مستشار بالمعارضة: الصفقات تمنح لمقاولة مقربة من النائب الثاني بالمجلس المُسيّر على خلاف مثيلاتها، استأثرت جماعة سيدي يعقوب بدائرة فطواكة بإقليم ازيلال بإهتمام إعلامي واسع، ليس لكونها أحسن حكامة من غيرها، إنما لأنها أمست بلغة المعارضة نموذجا لمجموعة من الاختلالات والتدبير اللاعقلاني، والإستثناء هنا ليس مبالغة في تقدير الآداء، وتقييم فاعلية الانجازات، إنما هو قول مشروع، يستمد شرعيته فقط من واقع الجماعة المعيش، ومن سنن التدبير وحصيلة الأسئلة المقلقة. فهي الجماعة القروية، التي ظلت الى حدود نهاية العشرية الأخيرة تتطلع إلى المزيد من المشاريع الانمائية لتحقيق هويتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إلا أنها بفعل عوامل سياسية محضة، بقيت حسب رأي بعض الأصوات المعارضة بالمجلس، تراوح مكانها بسبب منتجوها الانتخابي الذي أفرز ذوات بعيدة عن الممارسة السياسية الحق، وساهم في صناعة حلم سياسي يتناقض والحاجيات الملبية المحلية، فكانت النتيجة تحين واقع متردي، أنتج من الانتقادات والعزوف السياسي، ما يعادل ضعف المشاريع المنجزة، لاعتبارات مختلفة ارتبطت في رأي البعض بالفعل السياسي العقيم، ولدى البعض الآخر، بضعف التكوين والتأطير اللازمين لبلورة رؤى تشاركية كفيلة بطرح بدائل طموحة للواقع المعيش. وفي غياب هذه الصناعة السياسية الواقعية، التي تمتح مصداقيتها من روح الدستور، و في ظل المنافسة غير الشريفة بين مختلف الاقطاب السياسية التي تسهر على تدبير الشأن العام بسيدي يعقوب، عرفت الجماعة في السنوات الأخيرة، حسب شهادة أحد المعارضين، نزيفا حادا بسبب ضبابية منهج الاشتغال، وحضور الأنا بدل ال"نّحن" بقراراتها الانفرادية التي تضرب في العمق جوهر الميثاق الجماعي، الداعي إلى أخذ بعين الاعتبار موقف الأقلية والاحتكام إلى صلاحية الرأي لا إلى المزاجية السياسية، يقول لحسن أكنو مستشار جماعي من فريق المعارضة، أن اغلب الصفقات تُمنح لنفس المقاولة تقريبا، والتي هي بالمناسبة ذات صلة بأحد المقربين للنائب الثاني بالمجلس المُسيّر، مما يؤكد عدم احترام المادة 22 من الميثاق الجماعي التي تنص على " أن لا يربط أي عضو مصالحه الخاصة بالجماعة، الذي هو عضو فيها وان لا يبرم معها عقودا أو اعمالا او الا قتناء او التبادل او كل معاملة أخرى تهم املاك الجماعة، وأن لا يبرم صفقات الأشغال أو التوريدات أو الخدمات أو عقود الامتياز أو الوكالة أو أي شكل من أشكال تدبير المرافق العمومية الجماعية... وعليه، فإن منطوق هذه المادة الواضح، لا وجود له في قاموس من تحملوا مسؤولية تدبير الشأن العام بجماعة سيدي يعقوب، خصوصا، وأن ذات المتحدث يقول أن غالبية الصفقات تُفوّت للشركات التابعة للنائب الثاني للرئيس بأسماء مقاولات أحد اقربائه ( سوبينار، واشغال سورن، وأحرار ) مما يرجح احتمال تورط النائب الثاني في التأثير على شفافية الصفقات المبرمة، ومن ثمّة على اعتمادها المالي، ويعتبر وجها من أوجه التبدير اللاشرعي للمال العام، كما يحلو للمتحدث أن يصف ذلك. وإلى جانب هذا، يقول ذات الصوت المعارض، أن برمجة ميزانية الجماعة تتحكم فيها حسابات سياسية، حيث كثيرا ما تعطى الأولوية لدواوير الأغلبية، دون أخذ بعين الاعتبار حق الأسبقية، ودون استحضار تجليات الإقصاء والتهميش، ودرجة الفقر والعزلة..، باعتبارهما معايير أساسية في توزيع المشاريع الإنمائية، ولا أدل على ذلك يقول نوعية المشاريع التي استفادت منها الأغلبية بكل من دوار(ايت حيدا، ايت فلالاض، انبد، ايت الطالب، ايت منصور، تامازرت، سيدي يعقوب...) على خلاف دواوير الأقلية (ادميم، اخرازن، اغرم، ايت مهاوت، ايت موسى، ايت واحمان، ايت واعزيز تيزي..)، بل أكثر من ذلك، أن هناك دواوير استفادت أكثر من مرة ( سيدي يعقوب، أيت حيدا ،وأيت منصور..) ليس لكونها في أمس الحاجة الى هذه المنجزات، وإنما لأن من يتحكم في بوصلة التسيير يسعى ربما إلى ضمان استمرارية مريحة . وعموما، يبقى استحضار البعد الانتخابي، في برمجة الميزانية يقول المصدر نفسه، تفكيرا مُجانبا للصواب، ولايتلاءم إطلاقا ومخطط التنمية، بل وروح الدستور المُعدل، الذي يدعو الى النهوض بالعالم القروي، ودعم المشاريع ذات الأولوية التي من شأنها سد حاجيات السكان وليس حاجيات المنتخب وأطماعه السياسية. ولذا، نقول، أن بعض المشاريع التي ولدت من رحم ذات التفكير الذاتي أو الفرداني، طلعت شبه مشوهة، وتفتقر إلى الشرعية القانونية، بما أن حجم ميزانيتها لايتواءم وأهميتها التنموية، والنموذج هنا أسوار المقابر، التي أنجزت عدة مرات بأثمنة تبدو غير واقعية، وكثيرا ما كانت موضوع تساؤلات المتتبعين للشأن المحلي، وتستدعي بفتح تحقيق جريء حفاظا على المال العام. هذا، دون الحديث عن العديد من الفصول، التي تحولت للأسف إلى أداة للاغتناء اللاشرعي ببعض الجماعات الترابية، حيث تجاوزت اعتماداتها حد المعقول، والحديث هنا يدعونا، والكلام دائما للمتحدث، للوقوف عن حجم اعتمادات الكازوال، وتنقلات الرؤساء، وفصول الإطعام ومصاريف الهاتف والإعتمادات المخصصة للمواسم..، الى غير ذلك من الفصول التي تستعصى على لغة المتابعة والرصد، والتي غالبا ما يتم شرعنة مصاريفها بطرق لا تخدم إلا الأجندات السياسية التي يبقى هاجسها الأول والأخير هو ضمان كرسي دائم ولو على حساب مصلحة المواطنين. وفي الختام، أشار لحسن أكنو، أن أغلبية المشاريع بجماعة سيدي يعقوب لا ترقى إلى مستوى طموحات الساكنة، ولا يمكن لها الحد من معاناتها، لأنها بكل بساطة لا تسعى إلى تفعيل مبدأ الحكامة الرشيدة كأداة كفيلة بتحقيق سياسة القرب عبر إحداث مشاريع سوسيو اجتماعية، وعبر نهج سياسة تشاركية تستحضر كافة المتدخلين كقوة اقتراحيه في العملية التنموية التي تقتضي انجاز مشاريع كبرى، بعيدة عن أسلوب التخفي وراء مسلسل إصلاح المشاريع أو ترميمها، الشيء الذي يستنزف ميزانية الجماعة.