قضت المحكمة الرمزية، التي شُكلت بطلب من أحزاب اليسار بالدارالبيضاء (الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حزب التقدم والاشتراكية، حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الحزب الاشتراكي الموحد، المؤتمر الوطني الاتحادي والحزب الاشتراكي) بإدانة ساجد ومكتبه المسير لمجلس مدينة الدارالبيضاء، حيث صرحت الهيأة في حكمها بأن مجلس الجماعة الحضرية للدار البيضاء، لم يقم بالمهام المنوطة به خلال فترة ولايته من سنة 2003 الى 2009 وفق ما تتطلبه المقتضيات القانونية الجاري بها العمل. وما كانت تستوجبه الأمانة التي تحملها تجاه الساكنة. وبأنه يتحمل بالتالي مسؤولية تردي اوضاع المدينة في العديد من المجالات والتدهور الملحظوظ في اغلب الخدمات، وبأن تجربته، رغما عما تمخض عنها من انجازات جزئية وضئيلة في بعض القطاعات، اتسمت عموما بضعف التسيير وسوء التدبير وتعد فاشلة في مجملها، وغير جديرة بما يكفي من الاعتبار، مما ينبغي معه العمل على تجنب تكرارها، كما صرحت الهيأة تمهيديا، بضرورة استيعاب جميع افراد الساكنة لأهمية المشاركة بكثافة في الانتخابات الجماعية المقبلة، وبضرورة التصويت على المرشحات والمرشحين الجديرين بالثقة وبتحمل مهام تدبير الشؤون المحلية على أحسن و جه. ومعلوم أن أحزاب اليسار بالدارالبيضاء، اجتمعت تنسيقيا منذ اشهر لدراسة التدبير الفاشل لأغلبية مجلس المدينة المكونة من فسيسفاء سياسية: الاتحاد الدستوري رئيسا، والعدالة والتنمية والحركة الشعبية والتجمع الوطني للاحرار الحزب الديمقراطي... وارتأت أن تنظم هذه المحاكمة الرمزية على أن تمثل هي المدعي العام، واستدعت رئيس مجلس المدينة ساجد كي يحضر جلسة المحاكمة الرمزية، ليدافع عن حصيلة مكتبه أو ينتدب من ينوب عنه لهذه الغاية. إلا أن الرئيس لم يحضر ولم ينتدب أي أحد، مما يبين أن الجهاز المسؤول عن تدبير الجماعة غير قادر حتى على الدفاع عن حصيلة أدائه خلال السنوات الأخيرة. وقد تناول الكلمة تباعا عن الطرف المدعي، كل من محمد محب الذي تناول الشق المتعلق بمالية الجماعة، من خلال المؤشرات الموضوعية المستقاة من الحسابات الادارية، بين تدهور مالية المدينة وغياب أي تصور اداري ومالي لتحسين اداء مجلس المدينة. كما تناول الكلمة سعيد السعدي، الذي تطرق إلى السياسة القاضية بتفويت الخدمات البلدية الى القطاع الخاص، في اطار تدبير مفوض، تغيب عنه الشفافية والتتبع والمراقبة، كما تناول موضوع مراجعة عقدة ليدك وما شابها من خروقات ومكافآت للشركة على حساب مصالح المواطنين واستثمارات لصالح المدينة. أما كمال الديساوي، فقد تناول من جانبه الوضعية الكارثية التي اضحت عليها شوارع و ازقة مدينة الدارالبيضاء من جراء عدم الصيانة والغش في الاشغال لتصبح البنية التحتية الطرقية، مشكلا لمجموع ساكنة المدينة وزوارها، وهو ما خلق اكتظاظا وازدحاما، بل ادى إلى خنق المدينة ككل، في غياب نقل عمومي في مستوى حجم العاصمة الاقتصادية، مع غياب مراقبة وتتبع شركة «مدينة بيس» التي لم تف بالتزاماتها الاستثمارية، حيث انها لم تشغل سوى 200 حافلة من اصل 600 المتعاقد عليها ولم تغط سوى 40 خطا من شبكة الخطوط التي تضم 120 خطا. ومع ذلك كافأها رئيس ومكتب مجلس الدارالبيضاء بثلاث زيادات متتالية في ثمن التذاكر. ليرتفع الثمن من درهمين ونصف الى اربعة دراهم في مدة لم تتعد 3 سنوات، اي بمعدل زيادة قدرها %20 سنويا!! عبد المقصود الراشدي في مسودة ادعائه، وقف على الوضعية المزرية التي آلت اليها المركبات الثقافية. وايقاف اشغال المركبات التي كانت في طور الانجاز وغياب اية سياسة تجهيزية للمكتبات القائمة، كما عرج على التدهور الذي يعرفه المعهد الموسيقي وباقي المعاهد بسبب غياب الصيانة والعناية. كما وقف على غياب سياسة ثقافية ناجعة بالمدينة. التي يكتفي مكتبها بتمويل جزئي لمهرجان سنوي، هذا المهرجان الذي ُيجمع مثقفو المدينة على انه لم يترك اي بصمة في المجال الثقافي بالمدينة وبالاحرى على الصعيد الوطني والعالمي الاستاذ مولاي احمد العراقي،في إدعائه، تطرق الى الوضعية البيئية الكارثية للمدينة. التي تفتقر لأبسط الآليات الضرورية للمحافظة على البيئة وبالاحرى على سياسة التنمية المستدامة،التي تشكل المحافظة على البيئة وسلامة صحة المواطنين احدى ركائزها، حيث مازالت ازبال الدارالبيضاء تؤثت فضاء مزبلة مديونة بدون انتقاء الازبال، حيث تضم حتى الازبال الطبية. مما يساهم في تسميم اجواء المدينة وفرشتها المائية. وما النسبة المرتفعة لامراض الاطفال التنفسية والتي بلغت %38 لخير دليل على فشل المسيرين في هذا الجانب. مع الاعتراف أن هذه الاشكالية تعد مشتركة بين المواطنين والشركات وغيرها. بعد مداخلة الادعاء العام، تناول شهوده الكلمة حيث تطرق أحد النشطاء الجمعويين بالحي المحمدي «بلكحل حسن» إلى مشكلة السكن غير اللائق بمدينة الدارالبيضاء، متهما مجلس المدينة بعدم الوفاء بالتزاماته في هذا الباب، معتبرا أن بعض المستشارين الجماعيين يريدون الابقاء على الدواوير لتشكل قاعدتهم الانتخابية. بعده تناول أحد نشطاء جمعية ضحايا روزامور الكلمة، ليتطرق إلى مسؤوليه مجلس مدينة الدارالبيضاء في هذا الحادث وغيره بسبب الترخيصات غير القانونية لبعض المعامل والورشات الصناعية والحرفية في مناطق آهلة بالسكان في اطارمن الزبونية والمحسوبية والرشوة. كما تناول الزميل الصحفي بلقصير، اشكالية احتلال الملك العام، مضيفا أن الزبونية أضحت تخول لمن لا حق له خوصصة الملك العام على حساب مصالح الساكنة والراجلين، وعلى اماكن توقف السيارات وكذا اصحاب المحلات التجارية. حيث ان البيضاء اصبحت تشكل مجالا تجاريا فوضويا بكل المقاييس، متسائلا إن كان المستشارون الحاليون ابناء الدارالبيضاء ويكنون لها المحبة ام لا؟ اما حسن النفالي، فقد قال في شهادته بأنه فعلا ابن البيضاء ويغار عليها ويتأسف على وضعية الفن والثقافة بمدينته التي يريدها رائدة في هذا المجال، كما كانت دوما، إلا انه يلاحظ كما يلاحظ جميع البيضاويين تدهور البنية الثقافية على قلتها واقفال المسرح البلدي على علته وعدم بناء المسرح الكبير المتعهد به وغياب اي سياسة ثقافية بالمدينة الاسمنتية، وان المهرجان الثقافي الوحيد للمدينة يعهد به لأناس لا علاقة لهم بالفن والثقافة وأن الفنانين التشكيليين يفتقدون لفضاء يمكن ان يعرضوا فيه فنونهم وابداعاتهم، كما أنه ليس بمدينة البيضاء جوق جهوي على غرار المدن العالمية الأخرى. بعد النفالي، تناول الكلمة تاجر من سوق الجملة (مراد كرطومي) فاضحا الاخلالات والتجاوزات بهذه السوق. التي اصبحت مرتع اغتناء لبعض الاشخاص على حساب مالية المدينة، معتبرا أن سوق الجملة له مداخيل حقيقية تفوق 70 مليار سنتيم عوض 12مليار المصرح بها، كما طالب برفع اليد عن الشكايات التي تخص هذا الملف والتي يطالها النسيان بفعل فاعل، والتي تعد قنبلة حقيقية تبين بالملموس التدبير المالي المصلحي وغير الشفاف على حساب مصالح البيضاويين. وفي اطار المساعدة القضائية ونظرا لغياب رئيس مجلس المدينة او من ينوب عنه، انتدبت المحكمة الرمزية محاميا، والذي نفى كل ما جاء على لسان المدعى وشهوده، معتبرا أن الانجازات الكبرى خير شاهد على الحصيلة الايجابية لمكتب مجلس المدينة، كما اعتبر ان مجلس المدينة، دبر ملف ليدك احسن تدبير وبأن البروتوكول الموقع هو لصالح البيضاويين، كما نفى اي اختلالات مالية وطالب المحكمة الرمزية بانصاف رئيس ومكتب المجلس. واخبر رئيس هيأة المحكمة الاستاذ بنزكور الحاضرين، أنه قبيل بداية الجلسة تقدم احد المستشارين الجماعيين السيد مصطفى لحيا، بأن يدلي بإفادته وأن المحكمة ارتأت الاستماع اليه. وفي معرض حديثه اعتبر المستشار أن الاغلبية جاءت بعد خراب البصرة، وأن الوضعية المالية للبيضاء لا تمكنها من ميزانية للتجهيز في المستوى، بحيث أن %98 من المالية تذهب لمسائل التسيير الضرورية، اما بخصوص ملف ليدك فقد ضرب مثلا مراكشيا، حسب زعمه، يقول ان بائع خبز سرق منه احدهم خمس خبزات وفر، فما كان على البائع سوى ضربه برمانة فسقطت منه خبزتان، تمكن منهما البائع في إشارة للعشر مليارات درهم التي كانت تدين بها شركة ليدك للمدينة وتمكن المكتب من الحصول على مليارين وسامح في الباقي بتوقيعه على البروتوكول الشهير!! وفي دفاعه عن البنية التحتية الطرقية. اعتبر لحيا، أنه في السنوات السابقة كانت الامطار قليلة وبالتالي كان المكتب يقوم بالصيانة. لكن أمطار الخير لهذه النسبة، فضحت المستور و هو ما جعل القاعة تغص في الضحك جراء هذا الاعتراف. لتختلي المحكمة بعد ذلك للتداول والتي نطقت بحكمها بعد أن أبرزت الوقائع والحيثيات التي سننشرها بتفاصيلها في عدد قادم.