اليوم يحل فاتح ماي، العيد الأممي للطبقة العاملة، حيث تقام المسيرات والتجمعات للاحتفال بما قد يكون تحقق من مكاسب ومنجزات لصالح الأجراء والموظفين، وأساسا لتجديد النضال من أجل المطالب الاجتماعية والاقتصادية. التأسيس لهذا الاحتفال الكوني ارتبط منذ البدء بخلفية احتجاجية نضالية سواء في هاملتون أو في تورنتو، أو في شيكاغو، ثم في ولايات أمريكية أخرى، وفي ساحة هايماركت وما تلا التجمع الجماهيري الشهير الذي أقيم بها، ولاحقا في مختلف مناطق الكون مع تطور الأوضاع والظروف، وبصفة عامة يعتبر فاتح ماي، في بلادنا وفي العالم، مناسبة لرفع الأصوات عاليا للمطالبة بالعدالة الاجتماعية وصيانة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية لكل الفقراء. هذه السنة، قررت مركزيات نقابية أساسية في بلادنا الامتناع عن تنظيم المسيرات العمالية بمناسبة يوم العمال العالمي، وهذا قرار ذاتي يهمها على كل حال، وهي من حقها إبداع ما تشاء من مواقف أو أشكال نضالية بحسب رؤيتها وظروفها، ولكن الأساسي بالنسبة لبلادنا وللحركية الديمقراطية لشعبنا أن الفعل العمالي والدينامية النضالية للنقابات الجادة والحقيقية يجب أن يستمرا ويتعززا، وأن يتقوى التنقيب في صفوف الأجراء والموظفين، وأن تكتسب المركزيات النقابية الحقيقية كامل متانتها التنظيمية والإشعاعية وقوتها الاقتراحية والتمثيلية واستقلاليتها ووحدتها... إن النقابات في كل الدنيا وجدت لتكون في صف العمال، ومن الطبيعي أن تختلف مع الحكومات، وأن تكون سقوف مطالبها عالية عما تعرضه الحكومات والمشغلين، ولكن من المهم والحيوي حرص الجميع على إقامة حوار اجتماعي حقيقي ومنتج بين مختلف الأطراف، والعمل لتحصين وتطوير السلم والاستقرار الاجتماعيين. الحكومة، في وضعنا المغربي الحالي، مطالبة بمنح جهد أكبر للمسألة الاجتماعية، أي لتحسين أوضاع شعبنا، وخصوصا الفئات الفقيرة والمعوزة، والنقابات أيضا مطالبة بالحرص على منهجية وخطاب واقعيين يستحضران الظرفيات الموضوعية الحقيقية، وبالتالي فبلادنا اليوم ملزمة بتفعيل عاجل لمقاربة تنموية وإصلاحية، على هذا الصعيد، تتأسس على تنمية القدرات الإنتاجية وعلى الاعتماد على ما تراكم من مكتسبات في مجال التوازنات الماكرو اقتصادية الكبرى، وذلك من أجل مزيد من الإجراءات والإصلاحات الملموسة في الميدان الاجتماعي، ليس فقط لفائدة الأجراء والموظفين، ولكن لمختلف فئات شعبنا التي تعاني العوز الشديد والحرمان والفقر المدقع، وبما يشمل التشغيل والتعليم والصحة والسكن، أي يحقق العدالة الاجتماعية وكرامة العيش... هنا توجد المصالح الحقيقية لشعبنا، وهي تستحق أن تبادر مختلف الأطراف المعنية إلى تجاوز الحسابات الذاتية الضيقة من أجلها، وأن تتبادل التنازلات الممكنة وتصل إلى نقاط اتفاق كبرى من أجل الاستمرار في حوار اجتماعي حقيقي ومنتج، ليس فقط وطنيا، وإنما أيضا على الأصعدة الجهوية والمحلية والقطاعية وداخل المقاولات ضمن شروط والتزامات متبادلة تراعي كذلك المصلحة العليا للبلاد ومستقبلها واستقرارها العام. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته