خالد الناصري يحاضر في الدارالبيضاء حول موضوع «حزب التقدم والاشتراكية.. جدلية الاستمرارية والتجديد» قال خالد الناصري، عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، إن ثنائية الاستمرارية والتجديد، تجمع تاريخ الحزب وتوجهاته المستقبلية، وبالتالي فهي تفرض مقاربة منهجية مركزة تسمح بتقديم الأجوبة على بعض التساؤلات المطروحة. وأضاف المسؤول الحزبي والوزير السابق، في محاضرة نظمت أول أمس السبت، من قبل فضاء أطر حزب التقدم والاشتراكية بالدارالبيضاء حول موضوع "حزب التقدم والاشتراكية.. جدلية الاستمرارية والتجديد"، أن حزبه، بني على قيم ومبادئ، وهي ميزة يمتاز بها عن كثير من الأحزاب التي تملأ الساحة السياسية المغربية، مشيرا في هذا السياق، إلى أن الكثير من الأحزاب السياسية لاتهمها لا المرتكزات الإيديولوجية ولا الأسس المبدئية ولا التصنيفات القائمة على هذه القيم. وأشار المحاضر إلى أن هناك من يعتقد أن الحزب مؤسسة يجتمع فيها الناس من أجل الدفاع عن المصالح، ويختصر دور الحزب في الدفاع عن أعضائه، وهذا خطأ كبير، يقول الناصري، لأن الحقيقة أكثر تعقيدا، فالحزب يجب أن يدافع عن أعضائه، لكن ما يجب استحضاره في هذا الباب، هو أن هذا الدفاع ليس إلا تكملة لشيء أساسي هو البنية التحتية التي ينبني عليها الجهاز الحزبي، مستطردا في هذا الإطار، أن هذا يطرح علينا ضرورة الجواب عن الكثير من المساءلات التي توجه لنا بصفة حزبية أو على المناضلين والمناضلات، وفي مقدمتها مسألة تحالف الحزب مع حزب له مرجعية دينية، واتهامه بممارسة الانتهازية والتخلي عن مبادئه الأساسية، مثل هذا الكلام، يقول المحاضر، يصدر عن نوعين من الناس، نوع يقوله عن حسن نية، لأنه يفتقر إلى المعلومات الكافية، وهذه من مسؤولياتنا أن نزوده بالمعلومات ليفهم منطلقاتنا، ونوع ثان، وهم أناس لهم حسابات ومواقف مناهضة لحزب التقدم والاشتراكية، وهذا من حقهم، لأن الاختلاف حق مقدس، لكن الاختلاف بين المرجعيات السياسية والحزبية لا يمكن، أن يكون مبررا، للتشويه المنهجي والكذب على الحزب، وذلك ما يمارس من طرف بعض الجهات خاصة من بعض مكونات المعارضة الحالية. وتابع المحاضر حديثه في هذا اللقاء، بالقول إن أكبر المنزلقات التي تهدد الأحزاب السياسية في المغرب، هي الانتهازية أو الدغمائية، موضحا أن الانتهازية تخبط خبطة عشواء دون كابح أو ضوابط يحتكم إليها في البحث عن المصلحة كيفما كانت، وهذا شيء لا يقبل به حزب التقدم والاشتراكية، كما لا يقبل بالدغمائية، التي تعني تحجر المواقف والمرجعيات وعدم تطورها، رغم ما يطرأ على الحياة الاجتماعية من تغيرات، وحتى لا يسقط حزب التقدم والاشتراكية في هذين الفخين، يقول الناصري، يحافظ على هويته المبدئية، ويقوم بعملية التجديد، وهذا ما كان يفسر إيلاء الحزب لهذا الموضوع أهمية كبيرة في المؤتمر الخامس لما بنى ذلك المؤتمر على ما أسماه آنذاك ب "جدلية الوفاء والتجديد"، أي أن نظل أوفياء لمبادئنا ونتفادى السقوط في الانتهازية، ولكن على أساس تجدد المقاربة حتى لا نقع في الدغمائية المتحجرة. وأكد الناصري، على تشبث حزبه بمبادئه ومرجعياته وباستقلالية تحاليله ومواقفه، وهو معطى أساس في هويته، قاده عدم التفريط فيهما إلى الاختلاف حتى مع الحزب الشيوعي الفرنسي الذي كان وراء إنشائه سنة 1943، حول استقلال المغرب التي كان يعتبرها في مقدمة المقدمات، وكذلك الوحدة الوطنية والقضية الدينية، وهما المسألتان اللتان ما زال الخلاف إلى يومنا هذا قائما بشأنهما بينه وبين الحزب الشيوعي الفرنسي والأحزاب اليسارية الفرنسية، فما يميز حزب التقدم والاشتراكية، يقول المحاضر، هو المبادئ والاستقلالية وبالتالي تموقعه الإيديولوجي، وهو تموقع نحو الاشتراكية انطلاقا من تحاليل الصراع الطبقي الذي يجب حسمه في اتجاه العدالة الاجتماعية. واعتبر المحاضر أن القضية الوطنية والقضية الدينية لا تتناقض إطلاقا مع الهوية الاشتراكية والتقدمية للحزب، موضحا أنه يمكن أن نكون اشتراكيين وتقدميين وشيوعيين ونناضل من أجل حسم الصراع الطبقي لصالح الطبقات المقهورة وفي مقدمتها الطبقة العاملة، وهذه كلها أمور عادية وطبيعية في مرجعية حزب التقدم والاشتراكية، ولا تتناقض مع تشبثه بالمسألة الوطنية والدينية ولو كان الحزب ارتكب هذا الخطأ للفظه التاريخ ولكان على هامش الحركية الاجتماعية والسياسية المغربية، يؤكد المتدخل. وتابع الناصري حديثه خلال هذا اللقاء الذي تميز بغنى محتواه، أنه "تطرح مسألة انتمائنا إلى اليسار، علما أن حزب التقدم والاشتراكية هو من أدخل إلى المغرب الفكرة الاشتراكية والفكرة التقدمية واليسارية، وهذا واقع سجله التاريخ ولا يمكن لأحد إلغاؤه". وأبرز الناصري في حديثه عن مبادئ حزب التقدم والاشتراكية، قيم التضامن التي ميزت تعامل الحزب مع المختلفين معه من مكونات اليسار خلال سنوات الرصاص، حين كان القمع مسلطا عليهم، حيث هب لنصرتهم مع أنه يختلف معهم ويعتبرهم مخطئين في توجهاتهم وقراراتهم. وتحدث المحاضر كذلك، خلال هذا اللقاء، عن الكتلة الديمقراطية التي تم إنشاؤها في بداية التسعينات من قبل أحزاب التقدم والاشتراكية والاستقلال والاتحاد الاشتراكي ومنظمة العمل بعد تجاوز الصعوبات، مشيرا أنه "لم ننسق إلى اتخاذ مواقف هوجاء أي نسخة طبق الأصل، بمعنى، أن الموقف الذي يتخذه حزب في الكتلة تتبناه باقي الأحزاب المكونة لها، إذا كانت هناك التقائية في التحليل". وزاد المتحدث، ثبات حزب التقدم والاشتراكية على مبادئه وتشبثه باستقلالية قراراته، سيقوده إلى الاختلاف مع باقي مكونات الكتلة، حول مسألة غزو الكويت من قبل صدام حسين، ففي الوقت الذي كان فيه المغرب والعالم العربي متشبث إلى غاية الدوخان بما فعله صدام حسين، كان حزب التقدم والاشتراكية الوحيد في المغرب وشبه الوحيد في الساحة العربية الذي قال حينها صدام حسين ارتكب خطأ سياسيا جسيما لا يغتفر وأخطأ في حق الشعبين العراقي والكويتي وفي حق كل الشعوب العربية، ليتم التعامل مع الحزب بطريقة النبذ وتم عمليا استبعاده من الكتلة الديمقراطية، لأنه قال هذا الكلام واتخذ موقفا انطلاقا من قناعته، ولتؤكد بعد ذلك التجربة أنه كان على صواب وسجل التاريخ له هذا الموقف. وقال الناصري بخصوص التحالفات أنها تبنى على مواقف مبدئية، ولا يمكن أن يتحالف الحزب إلا مع من يختلف معه إذ حصلت هناك جسور للتفاعل، معتبرا في هذا السياق، أن ما يجعل حزب التقدم والاشتراكية مختلفا عن بقية الأحزاب، هو إيمانه في أن ما يجمعه أقوى مما يفرقه، وتأسف للخلاف القائم بين حزبه الذي يوجد في الأغلبية يدبر الشأن الحكومي وباقي أحزاب الكتلة في المعارضة. وأضاف الناصري أن المعارضة بشكلها اليوم، أحسن أن لا تكون، لأنها تقوم على أسلوب السب وتحريف المواقف والتهكم والاستقواء بالمؤسسة الملكية. وتابع المحاضر حديثه، أن حزب التقدم والاشتراكية اختار موقعه بالمشاركة في الحكومة، ليس لأن له نفس مواقف حزب العدالة والتنمية، بل لأن ما تم الاتفاق عليه في البرنامج الحكومي، هو اتفاق على برنامج إصلاحي، مشددا على أن حزب التقدم والاشتراكية، كان حزبا تقدميا اشتراكيا وسيبقى حزبا تقدميا اشتراكيا. وتابع المحاضر، إن من يجهل كل شيء في السياسة ويخلط بين التحالف الإيديولوجي والائتلاف الحكومي، هو من يمكنه أن يوجه اللوم لحزب التقدم والاشتراكية، ولكن التاريخ سيحكم علينا من خلال اتخاذنا لهذا القرار الشجاع الذي كان ثمرة نقاش ديمقراطي للجنة المركزية للحزب في قمة ممارسته الديمقراطية. قناعتنا إلى يومنا هذا بأننا لم نرتكب خطأ بل فعلنا ما كان يجب علينا أن نفعله، يقول خالد الناصري، لنطور عجلة الإصلاحات في بلادنا ونذهب بها إلى الأمام. لا نقول بأننا سنصفي جميع القضايا، ولكن نقول بأننا نحرك العجلة التي تؤدي إلى تصفيتها، هذا هو حزب التقدم والاشتراكية هذه هي الاستمرارية وهذا هو التجديد في نطاق الثبات على المبادئ والانفتاح الذكي على متغيرات الواقع.