل المطالب والحاجيات، ويدرك حدود الإمكانيات والموارد، وواهم من يعتقد أن رفع السقوف الكلامية بلا أعمدة واقعية وحقيقية سيقود إلى الانتصار. اليوم، يعاني المغرب من كثير شعبوية وجهل انقضا على حقلنا السياسي والحزبي ولم يعد الخطاب فيه سوى شتائم وتعبير عن الانحطاط، ولهذا، البلاد في حاجة إلى نقابات عمالية حقيقية، جادة فعلا ومستقلة فعلا ومناضلة فعلا وواقعية فعلا، وذلك لكي يدفع حضورها النضالي نحو صياغة أجوبة حقيقية وعملية تقود نحو العدالة الاجتماعية، ومن أجل الإإنجاز الفعلي للإصلاح على الأرض. لا شك أن هناك من يسعى اليوم إلى جعل كل الإصلاحات مؤجلة إلى ما بعد انتهاء الولاية التشريعية والحكومية الحالية، ولكي تواجه الحكومة هذه المساعي والألاعيب الصغيرة جدا، لا بد أن تبادر إلى"الهجوم" بالبرامج والإجراءات والقرارات، وأيضا بتمتين التواصل مع المركزيات النقابية الجادة، وبتجاوز ما أسمته"سوء التفاهم"معها، وذلك في أقرب وقت. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته