تنديدا بحصيلة سنوات طوال من التدبير السيئ في قراءة نقدية حول تمرير الحساب الإداري لآخر دورة من عمر مجلس مدينة الدارالبيضاء في شخص رئيسه محمد ساجد، أصبح من الضروري والمؤكد طرح مجموعة من التساؤلات حول نجاعة هذه الدورة في تدبير وتسيير الشأن المحلي بالمدينة البيضاوية، إذ أن جل المتتبعين لما يدور في دواليب هذه المؤسسة المنتخبة يضعون علامة الاستفهام بخصوص هذا الإجماع المفاجئ، فقبل أننتناول هذا الموضوع لا بد من الإشارة إلى حصيلة تدبير الشأن المحلي بهذه المدينة الضخمة بمختلف مكوناتها المتناقضة كثيرا والمنسجمة أحيانا وتطلعات ساكنتها مند بداية الانتداب (2009-2015)، فمن يا ترى سيطلع الرأي العام على حصيلة هذا التسيير..؟ إن ساكنة البيضاء حسب انتظاراتها في أمس الحاجة إلى أجوبة مقنعة تمكنها من الاطلاع على حقيقة الأمور. وإذا كان الوصول إلى المعلومة حق دستوري يضمنه القانون، نرى أنه من الطبيعي أن نطرح في هذا الإطار إشكالية تأسيس وضمان سياسة القرب التي هي جوهر اللامركزية. لقد عرفت الولاية الحالية للمجلس خلال مختلف اجتماعاته عدة تشنجات وأزمات بين مختلف المكونات السياسية وصلت إلى حد التشابك بالأيادي وتبادل الاتهامات والسب والقدف مترجمة بذلك المستوى الهزيل الذي آلت إليه، بل عبرت أكثر من ذلك عن تضارب المصالح السياسية والانتخابوية على حساب ساكنة المدينة لعل أكبر إشارة هي تلك التي جاءت نتيجة زيارات متعددة لعاهل البلاد الملك محمد السادس، والتي أسفرت عن خطاب ملكي ينتقد فيه جلالته سوء التسيير والتدبير بالعاصمة الاقتصادية التي تعتبر القلب النابض للمملكة، مما ساهم في إحداث المخطط الاستعجالي الذي خصص له غلاف مالي مهم وكأن المدينة بقطبها الرائد اقتصاديا غير مؤهلة لخلق مشاريع تنموية تليق بمستواها السوسيو اقتصادي ولذلك نلح في السؤال على مدى نجاعة المسؤولين في تدبير هذه الأزمة؟. إن جميع فعاليات المجتمع المدني ومكوناته وخبرائه ضاقوا درعا بالمشاكل التي تعانيها المدينة واستغلال بعض المنتخبين تحت دريعة مسؤولية التسيير، وذلك من خلال خلق بعض اللجن من أجل الاستفادة بما تجود عليهم الرئاسة، فكيف يعقل أن يخصص العمدة اعتمادات مالية ضخمة تقدر بملايين الدراهم لمحيط دائرته السكنية، في حين تعاني معظم المقاطعات من خصاص مهول في البنيات التحتية الأساسية والهشة اقتصاديا واجتماعيا، ناهيك عن الدور الموكول إلى مؤسسات التدبير المفوض في قطاعات حيوية تهم صحة وسلامة المواطنين، مرورا بالوعاء العقاري للمدينة وممتلكاتها التي يتم تفويتها بأبخسالأثمان في إشارة إلى تحديد الخروقات التي تطبع توزيع عدد من المنح إلى جمعيات محسوبة على أطراف سياسية معينة دون غيرها من الجمعيات الأخرى التي تنشط في مجالات البيئة والصحة والتعليم والثقافة والرياضة... ومن هنا وجب إعادة الاعتبار المعنوي والمادي لهذه المدينة التي سقطت في أخطاء تسيير منتخبيها خصوصا الموالين لرئيس الجماعة الحضرية للدار البيضاء، فقد عبر الخطاب الملكي السامي عن مدى سداد رؤية جلالته الثاقبة إزاء حل المعضلات التي ألمت بالدارالبيضاء لغيرة جلالته وسهره الدائم على إرساء مؤسسات منتخبة مسؤولة ونزيهة. وسبق لأحزاب اليسار (حزب التقدم والاشتراكية، حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الحزب الاشتراكي الموحد، المؤتمر الوطني الاتحادي) استنادا إلى حق ومسؤولية المواطنين في مراقبة ومحاسبة المسؤولين عن تسيير وتدبير شؤون المدينة، أن نظمت قبل الانتخابات الجماعية 2009 محاكمة رمزية لمحمد ساجد رئيس مجلس الجماعة الحضرية للدار البيضاء تحت شعار ''مواطنة، مسؤولية، محاسبة''،والمتعلقة بحصيلة تدبير الشأن المحلي للفترة الممتدة ما بين 2003-2009، لعدم قيام المدعى عليه أي مجلس المدينة بمهامه وأخل بمسؤولياته الملقاة على عاتقه، في جلسة ترأس أطوارها الأستاذ محمد بنزاكورعن حزب التقدم والاشتراكية، حيث عبر هذا الأخير أن ما حملته الوثائق التي قدمت للهيئة آنذاك من خروقات مدعمة بشهادات عدد من الفاعلين والخبراء من أبناء المدينة الذين تابعوا التجربة عن قرب، تكشف أن مكتب مجلس المدينة لم يقم بالمهام المنوطة به التي من أجلها انتخب. وكانت لجنة تنسيق العمل المشترك لأحزاب اليسار قد عينت الأستاذ محمد بنزاكور عن حزب التقدم والاشتراكية رئيسا للجلسة والذي، ضمانا لمحاكمة موضوعية عادلة، عين بدوره عبد الله وافدي عن نفس الحزب محاميا مدافعا عن محمد ساجد رئيس مجلس الجماعة الحضرية للدار البيضاء. هذا الأخير، يجد نفسه اليوم في زاوية الاتهام أمام محاميه السابق الذي قرر الانتقال إلى دور المحاسب والمنتقد لسنوات من التدبير والتسيير السيئ لعاصمة اقتصادية يظل سكانها أول ضحايا انزلاقات مجلس الجماعة الحضرية، وابتعاده عن واجبه الحقيقي المتمثل في صيانة الحكامة الجيدة التي نص عليها الخطاب الملكي.